أفشلت الولايات المتحدة مجدداً، مساء الجمعة، اعتماد بيان صحافي من قبل مجلس الأمن يدين قتل المدنيين في غزة، بحسب ما أفادت مصادر دبلوماسية مطلعة لـ"العربي الجديد"، وهذه هي المرة الثانية التي تعرقل فيها الولايات المتحدة تبني بيان صحافي حول قتل المدنيين الفلسطينيين على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي.
وحمّل السفير الفلسطيني في الأمم المتحدة، رياض منصور، الولايات المتحدة، مسؤولية تعطيل مجلس الأمن للمرة الثانية، بسبب رفضها تبني المجلس بيانا صحافيا يدين مقتل المدنيين الفلسطينيين في غزة على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي.
وقال منصور، في تصريحات لـ"العربي الجديد": "ندين بشدة التعطيل الأميركي لمجلس الأمن، للأسبوع الثاني على التوالي، والذي أدى إلى عدم اعتماد بيان صحافي، وهو أقل ما يمكن أن يقوم به المجلس. هذا البيان الذي يؤكد على حق الفلسطينيين في التظاهر السلمي، ويدعم الأمين العام للأمم المتحدة في طلبه بالقيام بتحقيق محايد وشفاف. وهذا التعطيل يبعث رسالة استفزازية للشعب الفلسطيني".
وحول الموقف الأميركي، قال المندوب الفلسطيني: "إنهم يعطلون مجلس الأمن ويدّعون، في الوقت ذاته، أنهم يرغبون في التوصل إلى حل ما. هذا الموقف مدان وفي غاية السلبية، خاصة لأهلنا في غزة. ويدّعي (الأميركيون) أنهم يريدون أن يخففوا من معاناتهم، في الوقت الذي يقومون فيه بتعطيل خطوة رمزية وبسيطة كبيان صحافي صادر عن مجلس الأمن، وللأسبوع الثاني".
وحول الخيارات الفلسطينية على الساحة الدولية، قال منصور: "خياراتنا كلها على الطاولة، بما فيها الذهاب إلى كافة أجهزة الأمم المتحدة لتحمّل مسؤولياتها في هذا الشأن، مثل التوجه إلى الأمين العام للأمم المتحدة".
وبشأن الخطوات التي ينوي الجانب الفلسطيني والعربي اتخاذها في هذا الخصوص، أوضح: "سنرى كيف ستطور الأحداث على الأرض وعلى مستوى الدولي، ولن نسلّم. سنبقى نقرع باب مجلس الأمن، وفي اتصالات مستمرة مع الأمين العام ليتحمل مسؤوليته، وسوف نطرق أبواب أجهزة أخرى من مكونات الأمم المتحدة، بما فيها الجمعية العامة ومجلس حقوق الإنسان".
ونص البيان، الذي أفشلت الولايات المتحدة إصداره بعد أن صاغته دولة الكويت، الدولة العربية العضو في مجلس الأمن، على أن "أعضاء مجلس الأمن يعبّرون عن قلقهم الشديد إزاء الأوضاع على حدود غزة، للأسبوع الثاني على التوالي".
وينص أيضاً على "تأكييد أعضاء مجلس الأمن على الحق في التظاهر السلمي، وتعبيرهم عن أسفهم لمقتل الفلسطينيين الأبرياء"، كما يطالب بتشكيل "لجنة تحقيق مستقلة في الحوادث التي وقعت، ويطالب أعضاء مجلس الأمن باحترام القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي، بما فيها حماية المدنيين، ويدعو أعضاء مجلس الأمن جميع الأطراف إلى ممارسة سياسة ضبط النفس ومنع المزيد من التصعيد، كما يشدد أعضاء مجلس الأمن على ضرورة تعزيز العمل على عملية السلام في الشرق الأوسط، للتوصل إلى حل دائم وشامل، استنادا إلى حل الدولتين".
وأعلن عن المشروع مندوب الكويت الدائم لدى الأمم المتحدة، منصور العتيبي، في مؤتمر صحافي مشترك مع مراقب فلسطين الأممي، رياض منصور، ومندوب الجامعة العربية في الأمم المتحدة، ماجد عبد الفتاح، في مقر المنظمة بنيويورك.
وقال العتيبي: "وزّعنا مشروع بيان جديداً على أعضاء مجلس الأمن، بشأن ما يجري للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وهو مشابه تماماً لمشروع البيان الذي قمنا بتوزيعه يوم الجمعة الماضي".
وأضاف أن "مشروع بيان الجمعة الماضية، حظي بموافقة 14 دولة عضواً في مجلس الأمن، إلا أن دولة واحدة (الولايات المتحدة) رفضت حتى مجرد الانخراط ومناقشة محتوى البيان"، ما أدى إلى تعطيل صدوره. وأشار العتيبي إلى أن بلاده تجنّبت، في مشروع البيان الجديد، الإشارة إلى إدانة القوات الإسرائيلية، حتى لا يتم الاعتراض عليه.
ويتطلّب إصدار البيانات الصحافية أو الرئاسية من مجلس الأمن، موافقة جماعية لكل أعضاء المجلس (15 دولة)، وتملك أي دولة عضو إمكانية تعطيل صدور هذه البيانات بمجرد إعلان اعتراضها.
والبيان الصحافي أضعف ما يصدر عن مجلس الأمن، إذ إنه غير ملزم بتاتاً، ويأتي في المرتبة الأخيرة من حيث القوة بعد البيان الرئاسي، والقرار يعد أقوى ما يمكن أن يُصدره المجلس، بحسب "الأناضول".
بدوره، قال ماجد عبد الفتاح، مندوب الجامعة العربية لدى الأمم المتحدة، إن "اتصالات وثيقة تجري حالياً مع الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، من أجل الدفع باتجاه محاسبة الإسرائيليين المتورطين في قتل المتظاهرين اليوم".
ومنذ الجمعة الماضي، يتجمّع فلسطينيون يومياً، قرب السياج الحدودي بين غزة وإسرائيل، للمشاركة في مسيرات سلمية تطالب بعودة الفلسطينيين إلى مدنهم وقراهم التي هُجّروا منها عام 1948.
ويقمع الجيش الإسرائيلي هذه المسيرات، بشكل يومي، ما أسفر، حتى مساء اليوم، عن استشهاد 29 فلسطينياً وإصابة الآلاف بالرصاص والاختناق من جراء استنشاق الغاز المسيل للدموع، وفق وزارة الصحة الفلسطينية.