اليمن: تصعيد لإخضاع حضرموت لـ"نخبة" الإمارات

19 مارس 2018
مطالبات بتسلّيم "النخبة الحضرمية" مختلف مناطق محافظة حضرموت(فرانس برس)
+ الخط -
يبدو أن محافظة حضرموت اليمنية على أبواب تصعيد جديد، عنوانه الأبرز السعي لإخضاع مناطق المحافظة النفطية اليمنية كافة، لقوات محلية مدعومة من الإمارات العربية المتحدة و"التحالف العربي" بشكل عام، على حساب ما تبقى من قوات الجيش اليمني الموالية للشرعية، وذلك بالتزامن مع أزمة تصاعدت أخيراً في محافظة شبوة بعد أنباء عن ضمّ مديرية "بيحان" التابعة لها، إلى محافظة مأرب، التي تعتبر شمالية بالتقسيم الجهوي، الذي كان سائداً إلى ما قبل توحيد اليمن في العام 1990.

وأفادت مصادر محلية في حضرموت لـ "العربي الجديد"، بأنّ مدينة سيئون، ثاني أهم مدن المحافظة، شهدت أمس الأحد، وقفة احتجاجية دعت إليها أطراف محلية تحت شعار "النخبة لكل حضرموت"، ورفع المشاركون فيها لافتات تطالب بانتشار "جيش النخبة الحضرمية" في وادي وصحراء حضرموت، وهو الجزء الذي يخضع لسيطرة ألوية عسكرية يمنية موالية للشرعية، بقيت بعيدة عن الحرب، في إطار "المنطقة العسكرية الأولى".

ووفقاً للمصادر، فقد شملت اللافتات والشعارات التي رفعها المشاركون، عبارات تحريضية ضد "المنطقة العسكرية الأولى" بوصفها القوة التي تتألّف من جنود وضباط من مختلف محافظات البلاد، بما فيهم المنحدرون من المحافظات الشمالية، فيما جاءت المطالبات بنزعة محلية تشدّد على ضرورة أن تكون "حضرموت لأبنائها"، وترى أن "النخبة الحضرمية" التي ينتمي جميع منتسبيها تقريباً إلى محافظة حضرموت، "هي القوة التي يجب أن تتسلّم مختلف مناطق المحافظة". واختار المنظمون للفعالية مدينة سيئون، بوصفها المدينة التي يقع فيها مقر "المنطقة الأولى" وكأهم مدن الوادي.


وفيما يبدو أنه تحرّك منظم نحو التصعيد، جاءت الوقفة الاحتجاجية في سيئون بعد يوم من انعقاد الدورة الثالثة لـ"الهيئة العليا لمؤتمر حضرموت الجامع"، والتي عقدت اجتماعها في مدينة المكلا مركز المحافظة، يوم السبت الماضي، ودشنت أعمالها بحضور المحافظ، اللواء فرج سالمين البحسني، الذي يشغل أيضاً منصب قائد المنطقة العسكرية الثانية، قبل أن تخرج ببيان حمل تصعيداً غير مسبوق ضد "قوات المنطقة العسكرية الأولى"، بتحميلها المسؤولية عن "الانفلات الأمني في وادي حضرموت وعدم القيام بمهامها لحفظ أمن المنطقة".

وباتجاه الهدف نفسه، الذي تبنّته الوقفة الاحتجاجية، ناشد الاجتماع، الرئاسة اليمنية ودول التحالف "تمكين قوات النخبة الحضرمية من القيام بحفظ الأمن على كامل تراب حضرموت من خلال جملة من الإجراءات، يتم التواصل بشأنها مع السلطة المركزية وممثلي دول التحالف في وادي حضرموت والسلطة المحلية"، وتضمن أن يعمل "جميع الحضارم كلاً من موقعه من أجل تنفيذ هذه الإجراءات وإعادة تموضع القوات المنقولة من خارج المحافظة إلى مناطق التماس داخل نقاط المواجهة مع الانقلابيين"، في إشارة إلى أن قوات الجيش الموجودة في "الوادي"، يجب أن تذهب إلى خارج المحافظة.

كذلك، طالب المؤتمر بـ"ضرورة تمكين حضرموت وأبنائها من إدارة شؤونهم كافة، بعيداً عن مختلف أشكال التبعية والتهميش"، وأن "تكون حضرموت واحدة موحدة عسكرياً وأمنياً وإدارياً، ورفض أي شكل من أشكال تقسيمها ساحلاً ووادياً بأي صورة من الصور"، معلناً عن "حق أبناء حضرموت في اتخاذ إجراءات تصعيدية"، بما فيها وقف ضخ النفط واللجوء إلى التظاهرات.

وتُقسَّم حضرموت عسكرياً إلى منطقتين، المنطقة العسكرية الأولى في "الوادي والصحراء"، وتمثّل آخر ما تبقى من قوات من الجيش اليمني بمكوناته التي كانت سائدة قبل الحرب، وهي قوات تواجه تصعيداً من حين لآخر، إذ تحوّلت إلى ما يشبه "حجر عثرة" أمام التقسيم الذي يتم فرضه في جنوب اليمن وشرقه، برعاية إماراتية وصمت سعودي. وترفض قيادة هذه القوات، وأغلب منتسبيها من المحافظات الشمالية، تسليم مواقعها إلى "النخبة الحضرمية"، القوة الجديدة، التي تمثّل المنطقة العسكرية الثانية، وتسيطر على الساحل وتصنّف كذراع للإمارات في حضرموت، على غرار "الحزام الأمني" في عدن ومحيطها.

ومع ذلك، فإن الوضع في حضرموت يكتسب خصوصية، إذ إن بعض المطالبين بالتسليم للنخبة، ينطلقون بدوافع النزعة نحو الحكم الذاتي، أكثر من كونه دعماً لأبوظبي وحلفائها. ويمثّل صدور البيان التصعيدي، عن اجتماعٍ، حضر في افتتاحه المحافظ الذي يقود "النخبة الحضرمية"، مؤشراً على أن التصعيد قد يكون له ما بعده في المرحلة المقبلة.

من جهة أخرى، ترافق التصعيد ضد قوات "المنطقة العسكرية الأولى" في الوادي، مع أزمة تصاعدت في محافظة شبوة، المحاذية لحضرموت من الغرب، حيث بدأت قيادات محسوبة على الحراك الجنوبي ومن "المجلس الانتقالي الجنوبي"، المدعومة إماراتياً، باحتجاجات تصعيدية، عقب أنباء عن صدور توجيهات عسكرية تجعل من "بيحان" التابعة إدارياً لمحافظة شبوة، والحدودية مع مأرب، تابعة عسكرياً للأخيرة، وهو ما أثار سخطاً واسعاً في أوساط جنوبية، اعتبرت ذلك، ضماً لمنطقة جنوبية إلى الشمال، ودعت إلى احتجاجات رافضة للخطوة.