تنديد دولي بمجزرة الكيميائي في دوما.. ومطالبات بتحقيق فوري

08 ابريل 2018
32F629A7-4756-4C06-B38A-C80F8727DB4B
+ الخط -
توالى التنديد الدولي بالمجزرة التي ارتكبها النظام السوري مستخدماً السلاح الكيميائي، في مدينة دوما المحاصرة في الغوطة الشرقية. ومن واشنطن إلى لندن وأنقرة، فالمنظمات الدولية، كرّت سبحة المطالبة بتحقيق فوري في هجوم دوما، وبمعاقبة النظام السوري، "في ما لو صحت التقارير الكيميائية"، بالإضافة إلى إدانة الأطراف الخارجية الداعمة لهذا النظام، أي روسيا وإيران، ومطالبتها بالضغط عليه "لوقف جرائمه الوحشية".


وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، اليوم الأحد، عن "فزعه إزاء مزاعم استخدام الأسلحة الكيميائية ضد السكان المدنيين في دوما"، مشيراً إلى أنه "في حال ثبوتها، فسوف يتطلب الأمر إجراء تحقيق شامل بشأنها".

ودعا غوتيريس النظام السوري والجماعات المسلحة إلى "وقف القتال، واستعادة الهدوء، والالتزام الكامل بقرار مجلس الأمن 2401، وضمان احترام القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان، بما في ذلك وصول المساعدات الإنسانية عبر سورية إلى جميع المحتاجين، وفقاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة".

وأكد غوتيريس، في بيان أصدره المتحدث الرسمي باسمه ستيفان دوجاريك، أنه "لا يوجد حلّ عسكري للصراع، وأن أي استخدام للأسلحة الكيميائية، إذا ثبتت صحته، هو أمر بغيض، ويتطلب إجراء تحقيق شامل".

من جهتها، أعربت "منظمة التعاون الإسلامي" عن استنكارها وإدانتها الهجوم بالأسلحة الكيميائية على مدينة دوما.

وقالت المنظمة، في بيان، إن "الهجوم أدّى إلى سقوط عدد من القتلى المدنيين الأبرياء، ما يتنافى مع أبسط المبادئ الإنسانية وقواعد القانون الدولي، باعتبار ذلك يدخل في إطار جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية".

واستنكر الأمين العام للمنظمة، يوسف بن أحمد العثيمين، في البيان، "إصرار نظام بشار الأسد على مواصلة قصف الأحياء السكنية واستهداف المدنيين العزل".

دولياً، توعّد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، المسؤولين عن "الهجوم الكيميائي المتهور" على مدينة دوما السورية بدفع "ثمن باهظ"، واصفاً رئيس النظام السوري بشار الأسد بـ"الحيوان".


وكتب ترامب في سلسلة تغريدات على حسابه بموقع "تويتر": "قُتل كثيرون، بينهم نساء وأطفال، في هجوم كيميائي متهور في سورية. إن الرئيس (الروسي فلاديمير) بوتين وروسيا وإيران مسؤولون عن دعم الأسد الحيوان. سيكون الثمن باهظاً".

وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد وصفت، أمس السبت، التقارير عن سقوط ضحايا بأعداد كبيرة في هجوم كيميائي في دوما بسورية بـ"المروعة"، وأنّها إذا تأكدت، فإنّها "تتطلّب ردّاً دولياً"، بينما وصفتها روسيا الداعمة للنظام السوري بأنّها "زائفة".

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية، هيذر ناورت، في بيان، إنّ "هذه التقارير مروعة، وتتطلّب رداً فورياً من المجتمع الدولي إذا تأكدت". واستشهدت ناورت بتاريخ النظام السوري برئاسة بشار الأسد، في استخدام الأسلحة الكيميائية، محملة حكومة الأسد وروسيا الداعمة لها "المسؤولية"، ومشددة على الحاجة "لمنع أي هجمات أخرى على الفور".

وأضافت المتحدثة "في نهاية المطاف تتحمّل روسيا، بدعمها الذي لا يتزعزع للنظام، المسؤولية عن هذه الهجمات الوحشية".

أما الحكومة البريطانية، فدعت المجتمع الدولي إلى "تحقيق عاجل" في "الهجوم الكيميائي المروع" الذي تعرضت له الغوطة الشرقية في سورية، وراح ضحيته عشرات المدنيين من النساء والأطفال.

