وتجاهل المجلس الأعلى للدولة، خلال اجتماعه مساء الإثنين، الرد بشكل مباشر على تصريحات صالح التي أدلى بها لقناة مقرّبة منه، وأكد خلالها أن "الاتفاق السياسي لا يمكن أن يشكل حلاً للأزمة في ليبيا"، وأنه "يجب الذهاب إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية خلال العام الجاري".
وأشار بيان المجلس الأعلى للدولة إلى أن اجتماعه أكّد "ضرورة تعديل الاتفاق السياسي والذهاب إلى إعادة تشكيل المجلس الرئاسي، وتكوين حكومة منفصلة عنه".
وعلّل بيان المجلس موقفه بأن مجلساً رئاسياً وحكومة جديدين سيضمنان "توحيد مؤسسات الدولة المنقسمة على نفسها قبل الوصول إلى مرحلة الانتخابات"، مشيراً إلى أن "الانتخابات لن تشكّل حلاً للأزمة، في ظل استمرار انقسام مؤسسات الدولة"، وأن "توحدها سيشكل أحد أسباب ضمان القبول بنتائج الانتخابات".
وشدّدت تصريحات لأعضاء من مجلس الدولة في طرابلس على "تجاوز تصريحات صالح، والمضي في مسار تعديل الاتفاق السياسي، من أجل إعادة تشكيل مجلس رئاسي جديد وحكومة وفاق جديدة".
في المقابل، نفى عضو مجلس النواب ورئيس لجنته للحوار، عبد السلام نصية، أن يكون في تصريحات صالح "أي تراجع"، وقال، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "الوضع الراهن في البلاد هو ما فرض الدعوة للانتخابات".
وأضاف نصية: "لم يكن مجلس النواب أول الداعين للانتخابات، فهو مطلب من قبل كل الأطراف الليبية، ونحن أكدنا عليه الآن"، مشدداً على أن "المضي في الحديث عن تعديل للاتفاق السياسي سيطيل عمر الأزمة".
وعلّل المتحدث ذاته المطلب بالقول: "الانتخابات حلّ لتجنب استمرار الأزمة في مستواها السياسي والاقتصادي، كما أن تشكيل مؤسسات سياسية جديدة سيحد من انتشار الفساد الإداري والمالي، الذي تقف وراءه مليشيات ومتنفذون، بدلاً من انتظار تعديل للاتفاق السياسي الذي لن نصل إليه".
وعن إمكانية إقامة الانتخابات على أساس الدستور، اكتفى بالقول إن "إصدار قانون للاستفتاء على الدستور تعثّر بسبب وجود مشاكل قانونية ودستورية في نصوص الدستور المطروح حالياً، فلا يوجد حل إلا الانتخابات على أساس قانون لجنة فبراير السابق".
وجاء الانقسام الجديد بعد أقل من أسبوع على الحديث عن انفراج في الأزمة في ليبيا، عقب لقاء رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الدولة، خالد المشري، في الرباط، دعا خلاله صالح والمشري إلى "ضرورة المضي في تعديل الاتفاق السياسي"، قبل أن يتراجع رئيس برلمان طبرق عن تصريحاته السابقة، لينساق في مسار عرقلة جديدة برزت الأحد في القاهرة، إثر دعوة فرنسية مصرية لضرورة ذهاب ليبيا إلى "انتخابات عاجلة".
إلى ذلك، أكّد السياسي الليبي البارز، عبد الرزاق العرادي، ضرورة إجراء الانتخابات على أساس الدستور، مؤكداً، في تصريحات صحافية، أن "قانون لجنة فبراير تم الطعن فيه من قبل حكم المحكمة الليبية العليا منذ سبتمبر/ أيلول عام 2014، ولذلك لن يكون أساساً سليماً للانتخابات المقبلة".
وبشأن عودة الانقسام السياسي، اعتبر المحلل السياسي الليبي، جمعة بوسعدة، أن "مجلس النواب، ومن ورائه داعمو خليفة حفتر، يسعون إلى تمديد الفترات الانتقالية لضمان بقاء قوات حفتر خارج الجدل السياسي".
وقال بوسعدة: "دمج مؤسسات الدولة في ظل مجلس رئاسي جديد وحكومة جديدة سيشكل خطراً على قوات حفتر، التي ستكون مضطرة للاندماج في مؤسسة الجيش، ما يعني خضوعها لسلطة رئاسة الدولة، كما تنصّ على ذلك بنود الاتفاق السياسي"، لافتاً إلى أنه "السبب المباشر لعدم قبول مجلس النواب بتعديل الاتفاق السياسي".
وأوضح أن "تصريحات صالح لا تتجاوز حدّ المناورات والسعي لتمديد عمر الأزمة والانقسام، فلا الانتخابات ولا الاتفاق السياسي سيضمن بقاء المجلس، ولا قوات حفتر. الهدف إبقاء الوضع على حاله لإتاحة زمن أكثر لقوات حفتر الحالمة بالسيطرة على مزيد من الأراضي".
وأشار المحلل السياسي ذاته إلى أن حفتر أعلن صراحة أن الحل الديمقراطي "تدجيل"، وأن "الجيش هو من سيحقق آمال الليبيين".
وأكد أن "تصريحات صالح الجديدة لم تختلف كثيراً عن التصريحات السابقة التي تؤكد، في كل مرة، موقف مجلس النواب كواجهة سياسية لمساعي حفتر العسكرية، فعلى طول أمد الأزمة تراوحت مواقف مجلس النواب بين القبول بالاتفاق السياسي ورفضه، ثم القبول بتعديله ثم رفضه، والحال كذلك مع الدستور، الذي أكد القضاء صحة إجراءاته، وبالتالي ضرورة أن تكون الانتخابات على أساسه لإنهاء عمر الفترة الانتقالية"، مؤكداً أن "حفتر وواجهته السياسية ماضون في المماطلة والعرقلة لأي حل سياسي".