أكد عضو هيئة الحقيقة والكرامة التونسية، عادل المعيزي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الهيئة، وفي إطار عملها لتحقيق العدالة الانتقالية والبحث والتقصي عن الحقيقة بشأن انتهاكات حقوق الإنسان، تمكنت أخيرا من الوصول إلى وثائق من الأرشيف الفرنسي تصنف في خانة "السرية".
وفيما أكدت رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة، سهام بن سدرين، أن إحدى الوثائق كشفت عن استخدام فرنسا لبنزرت قاعدة لاستخدام النووي من طرف حلف شمال الأطلسي، في حربهما على روسيا، قال المعيزي إنّ الهيئة حصلت على الوثائق بحسب القانون عدد 53، وطبقا للفصل 40، والذي يشير إلى أن الهيئة وفي إطار إنجازها لمهامها تتمتع بصلاحية طلب معلومات من جهات رسمية أجنبية ومنظمات أجنبية غير حكومية، طبقا للمعاهدات الدولية المبرمة بهذا الشأن، معتبرا أن "الهيئة تسعى إلى الحصول على أرشيفات تهم الدولة التونسية".
وعبر المعيزي عن أمله في أن تعمل مؤسسة الأرشيف الوطني على منوال الهيئة لاستعادة الأرشيفات التي لا تزال موجودة في فرنسا، وتهم الدولة التونسية في فترة الاستعمار الفرنسي، إذ غادرت الإدراة الفرنسية سنة 1956 حاملة معها "جزءا مهما من أرشيفات تونس، والتي تبقى عنوان السيادة".
وأوضح المتحدث ذاته أن "هذا الأرشيف يعود إلى فترة الاستقلال، ويهم الجهات الرسمية التونسية، لأنه عنوان للسيادة الوطنية"، مبينا أن "الوثائق هي حاليا بذمة هيئة الحقيقة والكرامة، التي تمكنت من الحصول على نسخ منها، وقد تساعدها في كشف جزء مهم من التاريخ المغيب على الشعب التونسي".
وبيّن عضو هيئة الحقيقة والكرامة أنه سافر إلى فرنسا والتقى وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، وأنه وجد "تعاونا كبيرا من السلطات الفرنسية، إذ تم تقديم جميع التسهيلات للهيئة لتباشر عملها وتطلع على العديد من الوثائق"، مشيرا إلى أنه لا يمكنه الخوض في محتوى الوثائق والأرشيف، "لأن المحتوى وما تم الوصول إليه يبقى من مشمولات الدولة التونسية، والتي يتعين عليها العمل على استعادة هذا الأرشيف الهام".
من جهتها، أكدت رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة أن "الهيئة تسلمت من فرنسا أرصدة تاريخية من الحجم الثقيل"، مضيفة، في تصريح إذاعي أمس، أن "أرشيفا هاما تم الاستحواذ عليه من طرف فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة، وأنه ستتمّ دعوة الدولة التونسية رسميا للمطالبة بجميع أرصدتها الأرشيفية لدى فرنسا".
وكشفت بن سدرين أن الهيئة تمكنت من الحصول على جزء من هذا الأرشيف، وأن "الغاية كانت الحصول على الأرشيف المتعلق بمعركة بنزرت، لكنهم فوجئوا بوثيقة فرنسية تعمدت السلطات الفرنسية إخفاءها عن الباحثين، لأنها (سرية)، إلا أن الهيئة تمكنت بطرقها الخاصة من الحصول عليها، لتكتشف حقائق خطيرة تتعلق باعتماد بنزرت قاعدة لاستخدام النووي من طرف حلف شمال الأطلسي، بإشراف فرنسا، في حربهما على الاتحاد السوفييتي آنذاك، دون الاهتمام بتداعيات هذا الأمر الخطير على مصير التونسيين".
وأضافت أن من "الوثائق التي تم الحصول عليها تلك المتعلقة باتفاقيات أبرمت عام 1955، وتتعلق باستغلال فرنسا لكل (خبايا الأرض) من نفط وملح وماء وفوسفات، وغيرها من الاتفاقيات، دون إلغاء هذه الاتفاقيات التي ما زالت سارية المفعول وبشكل استعماري".
وأكدت رئيسة الهيئة أن الوثائق التي حصلت عليها الهيئة على امتداد فترة عملها لن يتم تسليمها لأي جهة أجنبية كانت أم محلية من النظام السابق.
وفي ما يتعلق بالتمديد في مدّة عمل الهيئة، قالت بن سدرين إن هذا الأمر يعتبر "قرارا" وليس "طلبا"، داعية بعض أعضاء مجلس النواب إلى الاطلاع على قانون العدالة الانتقالية، معتبرة أن "الهيئة مارست صلاحيتها وفقا لما نص عليه القانون".
وأوضحت أن "التمديد في أعمال الهيئة لن يتطلب تخصيص ميزانية جديدة ومصاريف إضافية"، مشيرة إلى أنه "كان من المنتظر أن تستكمل الهيئة عملها خلال شهر مايو/ أيار القادم، ولكنها واجهت (تعطيلات) مقصودة من بعض الجهات".
ويشار إلى أن الفصل 18 من قانون العدالة الانتقالية ينص على أن "مدة عمل الهيئة حدّدت بـ4 سنوات بداية من تاريخ تسمية أعضائها، وهي قابلة للتمديد مرة واحدة لمدة سنة بقرار معلل من الهيئة".