وكشفت المصادر أن "القضية عندما ستحال للمحكمة لن يكون فيها على الأرجح أي متهم غير مصري، خشية إغضاب الدول الأجنبية التي ما زالت رغبة رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي في تهدئة الأوضاع معها سبباً في تعطيل القضية، وعلى رأسها الولايات المتحدة وألمانيا، وذلك في ظل استمرار المأزق الذي وضع السيسي نفسه فيه بعد إصدار قانون العمل الأهلي المرفوض من الدول الأجنبية، وعدم مبادرته لتعديله على مدار عام كامل رغم سابقة تعهده بذلك".
وذكرت المصادر القضائية أن "هيئة التحقيق أشعرت إلى وزارة العدل ورئاسة الجمهورية تشير إلى ضرورة سرعة التصرف في القضية بسبب وجود مشاكل قد تلقي بشبهات قانونية على التصرف فيها مستقبلاً، نتيجة استمرار عمل هيئة التحقيق لمدة طويلة، تزيد على 4 سنوات، وعدم عرض أمر استمرار انتداب أعضائها للتحقيق على الجمعية العمومية لمحكمة استئناف القاهرة".
وأوضحت أن "الهيئة أعدت بالفعل قرار الاتهام بحق المتهمين المصريين، وبالتالي فإن القضية تكاد تكون جاهزة للانتقال للمحاكم، لكن ما يعطل الأمر هو أن اللجنة المركزية التي شكّلها السيسي أخيراً لتحسين صورة مصر في الخارج"، وسبق أن نشرت "العربي الجديد" تفاصيل عملها في مارس/آذار الماضي، قد أصدرت تعليماتها باستمرار التحقيق وعدم إحالة المتهمين للمحاكمة حالياً، على ضوء تقارير دبلوماسية تفيد باستمرار ورود تساؤلات وانتقادات من دوائر غربية لملف العمل الأهلي والحقوقي في مصر، والذي كان وما زال من الملفات المثيرة للمتاعب في علاقة السيسي بالغرب.
وعلى الرغم من نجاح نظام السيسي في الربع الأخير من العام الماضي في تعطيل عمل المنظمات والمؤسسات الأميركية والأوروبية المانحة لمنظمات المجتمع المدني غير الحكومية في مصر، بحجة وجوب توفيق أوضاع هذه المنظمات المصرية التزاماً بقانون الجمعيات الأهلية الجديد الصادر في مايو/ أيار الماضي، إلاّ أن المنظمات الأجنبية أبلغت سفارات دولها بمصر بمحاولة تخفيف القيود التي يفرضها السيسي على المجال العام لتمكينها من العمل في الأنشطة التعليمية والثقافية والاجتماعية.
وبحسب المصادر فإن "اللجنة تبينت ضرورة طمأنة الدول الغربية خصوصاً بعد تزايد الانتقادات الدولية للممارسات الحكومية في مجالي الأمن والحقوق السياسية، ما دعاها لمحاولة محاصرة المخاوف الأجنبية من تحريك القضية بالتزامن مع الانتخابات الرئاسية أو بعد التجديد للسيسي مباشرة".
وكانت مستشارة السيسي لشؤون الأمن القومي الوزيرة السابقة فايزة أبو النجا، قد أعدت بالتعاون مع الاستخبارات العامة ووزارة الداخلية والمصرف المركزي المصري ووزارة التضامن الاجتماعي قائمة بأبرز المنظمات والمؤسسات الأميركية التي تدعم مالياً الأنشطة السياسية والتثقيفية والاجتماعية في مصر، بما في ذلك المنظمات التي تقدم الدعم المالي رأساً لجهات حكومية أو تعليمية مصرية. وتمّت مخاطبة واشنطن لتعطيل الدعم المتدفق منها كافة مؤقتاً لحين انتهاء المهلة المحددة في قانون الجمعيات الأهلية لتوفيق الأوضاع.
وترتب على ذلك مطالبة بعض المنظمات الأجنبية للجمعيات المصرية التي تدعمها إجراء تعديل عاجل في سياساتها ونطاق عملها بحيث يتم التركيز على الأنشطة التعليمية والتثقيفية والابتعاد عن القضايا السياسية الخلافية مع النظام خشية تعطيل أعمالها في مصر، وكذلك الابتعاد عن التواصل مع جماعات الضغط السياسي من الأحزاب اليسارية والمنظمات الحقوقية غير المعترف بها من قبل الحكومة أو النشطاء المشمولين في تحقيقات قضية "التمويل الأجنبي" الجارية حالياً.