وبدأت عملية نقلٍ جماعي لأشخاصٍ من دوما، ظهر اليوم. وبينما تقول وسائل إعلامٍ روسية، ووكالة "سانا" الرسمية، إن الحافلات المغادرة لدوما من "معبر الوافدين" تقل عناصر "جيش الإسلام"، أكدت مصادر من المدينة لـ"العربي الجديد"، أن الحافلات ليست لنقل عناصر هذا الفصيل، بل ستحمل مدنيين ومقاتلين آخرين، لشمال غرب سورية.
وأكد مصدرٌ مطلعٌ على تفاصيل المفاوضات الجارية بين لجنة تمثل مدينة دوما، وعسكريين روس، أن "الحافلات التي دخلت، اليوم الاثنين، إلى دوما لن تنقل مقاتلين من جيش الإسلام لخارج الغوطة الشرقية، ويتم الآن (ظهر الاثنين) تسجيل أسماء عدد من الحالات الإنسانية وأشخاص آخرين، سيتوجهون في هذه الحافلات إلى شمال سورية، ويتوزعون في مناطق إدلب وحلب. وقد غادرت بعض الحافلات فعلاً".
وأكد المصدر، وهو من وجهاء مدينة دوما، لكنه طلب عدم كشف هويته لـ"أسباب أمنية"، أن "الحديث عن أن هذه الحافلات ستقل مقاتلين من جيش الإسلام ليس دقيقاً"، لكنه أشار إلى أن "مقاتلين لا يتبعون لجيش الإسلام، سيخرجون بسلاحهم الفردي في هذه الحافلات".
وتقول مصادر من دوما لـ"العربي الجديد"، وهي مطلعة على تفاصيل عملية نقل "حالات إنسانية" ومدنيين ومقاتلين بسلاحهم الخفيف من دوما لشمال سورية، إن المقاتلين الذين يخرجون الآن من دوما ليسوا محسوبين على "جيش الإسلام"، الذي لم يتم التوافق على مصير عناصره حتى الساعة، بل هم مجموعة مقاتلين كانوا منضوين في مجموعات عسكرية ليست محسوبة على "جيش الإسلام"، وإن كانت هذه المصادر لم تنف أن يكون "بعض عناصر هذا الفصيل قرروا الخروج مع الحافلات المغادرة، من دون أن يكون ذلك ضمن اتفاقٍ شامل لم تتضح صورته النهائية.
من جهته، قال "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، عصر اليوم الإثنين، إن "الاتفاق بين الروس وجيش الإسلام مؤكد، ولكن الخلاف حالياً داخل صفوف قيادات جيش الإسلام. فالقيادي أبو عبد الرحمن كعكة هو الطرف الذي يرفض الخروج من دوما"، مشيراً إلى أن "المؤكد أن جيش الإسلام قد وقع اتفاقا مع الاحتلال الروسي يفضي إلى خروج مقاتلي جيش الإسلام باتجاه جرابلس والباب، وبقاء من يرغب بالبقاء، ليكونوا ضمن قوات محلية في مدينة دوما، بالإضافة إلى مجلس محلي في مدينة دوما، على أن يفرج جيش الإسلام عن المعتقلين والمختطفين لديه، وتدخل الدوائر الحكومية مع الشرطة الروسية إلى مدينة دوما".
وكانت وكالة النظام السوري الرسمية "سانا" تحدثت، ظهر اليوم، عن "خروج دفعة حافلات من مدينة دوما بالغوطة الشرقية، على متنها عدد من إرهابيي جيش الإسلام وعائلاتهم، تمهيداً لنقلهم إلى جرابلس".
كما تحدثت وسائل إعلام روسية ناطقة بالعربية، ولها مراسلون في مخيم الوافدين الذي تعبر منه الحافلات من دوما إلى أوتستراد دمشق - حمص الدولي، عن أن حافلتين غادرتا المعبر، وعلى متنهما عناصر من "جيش الإسلام"، فيما من المتوقع خروج حافلاتٍ أخرى دخلت إلى دوما قبل الظهر لبدء عملية نقل جماعي، سيكون من ضمنها "حالات إنسانية" جرى اتفاق على إجلائها نحو مناطق شمال غرب سورية.
وكانت مصادر إعلامية روسية ذكرت، ظهر اليوم الإثنين، أن نحو 50 حافلة وصلت لمدينة دوما لإخراج مقاتلي "جيش الإسلام" منها، في الوقت الذي تعذر التواصل مع قياديين بهذا الفصيل لمعرفة موقفهم.
ورغم نفي القيادي السياسي في "جيش الإسلام" محمد علوش، التوصل لاتفاق نهائي كامل، إلا أن وسائل إعلام تابعة للنظام، وأخرى مقربة منه، قالت إن الاتفاق تم التوصل إليه بالفعل.
وذكرت وسائل إعلام النظام، منذ ظهر أمس الأحد، أن اتفاقاً تمّ التوصل إليه، تنتهي بموجبه سيطرة "جيش الإسلام" على دوما، التي "اقتربت من الالتحاق بنظيراتها من قرى وبلدات الغوطة"، بحسب صحيفة "الوطن" المقربة من النظام.
