يضج الوسط السياسي والإعلامي في ألمانيا، ومنذ أسابيع، بفضيحة مكتب الهجرة واللاجئين في ولاية بريمن، والذي سمح باستفادة أكثر من 1200 شخص من حق الإقامة من دون وجه قانوني، بحسب ما بينت التحقيقات. إلا أن الأمر لم يقتصر أخيرًا على الموظفين، بل وصل حد توجيه الأحزاب اللوم إلى المستشارة أنجيلا ميركل، ومطالبتها بتوضيحات حول الانتهاكات التي حصلت من السلطة خلال أزمة اللاجئين.
يأتي ذلك، بعدما دافع الرئيس السابق للمكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين، فرانك يورغن فايزه، عن نفسه، في حديثه أخيرًا مع صحيفتي "دير شبيغل" و"بيلد"، أمس الأحد، بخصوص ما تسرب إلى الإعلام من مضمون تقرير سرّي وضعه فايزه ينتقد فيه الحكومة بشدة، كما وإعلانه عن لقائه ميركل مرتين، وإبلاغها مباشرة في العام 2017 عن سوء الإدارة في ملف اللجوء؛ لتتوالى التعليقات التي تحدثت عن فشل المستشارة في أزمة اللاجئين، مع توجه أحزاب المعارضة للتقدم بطلب لإنشاء لجنة تحقيق برلمانية.
ذلك ما أوضحه رئيس "الحزب الديمقراطي الحر"، كريستيان ليندنر، اليوم الإثنين، في مؤتمر صحافي، مشيرًا إلى أن حزبه تقدم بطلب إنشاء لجنة تحقيق برلمانية و"متمسك بمسارها، لأنه لا بد من توضيح ملابسات الفضيحة، وكيفية عمل المكتب الاتحادي للهجرة وتحت أية ظروف. فيما قال نائب رئيس كتلة الحزب في البوندستاغ (البرلمان)، شتيفان ثوماي، في حديث مع "زود دويتشه تسايتونغ": "إننا بحاجة الآن إلى لجنة تحقيق للمزيد من الإيضاحات الشاملة حول العملية، علمًا أن المعارضة تستند في طلبها إلى معلومات عن تجاهل الحكومة الاتحادية التحذيرات الداخلية من حصول التجاوزات وفساد وسوء إدراة في ملف اللجوء".
ويبدو أن الحزب الديمقراطي يعتزم متابعة القضية لتوضيح المسؤوليات والبيئة السياسية التي وقعت فيها الأحداث، والتي من الممكن أن تفيد سياسة الهجرة في المستقبل، في ظل وجود العيوب الهيكلية التي تعتري قانون الهجرة.
في المقابل، تعتبر الأطراف الأخرى أن تشكيل لجنة تحقيق، في الوقت الحالي، غير ضروري، إذ يريد حزب الخضر، واليسار، محاولة الحصول على المزيد من الإيضاحات من خلال الجلسات الخاصة للجنة الداخلية في البرلمان.
بدورها، اعتبرت رئيسة "الحزب الاشتراكي الديمقراطي"، أندريا ناليز، في مقابلتها مع القناة الأولى في التلفزيزن الألماني، أنه يجب الحصول على توضيحات لكشف ملابسات الفضيحة، وما إذا كانت هناك من "خدع" للتوصل، وبسرعة، للإعلان عن حالات فساد في حال وجودها.
وتطرح التساؤلات حول الجهة التي فشلت في إدراة الأزمة: المكتب الاتحادي أم الحكومة الفيدرالية، وكيف يمكن مناقشة المشاكل والأخطاء، وما إذا كانت المستشارة على علم بالفضيحة، رغم تعاطف عدد من المسؤولين مع موظفي المكتب، وإعطائهم تبريرات، منها أنه لم يكن هناك استعداد لاستيعاب طلبات مئات الآلاف من اللاجئين معًا في ظل النقص الموجود، وهو الأمر الذي بينه فايزه في تصريحه لـ"دير شبيغل"، بالقول إن فشل المكتب يتمثل في عدم تحرك الحكومة رغم التحديات التي كانت تواجهها البلاد، وأنه كان بالإمكان تفادي الأزمة.
وتجدر الإشارة إلى أن مسؤولة مكتب الهجرة واللاجئين في بريمن نفت الاتهامات التي وجهت إليها، متذرعة بأن الأخطاء كانت بفعل ضغط العمل. أما وزير الداخلية الاتحادي، هورست زيهوفر، فطالب بإعادة التدقيق بحوالي 18000 طلب لجوء معالج في مكتب الولاية.