وأفاد بيان صادر عن مكتب الخارجية البريطانية، نشرته على موقعها الإلكتروني، بأن "هذه التقارير المقلقة للغاية عن هجوم كيميائي ومقتل عدد كبير من الأشخاص، في ما لو صحّت، ستكون دليلاً آخر على وحشية (بشار) الأسد ضد المدنيين الأبرياء، وتجاهل داعميه المعايير الدولية"، متحدثاً عن "الحاجة إلى إجراء تحقيق عاجل، كما يجب على المجتمع الدولي أن يستجيب (للتقارير). وإننا ندعو نظام الأسد وداعميه، روسيا وإيران، إلى وقف العنف ضد المدنيين الأبرياء".

فرنسياً، دعا وزير الخارجية جان إيف لودريان مجلس الأمن للاجتماع سريعاً، لبحث الوضع في الغوطة الشرقية، مؤكداً أن بلاده لن تتهرب من مسؤولياتها.

الاتحاد الأوروبي، من جهته، قال إن "هناك دلائل" على أن النظام السوري استخدم أسلحة كيميائية" ضد مدينة دوما، مطالباً بـ"برد دولي".

وأضاف الاتحاد في بيان: "الدلائل تشير إلى هجوم كيميائي آخر شنه النظام... مسألة استمرار استخدام الأسلحة الكيميائي خاصة ضد المدنيين تبعث على قلق شديد. الاتحاد الأوروبي يدين بأشد العبارات استخدام الأسلحة الكيميائية، ويدعو إلى رد فوري من جانب المجتمع الدولي"، مطالباً روسيا وإيران باستخدام نفوذهما لدى الأسد لمنع وقوع مزيد من الهجمات.

وفي تركيا، وجّه الرئيس رجب طيب أردوغان سؤالاً إلى الدول الغربية، قائلاً "أيها الغرب، متى ستلتفت إلى النساء والأطفال الذين يُقتلون في الغوطة الشرقية، حتى نقول عنك إنك تتصرف بعدل؟"، مضيفاً في كلمة له أمام مؤتمر لحزب "العدالة والتنمية" أن "دماء الأبرياء الذين اكتفيتم بمشاهدتها، تلطخت بها وجوهكم وأيديكم وتاريخكم ومستقبلكم. ولا يحق لهذه الدول (الغربية) أن تشتكي من الإرهاب والأعمال والمنظمات الإرهابية".

وقال أردوغان: "تبّاً للذين حوّلوا المأساة الحاصلة في منطقتنا إلى مطية لتجّار أسلحتهم، ولمصالحهم السياسية الداخلية، وتبّاً لما يفهمونه من الديمقراطية والدبلوماسية وحقوق الإنسان"، مضيفاً "نقول لمن يتحدثون معنا بلسان الإرهابيين، فلتذهبوا إلى الجحيم".

وأعرب نائب رئيس الوزراء التركي بكر بوزداغ عن أمل أنقرة في "ألا يمر الهجوم الكيميائي الذي نفذه النظام السوري من دون رد هذه المرة أيضاً"، معتبراً أن "الذين لا يحولون دون وقوع هذه الهجمات والوفيات يتحملون المسؤولية نفسها التي يتحملها النظام السوري".

وكانت وزارة الخارجية التركية تحدثت عن "شبهات قوية حول تنفيذ الهجوم من جانب النظام (السوري) الذي يمتلك سجلاً حافلاً باستخدام أسلحة كيميائية"، مشيرة إلى أن "هجوم دوما يؤكّد مرة أخرى تجاهل النظام السوري قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أرقام 2118 و2209 و2235".

كذلك طالب بيان الخارجية التركية بـ"ضرورة إظهار المجتمع الدولي ردة فعل في مواجهة الهجوم، وبدء المنظمات الدولية، وعلى رأسها منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، على الفور، إجراء تحقيقات في هجوم دوما"، داعية "الأطراف المؤثرة على النظام السوري إلى وقف هذه الهجمات الوحشية التي تكررت لعدم اتخاذ التدابير اللازمة سابقاً، والتي تستهدف المدنيين من دون تمييز، وتشكل جرائم ضد الإنسانية".

بدورها، أعربت قطر عن إدانتها واستنكارها الشديدين لاستخدام النظام السوري الأسلحة الكيميائية في دوما بالغوطة الشرقية، مطالبةً بتحقيق دولي عاجل وتقديم مجرمي الحرب في سورية إلى العدالة الدولية.

