توقع سياسي إسرائيلي بارز أن تفضي التحولات الجذرية التي يدخلها ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، على توجهات السعودية إما إلى تفككها، أو إلى أن يفقد هو حياته.
وقال الوكيل الأسبق لوزارة الخارجية الإسرائيلية، شلومو أفنيري، إن التحولات الدراماتيكية التي يدخلها بن سلمان على السعودية حاليا "يمكن أن تنتهي إلى ما انتهت إليه الإصلاحات التي أقدم عليها آخر الرؤساء السوفييت ميخائيل غورباتشوف، والتي أفضت إلى تفكك الاتحاد السوفييتي، أو أن تتسبب في مقتل ولي العهد تماما، كما أدت الإصلاحات التي أدخلها الملك لويس السادس عشر في فرنسا، والتي قادت للثورة الفرنسية، وإلى إعدام الملك نفسه".
وفي مقال نشرته صحيفة "هآرتس" في عددها الصادر اليوم الخميس، أعاد أفنيري للأذهان ما قاله المفكر الفرنسي ألكسيس دو توكفيل، الذي عاش في القرن التاسع عشر، إن "أكثر الأوقات خطرا على الأنظمة المستبدة تحين عندما تحاول إحداث تحولات على نهجها، على اعتبار أن هذه التحولات تمثل تحديا للتقاليد والمؤسسات التي استندت إليها هذه الأنظمة في ضمان استقرارها".
وأضاف "حتى الآن تمكّن نظام الحكم في الرياض من الحفاظ على وجوده، بسبب الطفرة النفطية التي مكنته من توزيع مبالغ ضخمة على طبقات واسعة من المجتمع للحفاظ على الحكم المرتبط بالمذهب الوهابي".
وأشار الوكيل الأسبق لوزارة الخارجية الإسرائيلية إلى أن تراجع عوائد النفط وتفجر الثورات العربية التي أدت إلى سقوط عدد من الحكام العرب، أثارا القلق في أوساط العائلة الحاكمة في الرياض، وهو ما دفع بن سلمان إلى القيام بـ "إصلاحات" ذات طابع اجتماعي، مثل السماح للنساء بقيادة السيارات، وتقليص تأثير "هيئة الأمر بالمعروف".
وأوضح أن الغرب وإسرائيل يقدران توجّهات بن سلمان تجاه إسرائيل ومواقفه من القضية الفلسطينية، مشيرا إلى أن "هناك تقارير تؤكد استعداد الرياض للتعاون الأمني مع إسرائيل بشرط أن يكون سريا".
وأوضح المتحدث ذاته أن أخطر ما أقدم عليه بن سلمان يتمثل في شنه حملة اعتقالات وقمع ضد قائمة كبيرة من الأمراء ورجال الأعمال والنخب المثقفة، بحجة "محاربة الفساد"، دون أن تستند هذه الحملة إلى أي إطار قانوني أو تراعي حقوق المواطنين، مستذكرا أن "السعودية تفتقر إلى أي إطار قانوني، بحيث تتواصل الاعتقالات بدون سند قضائي".
وأبرز أن "هذه الإجراءات تهدف فقط إلى تمكين بن سلمان من احتكار السلطة والمال، ليكون الزعيم الأوحد للسعودية، وهو ما يمثل نسفا لتقاليد الحكم المتوارثة في البلاد منذ عشرات السنين"، مؤكدا أن ولي العهد السعودي "غير معني بتطوير مؤسسات الدولة التي تضمن إرساء دعائم القانون وتحرص على احترامه"، وأن إصلاحاته تهدف فقط إلى "إنتاجه كحاكم أوحد للبلاد فقط".
وذكر أفنيري أن حالة "العنف والقسوة التي تتسم بها إجراءات بن سلمان في الداخل تنعكس على نمط تعاطيه في العلاقات الخارجية"، مشيرا إلى أنه "تسبب في إذكاء صدع شيعي سني".
وشدد على أنه "على الرغم من أن مواقف بن سلمان تجاه إيران حظيت بدعم من دول عربية وإدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وإسرائيل، لكنها في الوقت ذاته تهدد استقرار المنطقة، لاسيما أن السعودية لم تحقق إنجازات على صعيد المواجهة مع طهران".
واعتبر أن "التدخل السعودي في اليمن انتهى بفشل ذريع، ولم يقد إلا إلى حدوث مأساة إنسانية في اليمن"، وأن افتعال بن سلمان الأزمة الخليجية وتدخله في الشأن اللبناني لم يفشلا فقط بل انعكسا على مصالح السعودية كـ"سهم مرتدّ".
وأشار أفنيري إلى ما سمّاه بـ"المهزلة المدوية" التي انطوى عليها قيام بن سلمان باحتجاز رئيس الحكومة اللبناني، سعد الحريري، وإجباره على تقديم الاستقالة، ولم يستبعد أن تفضي إجراءاته إلى "مقاومة عنيفة من قبل الأمراء وأصحاب المصالح والنخب السعودية الذين ينكل بهم"، متوقعا أن تفضي خطواته إلى "تفكك السعودية بسبب البنية العشائرية للمملكة".
وأضاف أن أي نزاع مسلح مباشر بين السعودية وإيران سينتهي بانتصار الأخيرة على الرغم من تمتع الرياض بأكثر الأسلحة الأميركية تطورا.