قالت مصادر سياسية مصرية إن دوائر داخل أروقة النظام تدرس مسألة إدخال تعديل وزاري من عدمه، مع بداية الولاية الثانية للرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي. وأشارت إلى أنه تم طرح ثلاثة أسماء لتولي منصب رئيس الوزراء، خلفاً للمهندس شريف إسماعيل، الذي يعاني وضعاً صحياً متراجعاً، في حال اعتماد السيناريو الخاص بإجراء التعديل.
وكشفت المصادر، لـ"العربي الجديد"، عن أن محافظ البنك المركزي الأسبق، الدكتور فاروق العقدة، يتصدر الترشيحات الثلاثة، يليه الدكتور محمود محيي الدين نائب رئيس البنك الدولي وصاحب ملف خصخصة القطاع العام خلال تولّيه منصب وزير الاستثمار إبان عهد الرئيس المخلوع، حسني مبارك، في حين تبنّى فريق داخل مؤسسة الرئاسة تصعيد وزير الإسكان، الدكتور مصطفى مدبولي، لمنصب رئيس الوزراء، خصوصاً أنه قام بمهام المنصب لنحو شهرين حين سافر إسماعيل إلى ألمانيا لإجراء جراحة هناك. في المقابل، أوضحت المصادر أن هناك فريقاً داخل أجهزة الدولة السيادية يتبنى فكرة استمرار الحكومة الحالية، برئاسة إسماعيل، إلى حين اتخاذ الدفعة الجديدة من القرارات المتعلقة بتوصيات صندوق النقد الدولي، المتمثلة في رفع الدعم، وزيادة أسعار المحروقات، ورفع أسعار خدمات الكهرباء والمياه والصرف الصحي. ولفتت المصادر، التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، إلى أن أصحاب وجهة النظر هذه يرون أن تتحمّل حكومة إسماعيل تبعات تلك القرارات إعلامياً، قبل التخلص منها، وقدوم حكومة جديدة تعمل وفقاً للوضع الجديد الذي سيترتب على تلك الزيادات المرتقبة.
وأعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات، في الثاني من إبريل/نيسان الحالي، رسمياً فوز السيسي بالانتخابات الرئاسية التي جرت على مدار ثلاثة أيام، بدأت في 26 مارس/آذار الماضي، وثار حولها لغط كبير بشأن عمليات التدخل الحكومي لإجبار المواطنين وموظفي الحكومة على التصويت والذهاب للمقار الانتخابية ومعاقبة المتخلفين عن التصويت، في محاولة لزيادة نسبة المشاركة. يأتي هذا في الوقت الذي تحدثت فيه مصادر سياسية عن ترتيبات جديدة يتم تجهيزها للمشهد السياسي والإعلامي المصري خلال الفترة المقبلة، مع بدء الولاية الثانية للسيسي، موضحة أن من بين تلك الإجراءات إطلاق حزب رسمي للدولة على غرار "الحزب الوطني"، الذي كان متواجداً إبان عهد مبارك، وتم حله بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، مشيرة إلى أن المكتب التنفيذي لائتلاف "دعم مصر" البرلماني، الذي تشكل خلال فترة التجهيز للانتخابات البرلمانية الماضية بتدخل من أجهزة الأمن الوطني والاستخبارات العامة والاستخبارات الحربية، بدأ بإجراءات تأسيس الحزب الجديد. وأوضحت المصادر أن الأمر لا يتوقف على إطلاق حزب "دعم مصر" الجديد فقط، بل إن الأمر سيشمل دمج عدد كبير من الأحزاب، التي وصفتها بالشكلية، في حزبين أو ثلاثة أحزاب، في محاولة لإضفاء ديكور سياسي على النظام الحالي في صورته الجديدة التي يسعى لتصديرها للغرب خلال الفترة المقبلة، في إشارة إلى أن النظام المصري يعتزم فتح آفاق السياسة في ولايته الثانية، بعد أن قام بترسيخ دعائم الدولة في الولاية الأولى، بحسب تعبير المصادر.
وأشارت المصادر إلى أن هناك توجهاً حازماً، مع بداية الولاية الثانية للسيسي، لإخضاع كافة وسائل الإعلام، ومنع أي منها عن الخروج عن النص. وكشفت عن دعوة رؤساء تحرير الصحف القومية والخاصة الكبرى لاجتماع في إحدى الجهات السيادية للاتفاق على طريقة العمل خلال الفترة المقبلة. واستهلّ السيسي ولايته الثانية بهجمة شرسة على وسائل الإعلام، عبر إغلاق موقع "مصر العربية"، وإلقاء القبض على رئيس تحريره، بعد تغريم الموقع 50 ألف جنيه، وكذلك تغريم صحيفة "المصري اليوم" 150 ألف جنيه مصري، وإحالة رئيس تحريرها للتحقيق، بسبب تغطيتهما للانتخابات الرئاسية الأخيرة بشكل أغضب أجهزة الدولة، بعد ترجمة الأولى لتقرير أعدته صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، تحت عنوان "المصريون يزحفون إلى صناديق الاقتراع بـ3 دولارات"، وكشف عن عمليات شراء الأصوات، من جانب رجال أعمال وأجهزة الدولة، مقابل الذهاب إلى اللجان الانتخابية. في حين جاء عقاب "المصري اليوم" بسبب مانشيت، العدد الصادر في 29 مارس الماضي، "الدولة تحشد المواطنين في آخر أيام الانتخابات"، أشار فيه للضغوط والحوافز التي مارستها أجهزة الدولة على المواطنين.