وعبّرت وزارة الخارجية القطرية، في بيان اليوم الأحد، عن "صدمة دولة قطر العميقة من هول هذه الجريمة المروعة التي هزت ضمير الإنسانية"، مؤكدة أن "إفلات مجرمي الحرب في سورية من العقاب أدى إلى استمرارهم في ارتكاب المزيد من الانتهاكات والفظائع، كما قوض جهود تحقيق العدالة وإنصاف الضحايا".

وشدّد البيان على أن "أي حل سياسي في سورية لن يؤدي إلى نتيجة ناجحة ومستدامة بدون محاسبة المتورطين في ارتكاب هذه الجرائم الفظيعة"، واصفاً السكوت عنها بأنه "وصمة عار في جبين الإنسانية".

روسيا وإيران

في المقابل، دافعت موسكو، اليوم الأحد، عن النظام السوري، بعد استخدامه الأسلحة الكيميائية في دوما، واصفةً المجزرة بأنّها "ملفقة" و"زائفة".

وقالت وزارة الخارجية الروسية، في بيان، إن التقارير عن هجوم الغاز بسورية "زائفة"، معتبرة أنّ اتخاذ أي عمل عسكري بناء على "هذه الحجج المختلقة والملفقة" قد يؤدي إلى عواقب وخيمة.

وأضافت الخارجية الروسية: "حذرنا مراراً وتكراراً في الآونة الأخيرة من مثل هذه الاستفزازات الخطيرة. الهدف من مثل هذه التخمينات المخادعة التي تفتقر إلى أي أساس هو حماية الإرهابيين وتبرير الاستخدام الخارجي للقوة".

ونفى الجنرال يوري يفتوشينكو، رئيس "المركز الروسي للمصالحة" في سورية، "بشدة، هذه المعلومات"، قائلاً "نحن مستعدون، فور تحرير دوما من المسلحين، لإرسال خبراء روس في مجال الدفاع الإشعاعي والكيميائي والبيولوجي، لجمع المعلومات التي ستؤكد أنّ هذه الادعاءات مفبركة"، على حد تعبيره.

بدورها، اعتبرت طهران الاتهامات بشن هجوم كيميائي في دوما "مؤامرة" ضد النظام السوري.

ومساء أمس، قُتل أكثر من 150 مدنياً، وأصيب أكثر من ألف آخرين، بينهم نساء وأطفال، بحالات اختناق، نتيجة قصف قوات النظام مدينة دوما المحاصرة، في غوطة العاصمة دمشق الشرقية، بالغازات السامة.

وقال "الدفاع المدني" في ريف دمشق إنّ قوات النظام استهدفت مدينة دوما ببرميل متفجر، يحوي غازات سامة، ما أدى إلى مقتل 40 مدنياً وإصابة آخرين بحالات اختناق، قبل أن يعود ويعلن ارتفاع عدد القتلى نتيجة الهجمة الكيميائية إلى أكثر من 150، مضيفاً، على حساباته الرسمية في مواقع التواصل الاجتماعي، أنّ فرقه لم تتمكّن من إحصاء عدد القتلى بشكل دقيق بسبب القصف المتواصل.

(العربي الجديد)

ذات صلة

الصورة
من مجلس العزاء بالشهيد يحيى السنوار في إدلب (العربي الجديد)

سياسة

أقيم في بلدة أطمة بريف إدلب الشمالي وفي مدينة إدلب، شمال غربي سورية، مجلسا عزاء لرئيس حركة حماس يحيى السنوار الذي استشهد الأربعاء الماضي.
الصورة
غارات روسية على ريف إدلب شمال غرب سورية (منصة إكس)

سياسة

 قُتل مدني وأصيب 8 آخرون مساء اليوم الثلاثاء جراء قصف مدفعي من مناطق سيطرة قوات النظام السوري استهدف مدينة الأتارب الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة
الصورة
قبور الموتى للبيع في سورية / 6 فبراير 2024 (Getty)

اقتصاد

تزداد أعباء معيشة السوريين بواقع ارتفاع الأسعار الذي زاد عن 30% خلال الشهر الأخير، حتى أن بعض السوريين لجأوا لبيع قبور ذويهم المتوارثة ليدفنوا فيها.
الصورة
قوات روسية في درعا البلد، 2021 (سام حريري/فرانس برس)

سياسة

لا حلّ للأزمة السورية بعد تسع سنوات من عمر التدخل الروسي في سورية الذي بدأ في 2015، وقد تكون نقطة الضعف الأكبر لموسكو في هذا البلد.