وهدّد "الحريديم" (اليهود الأورثوذكس الأصوليون)، بحل الحكومة الحالية، في حال لم يتم التصويت نهائياً، على قانون إعفاء اليهود "الحريديم" من الخدمة العسكرية الإلزامية، والاعتراف بحقهم في دراسة التوراة في المعاهد الدينية، وذلك بناء على التوجيهات التي حصل عليها نائب وزير الصحة الإسرائيلي عن حزب "يهدوت هتوراة"، من مجلس الحاخامات الكبرى.
وذكرت الصحف الإسرائيلية، أنّ شركاء نتنياهو في الائتلاف الحكومي، يشكّكون في صدق رئيس الحكومة، بحل الأزمة الائتلافية الحالية، وعدم استغلالها للدفع لانتخابات جديدة تمكّنه من العودة للحكم، دون أن يتهم بأنّه جرّ الدولة لانتخابات، بسبب التحقيقات التي تلاحقه في عدة ملفات فساد.
وأعرب أكثر من محلل، منهم يوسي فيرتير في "هآرتس"، وناحوم برنيع في "يديعوت أحرونوت"، وبن كاسبيت في "معاريف"، عن اعتقادهم بأنّ نتنياهو لن يتخذ قراره قبل مطلع الأسبوع القادم، وأنّه قد لا يتجّه لحل الأزمة الائتلافية الحالية، على الرغم من أنّ هناك محاولات جادة للتوصّل إلى مقترح تسوية لقانون تجنيد "الحريديم".
وبحسب ما ذهب إليه كل من برنيع وكاسبيت، فإنّ شركاء نتنياهو، وخاصة وزير التعليم نفتالي بينيت زعيم حزب "البيت اليهودي"، بدأوا مشاورات لمحاولة تشكيل ائتلاف حكومي بديل، يسد الطريق أمام الذهاب لانتخابات جديدة. وتقوم هذه المحاولة على تشكيل حكومة من مركبات الائتلاف الحالي مع إضافة "المعسكر الصهيوني" بقيادة يتسحاق هرتسوغ، بحسب الكاتبين الإسرائيليين، مشيرين إلى اللقاء الذي جمع بين هرتسوغ وبينيت على هامش مؤتمر اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة "أيباك"، مطلع الأسبوع الحالي.
وبحسب هؤلاء، فإنّه إذا شعر نتنياهو، أنّ مثل هذه الحلول البديلة تسير جدياً، فقد يسارع إلى استباق الأمور والذهاب لانتخابات مبكرة، وضمان عدم حدوث مفاجآت جديدة، في الصيف المقبل.
وكان نتنياهو قد قال، قبيل مغادرته نيويورك، أمس الخميس، إنّه إما أن يتعهّد شركاؤه في الائتلاف، بالبقاء في الحكومة حتى إكمال ولايتها كلها، أي في نوفمبر/تشرين الثاني القادم، وإما الذهاب لانتخابات مبكرة بدلاً من الاشتغال بأزمات ائتلافية متلاحقة.
وفسّر مراقبون في إسرائيل، هذا التصريح، بأنّه محاولة من نتنياهو، لضمان تأكيدات من الأحزاب المشاركة في الحكومة البقاء فيها، والتعهد بذلك حتى في حال قرر المستشار القضائي للحكومة أواخر العام الحالي، بحسب التقديرات، قبول توصيات الشرطة في ملفات الفساد، وتقديم لوائح اتهام رسمية ضد نتنياهو.
وكانت الشرطة الإسرائيلية قد قدمت، الشهر الماضي، توصيات رسمية بتقديم نتنياهو للمحاكمة في ملفي فساد معروفين باسم "الملف 1000" والذي يتصل بتلقي نتنياهو هدايا ورشى بشكل غير قانوني من الرجل الثري أرنون ميلتشين، وفي "الملف 2000" والذي يتصل بمحاولة نتنياهو إبرام صفقة مع ناشر "يديعوت أحرونوت"، بتغيير خط تحرير الصحيفة، مقابل منع صحيفة "يسرائيل هيوم" المنافسة لـ"يديعوت أحرونوت"، والتي توزع مجاناً من إصدار ملحق أسبوعي جديد.
وشهد الأسبوع الماضي تحوّلاً لافتاً، عندما أعلنت الشرطة الإسرائيلية، بعد ساعات من التحقيق مع نتنياهو وزوجته سارة، في ملف شركة "بيزك" للاتصالات، والموقع الإلكتروني "والا" المعروف باسم "القضية 4000"، عن توقيع نير حيفتس، المستشار الإعلامي السابق لعائلة نتنياهو، اتفاق شاهد ملكي ضد نتنياهو؛ لينضمّ بذلك إلى شلومو فيلبر مدير عام وزارة الاتصالات، والمقرّب هو الآخر من نتنياهو، والذي كان قدّم شهادات للشرطة، تؤكد ضلوع نتنياهو بتقديم تسهيلات مالية وأرباح هائلة لصاحب شركة "بيزك" وصاحب موقع "ولا" شاؤول إيلانوفيتش، مقابل الاهتمام بأن ينشر الموقع أخباراً وتقارير إيجابية عن نتنياهو، ومنع نشر تقارير مناهضة له.
في المقابل، شنّ نتنياهو هجوماً غير مسبوق، على الشرطة الإسرائيلية والنيابة العامة، مدعياً أنها تمارس ضغوطاً على الشهود لابتزازهم، ومنحهم مكانة شاهد ملكي، وحصانة من محاسبتهم على جرائمهم، مقابل الإساءة لنتنياهو، في إطار مسعى اليسار والإعلام، وحتى جهاز القضاء، لإسقاطه من الحكم، بحسب ادعاءاته.