عقدت جمعية الثقافة العربية في حيفا والمركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدّراسات الإستراتيجيّة (مسارات) في رام الله، أمس الثلاثاء، ندوة بعنوان ما بعد "قانون القومية الإسرائيلي: قضية فلسطين إلى أين؟"، وذلك في قاعة كنيسة يوحنا المعمدان، في حيفا.
وافتتحت الندوة بمداخلة للكاتب أنطوان شلحت، أشار فيها إلى الدور الطليعي بجمعية الثقافة العربية في تعزيز الانتماء والهوية الفلسطينية في صفوف فلسطينيي الـ48.
وتحدثت المحامية سوسن زهر من مركز "عدالة" عن آخر مظاهر التشريع في إسرائيل ومسألة حل الدولتين وعن الفرق بين مرحلة ما قبل "قانون القومية" وما بعدها. وأوضحت: "هناك فرق شاسع عندما نتحدث عن الممارسات وعن قوانين عادية. هناك فرق كبير عندما نتحدث عن السياسات، التي هي ليست بجزء من سلطة القانون الدستوري".
وبيّنت زهر أن " قبل وضع القانون كنا نستطيع أن نتحدى القوانين العنصرية بتقديم التماسات، فقدمنا بعدالة التماسات ضد قانون النكبة، ولمّ الشمل، والمقاطعة، ولجان القبول، والتسوية، والإقصاء من الكنيست".
وتابعت أن "هذه قوانين استطعنا أن نتحداها، على أنها تمس في مبدأ المساواة والذي هو حق دستوري. أما اليوم بعد قانون القومية، مبدأ المساواة لم يعد موجوداً، وحل مكانه مبدأ التمييز والذي يأخذ حيزاً دستورياً مشروعاً، وينص على التمييز ضد العرب وفلسطينيي 48. مبدأ التمييز أصبح جزءا من المبادئ الدستورية ويجب أن نفكر كيف نستطيع التصدي له".
بدوره، تناول الدكتور النائب يوسف جبارين من "القائمة المشتركة" الأبعاد السياسية لقانون القوميّة والتحديات، مبيناً أنّ "قانون القومية ينص أولاً على أن قضية تقرير المصير السياسي في أرض فلسطين التاريخية هي لليهود فقط. وثانياً القانون ألغى قضية حدود 67 وهذا غير وارد في خطاب هذه الحكومة. ثالثاً، لا توجد مساواة باللغة العربية، ليس فقط بالمعنى اللغوي بل بمعنى الثقافة العربية والهوية العربية والحضور العربي".
وأضاف جبارين أن "قانون الأساس ينص على أن العرب في درجة أقل بمعنى أنهم ليسوا مواطنين متساوين. والقضية الرابعة، البند الذي يتحدث عن استيطان يهودي يحمل كل صفات "الأبرتهايد" ليس فقط في المعنى السياسي الخطابي بل بالمعنى القانوني، وأنه مسموح في الدولة اليهودية أن تقيم بلدة يهودية أو حياً يهودياً. وأنه مسموح أن تكون عنصرياً ومن المسموح أن تميز وأن تقصي. ومن المسموح في الدولة اليهودية أن تنتهج سياسات أبرتهايد".
ومن جهته، تحدث الأستاذ الجامعي، الدكتور محمود محارب عن السياسة الإسرائيلية الراهنة ومستجداتها حيال قضية فلسطين والقضايا الإقليمية، متسائلاً "ما الذي يريده بنيامين نتنياهو والحكومة الإسرائيلية".
وقال إن "نتنياهو لا يمقت شيئاً أكثر من مقته التوصل إلى سلام مع الفلسطينيين. فهو لا يريد السلام مع الفلسطينيين إطلاقاً وإنما يهدف إلى فرض الاستسلام. وهو يريد استسلاماً فلسطينياً سياسياً وفكرياً الذي يتخلى عن حقوقهم القومية وعن روايتهم التاريخية الفلسطينية ويتبنى الرواية التاريخية الصهيونية".
وأوضح أن "التوصل إلى سلام مع الفلسطينيين يتناقض مع أيديولوجيته الصهيونية المتطرفة المتمسكة بالاحتلال والاستيطان، فقد رفض نتنياهو اتفاقية أوسلو وعدها كارثة بالنسبة لإسرائيل وفعل كل ما بوسعه لإفشالها وساهم مساهمة أساسية في التحريض ضدها وضد رئيس الحكومة الإسرائيلية حيئذ إسحاق رابين، ما استباح دمه وأدى إلى قتله".
وأضاف محارب أن "نتنياهو يعتقد أنه يوجد لإسرائيل فائض من القوة التي تمكنها من تحقيق مشروعها الأساسي والوحيد في ما يخص القضية الفلسطينية وهو تعزيز الاستيطان الكولونيالي اليهودي في الضفة الفلسطينية المحتلة، بهدف تهويد أكبر مساحة ممكنة لتعزيز الدولة اليهودية من البحر إلى النهر".
كذلك تحدث مدير عام "مركز مسارات"، الكاتب هاني المصري، عن ما بين غزة والضفة وأراضي 48 والشتات، التطورات السياسية الفلسطينية وسيناريوهات المستقبل، قائلاً: "هناك عناصر قوة نملكها نحن كفلسطينيين لا يجب أن ننساها"، مبرزاً أن "أول عنصر قوي نملكه كفلسطينيين أن القضية الفلسطينية هي قضية عادلة ومتفوقة أخلاقياً. فعندما تشن إسرائيل عدوانا على قطاع غزة تنظم في أوروبا في يوم واحد 1200 مظاهرة".
أما النقطة الثانية، بحسب المصري، فهي: "لدينا شعب يستحق لقب شعب الجبارين، شعب منذ مائة عام وهو يصمد ويقاوم رغم الإحباطات والتنازلات والأخطاء والصراعات الداخلية ورغم التخلف، حتى الآن عشرون ثورة وانتفاضة نظم الشعب الفلسطيني وهذا أمر يجب أن نراه".
وتابع: "هناك مسألة أخرى، القضية الفلسطينية هي قضية جامعة وعنصر مهم على الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة والعالم وقضية قابلة للاستخدام، فالعالم كله يهتم بما يجري عندنا من الدول والشعوب والحركات".