بعد حوالي أسبوع من توليه منصبه، صدّق وزير الداخلية المصري الجديد محمود توفيق، على حركة التنقلات الجديدة لأمناء وأفراد الشرطة، متضمنة عزل نحو 200 أمين شرطة من الأمن العام والأمن الوطني (أمن الدولة) على خلفية صدور تقارير تقييم سلبية بشأنهم من اللجان التي شكلتها الوزارة لتقييم الأمناء والأفراد. معظم عمليات العزل متعلقة بانتماء العشرات منهم لتيارات سياسية وفكرية معارضة للنظام الحاكم، أو لانخراطهم في أنشطة حقوقية ونقابية واجتماعية، فضلاً عن عدد كبير من الأمناء الذين كان لهم ظهور إعلامي في فترة المطالب الفئوية لتحسين أوضاع أمناء الشرطة في أعقاب ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، بالإضافة لوقف أكثر من 300 أمين شرطة عن العمل وإحالتهم لمجلس التأديب.
وعلى الرغم من أن محكمة القضاء الإداري أصدرت أحكاما عدة ببطلان العزل على أساس التقييم، إلا أن وزير الداخلية السابق مجدي عبد الغفار امتنع عن تنفيذ أي منها ووجّه باستمرار عمل لجان التقييم. وجاء الوزير الجديد ليمضي في نفس الاتجاه، مع صدور تهديدات صريحة لأمناء الشرطة المفصولين في الحركة الأخيرة من اللجوء للقضاء أو اختصام الوزارة في أي تحركات قانونية، وإلا فسوف تعمل الوزارة على التضييق عليهم ومنع تشغيلهم في الشركات التي توظف أفراد الشرطة السابقين بشكل أساسي، كشركات الحراسة ونقل الأموال والمقاولات.
وعلى عكس ما حدث في الحركة السابقة من عزل عشرات أمناء الشرطة بسبب تورطهم في مساعدة مجموعات إرهابية أو اختراقهم معلوماتياً أو وقوعهم فريسة للخداع من قبل خلايا تنتمي لتنظيم "داعش" في سيناء تحديداً، وهي جميعاً مخالفات مهنية، فإن الحركة الجديدة تضمنت بشكل أساسي عزل غير المرغوبين لأسباب سياسية وفكرية أو لعدم إبدائهم تأييد النظام الحاكم بصورة كافية بحسب رأي لجنة التقييم.
وأوضحت المصادر أن "حركة التقييم والعزل التي تتخذ منحى تصاعدياً منذ العام الماضي تأتي في إطار خطة لإعادة الأوضاع الوظيفية للضباط والأمناء إلى ما كانت عليه قبل ثورة 2011، تحت السيطرة الكاملة لديوان الوزارة. وأخذت هذه الخطة صورة تشريعية رسمية بإصدار التعديلات الأخيرة على قانون الشرطة التي حظرت على جميع العاملين بالوزارة إبداء آراء سياسية أو الإدلاء بتصريحات إعلامية أو تشكيل اتحادات أو نقابات أو أندية اجتماعية".
وأضافت المصادر أن "استمارات التقييم التي يكتب فيها أعضاء اللجنة آراءهم تنطوي على 5 معايير تقديرية فقط لا غير هي: المظهر العام، والإيجابية والانتظام، والالتزام بالأوامر، والحفاظ على أسرار العمل، والأخلاق والسمعة. وهي جميعاً أمور لا يمكن قياسها بالأرقام وبالتالي فهي تتخذ فقط كشكل قانوني صوري لضمان رسوب أمين الشرطة غير المرغوب فيه، والذي يكون قد خضع للتحقيق قبلها أمام مكتب التفتيش والرقابة بقطاع الأفراد، في حالة عدم ارتكابه أي مخالفات قانونية. أما في حالة ارتكاب المخالفات فيتم التحقيق مع الأمين صورياً أيضاً في قطاع الشؤون القانونية، وفي كل الأحوال يكلف الأمن الوطني بإعداد تقرير بالمسار المهني والسياسي للأمين وعلاقاته العائلية والاجتماعية".