وكان سبق حديث "الوطن" بساعات، ما نشره "الإعلام الحربي المركزي" (التابع لحزب الله اللبناني) بأن بنود الاتفاق تشمل خروج عناصر "جيش الإسلام" إلى مدينة جرابلس في ريف حلب الشمالي الشرقي عند الشريط الحدودي مع تركيا "بسلاحهم الخفيف، وتشكيل فريق عمل برئاسة روسية، يضمّ ممثلين عن الجانب السوري والدول الضامنة لعملية أستانة، لترتيب موضوع تسليم المختطفين من المدنيين والعسكريين الموجودين في سجون جيش الإسلام للدولة السورية"، إضافة إلى "تسليم (جيش الإسلام) الأسلحة الثقيلة والمتوسطة للجيش السوري، مع التشديد على منع وجود أي سلاح خفيف في مدينة دوما. وسيكون تنفيذ هذا البند بعد تشكيل مجلس محلي في دوما، توافق عليه الدولة السورية".
لكن رئيس الهيئة السياسية في "جيش الإسلام" محمد علوش، نفى، مساء أمس الأحد، صحة هذه المعلومات، قائلاً إن ما يتم تنفيذه الآن هو "اتفاقٌ جزئي"، تمّ التوصل إليه قبل يومين مع المفاوضين الروس، لإخراج الحالات الإنسانية الحرجة من مدينة دوما، نحو مناطق شمال غرب سورية. كما أن قائد هذا الفصيل عصام بوياضاني، قال أمس، في كلمةٍ له من دوما، إن المفاوضات مع الروس تتمحور حول البقاء في دوما وليس مغادرتها.
وخرجت بالفعل، أمس الأحد، 30 حافلة تقل حالات إنسانية من مصابين ومرضى، مع مقاتلين ومدنيين آخرين، من دوما، ووصلت صباح اليوم إلى منطقة قلعة المضيق، شمال غرب حماة. وسيتوزع الذين وصلوا على متن 30 حافلة، في مدن وبلدات محافظة إدلب، وأرياف حلب المتصلة بها.
ومع تحفظ "جيش الإسلام" على كشف تفاصيل المفاوضات، واكتفاء علوش بنفي المعلومات التي كشفت عنها وسائل إعلام تابعة للنظام وأخرى مقربة منها، فإن ناشطاً في مدينة دوما طلب عدم كشف هويته، قال لـ"العربي الجديد"، اليوم، إن "المعلومات لا تزال قليلة، والوفد المفاوض عن دوما يقول إنه يفاوض للبقاء في دوما"، كاشفاً في الوقت ذاته أن "مدنيين وبعض الناشطين بدأوا بمغادرة المدينة إلى الشمال السوري مع الحافلات التي انطلقت الأحد"، معتبراً أن "هناك انطباعا عاما لدى من غادروا بأن المفاوضات باتت في أيامها الأخيرة، ومن الأفضل المغادرة الآن".
ويقول قياديو "جيش الإسلام" إن المعلومات التي تكشفها وسائل إعلام النظام عن الاتفاق "غير صحيحة"، واضعين إياها في خانة "الحرب النفسية"، فيما تؤكد التصريحات التي تصدر عن وزارة الدفاع الروسية في هذا الخصوص حتى الآن، أن هذه الأخيرة لن تقبل ببقاء أي منطقة في الغوطة "خارج سيطرة الحكومة السورية".
وكان رئيس ما يسمى "مركز المصالحة" الروسي في سورية، يوري يفتوشينكو، قد اعتبر منذ يومين، أن "النجاح في ترتيب انسحاب مسلحي أحرار الشام وفيلق الرحمن من الغوطة الشرقية، أظهر جدوى الجهود المبذولة، وإمكانية إقناع تنظيم جيش الإسلام، الذي يبقى عناصره في المنطقة، بضرورة وقف القتال وترك السلاح".
وكانت وكالة "رويترز" نقلت عن مصادر من المعارضة السورية، أمس، أن "مسؤولي جيش الإسلام كانوا يحاولون باستماتة التوصل إلى اتفاق يأتي بالشرطة العسكرية الروسية إلى دوما، ويسمح للجماعة بالاحتفاظ بدور في الحفاظ على الأمن الداخلي، لكن تحت إشراف الدولة (السورية)"، لكن "مصدراً كبيراً في المعارضة على دراية بالمحادثات، أشار إلى أن روسيا، وهي حليف رئيسي للرئيس بشار الأسد، أبلغت الجماعة بقبولها هذا الترتيب، إلا أن الحكومة السورية ظلت على معارضتها له"، بحسب ما نقلت "رويترز".يذكر أن دوما هي أكبر مدن الغوطة الشرقية، ومعقل "جيش الإسلام"، وآخر مناطق سيطرة المعارضة في الغوطة، وهي الأكثر كثافة بعدد السكان هناك حالياً، حيث إن مختلف الإحصائيات تتحدث عن أن نحو 150 ألف مدني لا يزالون في دوما حتى اليوم، بعدما غادرتها آلاف العائلات خلال الأسبوعين الماضيين نحو معبر الوافدين، الذي تتواجد فيه قوات روسية، وأخرى تابعة للنظام. ويتم نقل العائلات المغادرة نحو مراكز إيواء مؤقتة في ضواحي دمشق.