أكّد نيكولاي ملادينوف، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، أن ما يحدث في الشرق الأوسط يؤثر على العالم أجمع. وحذّر ملادينوف من أن غزة على حافة الانفجار، مطالباً بأن "يعمل جميع الأطراف في الشرق الأوسط على تهدئة الأوضاع وإنهاء الحروب والصراعات، في سورية واليمن وفلسطين وجميع أنحاء الشرق الأوسط".
وجاءت أقوال ملادينوف أمام مجلس الأمن الدولي، خلال إحاطته الشهرية حول الوضع في فلسطين، وجلسة مفتوحة يشهدها المجلس لنقاش الوضع في فلسطين المحتلة.
وقال ملادينوف إن "غزة تنهار، وهذا قد يؤثر على الاستقرار النسبي الذي تشهده الضفة الغربية". وعن الوضع في غزة، تحدث ملادينوف عن "مقتل 35 فلسطينياً في غزة (خلال مسيرات العودة) على يد القوات الإسرائيلية، وهو عدد كبير"، ثم تحدث عن محاولات عبور الشريط الحدودي، قائلاً إن إسرائيل "تتهم حماس والجهاد الإسلامي باستغلال التظاهرات". ثم أشار إلى تقارير تتحدث عن محاولة رمي زجاجات حارقة بالقرب من الشريط الحدودي، قائلاً إنه ينبغي على حركة "حماس" وعلى المسؤولين عن تنظيم المسيرات العمل على منع المتظاهرين من الوصول إلى الشريط الحدودي.
وتطرق المبعوث الأممي إلى الوضع الإنساني في غزة، فقال إن السلطة الفلسطينية في شهر مارس/ آذار الماضي، قررت، ومن دون أي سابق إنذار، تخفيض رواتب الموظفين في غزة بنسبة وصلت إلى 30 في المائة. وفي مارس/ آذار، قررت السلطة الفلسطينية وقف دفع المعاشات لنحو 20 ألف موظف في القطاع العام، معتبراً أن تأثير هذه الخطوات على الوضع الإنساني في غزة "يصعب وصفه في ظلّ الظروف المأساوية التي يعيشها القطاع". وأشار إلى أن وضع المستشفيات والمدارس والخدمات الأساسية كالمياه "مهدد بالانهيار بشكل كامل".
وأشار ملادينوف في هذا السياق إلى أنه تحدث في أكثر من مناسبة مع السلطة الفلسطينية، معتبراً أن الضغط على العائلات الغزية "لن يساعد أحداً"، وطالب بأن تعود السلطة إلى دفع الرواتب للموظفين في القطاع. وناشد دولة الاحتلال الإسرائيلي تسهيل الحركة والبضائع من وإلى غزة.
وفي الشأن المتعلق بقطاع غزة أيضاً، أكد أنه من الضروري أن يعمل المجتمع الدولي كلّ ما بوسعه لمنع حدوث حرب أخرى في غزة. وأشار إلى أن وضع اللاجئين الفلسطينيين في غزة وخارج فلسطين في حالة حرجة جداً. وأكد أن التمويل لمنظمة "أونروا" يسمح باستمرار تقديم هذه المنظمة خدماتها "حتى الصيف فقط". وفي ما يخص القدس الشرقية، قال إن إسرائيل "استمرت في هدم البيوت الفلسطينية في القدس والمناطق ج"، حيث هدم في الشهر الماضي "أكثر من 30 مبنى، بما فيها مدرسة".
من جهته، أكد السفير الفلسطيني رياض منصور أن الشعب الفلسطيني في غزة يتظاهر بشكل سلمي، مشدداً على أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يستهدف الأطفال الفلسطينيين. ثم تحدث عن تصريحات الوزير الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، بأن كل من يعيش في غزة مستهدف، مطالباً المجتمع الدولي بإدانة الجرائم الإسرائيلية وتقديم الحماية للشعب الفلسطيني. وشدّد على ضرورة تشكيل تحقيق دولي مستقل بالأحداث التي وقعت خلال مسيرات العودة، معتبراً أن أي تحقيق من هذا النوع "يجب أن يكون وسيلة لتدوين الجرائم من أجل محاسبة مستقبلية".
أما السفيرة الأميركية نيكي هيلي، فادعت أن حركة "حماس" تستخدم المدنيين دروعاً بشرية، ومباني الأمم المتحدة لتخزين أسلحتها. ثم خلطت في حديثها بين "داعش" و"حزب الله" و"جماعة الحوثي" و"حماس"، قائلة إنها كلها "تستغل المدنيين". وترفض السفيرة الأميركية في أغلب الإحاطات الشهرية المخصصة للحديث عن فلسطين، منذ تولي دونالد ترامب الرئاسة، التطرق إلى ممارسات الاحتلال، بل تذهب في أغلبها إلى الحديث عن إيران.
وعلى عكس السفيرة الأميركية، قدّم سفيرا بريطانيا وفرنسا مداخلتين توجّها فيها بانتقادات لممارسات قوات الاحتلال.
وفي هذا الإطار، قال السفير الفرنسي، فرنسوا دولاتر، إن استمرار بناء المستوطنات وحصار غزة والخلاف الفلسطيني الداخلي، تشكل جميعها خطراً، وتهدد باستمرار تدهور الأوضاع.
وركز دولاتر على غزة، لافتاً إلى استخدام إسرائيل القوة بشكل غير مقبول، ومطالباً بتشكيل لجنة مستقلة للتحقيق.
كذلك تحث دولاتر عن ضرورة احترام القانون الدولي وحماية المدنيين. وأكد أنه لا يمكن فصل غزة عن بقية الأراضي الفلسطينية، ولا يمكن التوصل إلى اتفاقية سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين من دون غزة. ووجّه انتقادات حادة إلى مجلس الأمن وسكوته أمام ما يحدث وعدم الضغط من أجل التوصل إلى حل على أساس قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة ذات الصلة. وشدد على أن أي اتفاق ومحادثات بين الفلسطينيين والإسرائيليين يجب أن تلتزم بالبنود الأساسية التي وضعها المجتمع الدولي، وتمّ الاتفاق عليها. وأشار دولاتر إلى أن تلك الأسس تعتمد على حلّ الدولتين على حدود 1967، مع إمكانية تبادل للأراضي يتمّ الاتفاق عليه، والقدس عاصمة للدولتين، وحل شامل لقضية اللاجئين الفلسطينيين.