وكانت صفحات رسمية تابعة لقوات حفتر، قد استعرضت أمس الجمعة، عددا من الطلعات الجوية التي قامت بها طائرات تابعة له، وهي تطلق قنابل تنويرية أثناء عملياتها الاستطلاعية في الجنوب الليبي، دون أن تشير إلى نقطة انطلاقها، بينما استعرضت في منشور آخر أسماء هذه الطائرات التي أشارت إلى أنها طائرات قديمة عادت للعمل بعد صيانتها، مبينة أنها ذات طرازات قديمة كانت قوات الرئيس السابق معمر القذافي تستخدمها في قواعد ليبيا.
غير أن الخبير الأمني الليبي، محيي الدين زكري، نفى أهمية المنشور بالقول إن "هذه الطائرات لم يعد لديها القدرة نهائيا على قطع مسافات عبر صحراء ليبيا الشاسعة للاستطلاع"، مبينا في حديث لـ"العربي الجديد" أن "قطعاً جوية مثل التي يمتلكها القذافي باتت خارج الصلاحية منذ أمد، وهو أمر متعارف عليه عسكريا".
نفي الخبير دفع "العربي الجديد"، إلى البحث عن أماكن انطلاق مقاتلات حفتر، وحقيقة امتلاكه لطائرات يمكنها تغطية الجنوب الليبي. وبحسب مصادر، فإن دولا داعمة لحفتر في عمليته العسكرية المرتقبة في الجنوب الليبي كفرنسا ومصر والإمارات أصبحت تستخدم مواقع عسكرية جديدة للانطلاق منها.
وقالت المصادر، التي فضلت عدم الكشف عن هويتها، إن "عملية الجنوب عملية معقدة عسكريا لعدة أسباب أبرزها اتساع رقعة الصحراء التي تتوزع فيها المناطق والمدن بشكل معقد؛ فبين المنطقة والأخرى مئات الكيلومترات. وبالتالي يستلزم الأمر أكثر من نقطة انطلاق".
وأضافت المصادر، أن "العملية الجديدة تستخدم فيها هذه الدول عدة نقاط انطلاق، وهي قاعدة الحويمات بالقرب من الكفرة، بالإضافة لقاعدتي لويغ وواو الناموس"، مشيرة إلى أن قاعدة أبراك الشاطئ تتوفر حاليا على غرفة قيادة العمليات المقبلة.
وأوضحت المصادر أن "العملية العسكرية المرتقبة سوف تكون جوية بامتياز، ولن يرافقها تقدم بري إلا في المراحل الأخيرة منها، وستعتمد على دعم مجموعات مسلحة موالية لحفتر داخل كل منطقة"، لافتة إلى وجود مفاوضات تجري حاليا مع بعض القبائل في غات تعارض وجود حفتر لكن تلك المعارضة لن تثني الأخير.
وقالت إن "حفتر منح فرنسا قاعدة لويغ لقربها من حدود النيجر، التي تتواجد فيها قواعدها. كما أن مصر تتواجد ببعض المقاتلات في قاعدة الحويمات وواو الناموس، بالتوازي مع وصول طائرتين إماراتيتين يقودهما طياران من بلاروسيا إلى قاعدة براك الشاطئ".
ورجحت المصادر أن ينفذ حفتر خططه السابقة ذاتها بتمكين حلفائه الحاليين من تمركزات في الجنوب لحماية سيطرته، وعدم انفلات الأوضاع من قبضته مجددا كما فعل في شرق البلاد، حيث "منح الإمارات تواجدا رسميا في قاعدة الخروبة القريبة من مقر قيادته الرسمية في المرج وآخر لروسيا في قاعدة جمال عبد الناصر في طبرق".
وتعليقا على هذه التصريحات، أكّد الخبير العسكري زكري أن معلوماتها صحيحة في الجملة، قائلا "على المستوى العسكري، فإن توزيع هذه القواعد الثلاث بالإضافة لبراك الشاطئ ناجح جدا، سيمكن المقاتلات الجوية من توزيع طلعاتها بشكل منظم. كما أجزم بأن الطلعات الاستطلاعية الحالية تنطلق من هذه القواعد".
وعن أسباب منح حفتر قواعد في ليبيا، لهذه الدول، قال زكري إن "هؤلاء الحلفاء لا تربطهم علاقة حقيقية بحفتر، ولن تكون تلك المساعدة مجانية واستمرار وجودهم في هذه القواعد ضامن لتحقيق مصالحهم في البلاد"، مضيفا "حفتر تخلى عن حلفائه السابقين التبو، ومن ورائهم التشاديون وحركة العدل والمساواة السودانية، بإعلانه عن مهلة لهم للخروج من البلاد تنقضي يوم 17 القادم، وخطوة كهذه لا بد أن يكون لديه بديل قوي عنها، ودخول فرنسا إلى جانب مصر والإمارات الحليفين السابقين أمر مقنع للغاية".
وعن مواقف سلطة حكومة الوفاق بطرابلس، قال إن "داعمي حفتر الثلاثة يعرفون جيدا أن حكومة الوفاق في موقف ضعيف جدا بسبب فقدان داعميهم في روما، حيث تجري انتخابات في إيطاليا"، مشيراً إلى أن "مصير حكومة الوفاق الحقيقي مرتبط بنتائجها ولذا تسرع قيادة حفتر من بتنفيذ عملياتها في الجنوب في غياب المنافس الإيطالي الحقيقي لفرنسا".
وقال إن "حفتر يستبق أي تسوية قادمة يمكن أن تفرض دوليا عليه بتوسيع رقعة سيطرته وبتحسين صورته أمام الراي العام، من خلال حل ملفات ساخنة دوليا كانتشار مقاتلي (داعش) وملف الهجرة غير الشرعية، أو على الأقل أن يكون مفتاح حل هذه الملفات في يده، مما يجعل خيار التعامل معه أمراً مهما أمام أي طرف دولي، وفي مقدّمة هذه الأطراف السلطة الإيطالية المقبلة".