يحمل الشاب الفلسطيني محمد أبو شرخ، المتشح بالكوفية الفلسطينية، إطارات سيارة قديمة بهدف حرقها على الخطوط المتقدمة، ضمن فعاليات هَبّة "العبور" ومليونية النكبة، لحماية المتظاهرين الفلسطينيين من القناصة الإسرائيليين المنتشرين على طول الشريط الحدودي الفاصل بين قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المُحتلة عام 1948. وتعتبر فعاليات الهبة الشعبية الفلسطينية، التي شارك فيها عشرات آلاف الفلسطينيين على طول الشريط الحدودي، تتويجاً لمسيرات العودة الكبرى، التي انطلقت شرارتها في الثلاثين من مارس/ آذار الماضي، في الذكرى السبعين للنكبة الفلسطينية. ويطالب المشاركون فيها بحقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي هُجروا منها قسراً على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي في العام 1948.
وتقف إلى جانب الشاب، الذي بدأ بقذف الحجارة عبر "المقلاع"، مجموعة من مختلف الوحدات الميدانية، التي تسعى إلى تشتيت انتباه الجنود الإسرائيليين المتمركزين خلف آلياتهم، والمدججين بمختلف أنواع الأسلحة، بهدف ثنيهم عن مواصلة استخدامهم للقوة في مواجهة المتظاهرين السلميين على طول الشريط الحدودي. ويقول أبو شرخ، وأصله من مدينة المجدل التي هُجر منها أجداده في 1948، إنه بدأ بالمشاركة في التظاهرات السلمية منذ بداية الحراك قبل شهر ونصف الشهر، مضيفاً "لم نستخدم منذ بداية الحراك سوى الأدوات السلمية، بهدف لفت أنظار العالم إلى قضيتنا التي باتت طي النسيان". وتابع "لسنا هواة موت، أو تعريض أنفسنا للخطر، لكننا أصحاب حق في أرضنا التي سلبتها قوات الاحتلال والعصابات الإسرائيلية من أجدادنا بمنتهى العربدة والبلطجة، وبقوة السلاح"، داعياً شعوب العالم العربي وأحرار العالم بأسره للوقوف إلى جانب اللاجئ الفلسطيني حتى يحصل على حقوقه المشروعة في العودة. وشهد اليوم الأول لمليونية العودة، والتي جاءت قبل يوم واحد من ذكرى النكبة الفلسطينية، أوضاعاً ميدانية ملتهبة، إذ توافد عشرات آلاف الفلسطينيين من كافة أرجاء قطاع غزة، بينما واجهتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي بالإطلاق الكثيف للرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع.
ولم تقتصر المشاركة في الهبة الجماهيرية المتواصلة منذ 30 مارس، وتشهد ذروتها في مليونية النكبة، على اللاجئين فحسب، إذ شارك عدد من مواطني قطاع غزة في المسيرات مساندة لحق اللاجئين في العودة إلى مدنهم وقراهم التي سُلبت غصباً قبل سبعة عقود. ويقول أسامة بكر، الذي شارك في مسيرات العودة منذ انطلاقتها، إن العودة حق لكل فلسطيني هُجر ظلماً من أرضه، مضيفاً "شَكّلت الأسابيع والجُمع الماضية مشاركة واسعة، وتأكيداً فلسطينياً على أن اللاجئ الفلسطيني لم ينسَ أرضه، وأنه ما زال مُصراً على مواصلة نضاله حتى العودة إليها". ويرغب اللاجئون الفلسطينيون المشاركون في مسيرات العودة الكبرى، التي انطلقت قبل سبعة أسابيع، بلفت أنظار شعوب العالم إلى معاناتهم المتواصلة منذ 70 عاماً، وسط نداءات لحمايتهم من استخدام قوات الاحتلال الإسرائيلي للقوة المفرطة ضدهم، إلى جانب دعم حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم وديارهم المُحتلة. وشهدت الحدود الشرقية لقطاع غزة توتراً ملحوظاً منذ بداية الحراك، على الرغم من سلميته، نتيجة استخدام قوات الاحتلال الإسرائيلي مختلف أنواع الأسلحة في مواجهة المتظاهرين، عبر إطلاق الرصاص الحي، والمغلف بالمطاط، وقنابل الغاز السام، وغاز الأعصاب، والغاز المسيل للدموع، في مقابل إصرار فلسطيني على مواصلة الأنشطة حتى تحقيق الأهداف كافة.