بدأ الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، اليوم الإثنين، زيارة إلى العاصمة المصرية القاهرة، بالتزامن مع انعقاد مؤتمر في العاصمة السعودية وُصف بأنه "رفيع المستوى"، لمناقشة مرجعيات التسوية اليمنية، في ظل الجهود الدولية الرامية إلى استئناف مشاورات السلام برعاية الأمم المتحدة، التي تنوي بدورها جمع الأطراف على طاولة مفاوضات في سبتمبر/أيلول المقبل.
وقال السيسي، خلال المؤتمر الصحافي الذي أعقب استقباله نظيره اليمني، اليوم الإثنين، إن لدى مصر اقتناعاً راسخاً بأن أمن واستقرار اليمن "يمثل أهمية قصوى، ليس للأمن القومي المصري فحسب؛ وإنما لأمن واستقرار المنطقة بأكملها"، مشددا على أن مصر "ترفض، بشكل قاطع، أن يتحول اليمن إلى موطئ نفوذ لقوى غير عربية، أو منصة لتهديد أمن واستقرار الدول العربية الشقيقة، أو حرية الملاحة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب".
وبحث الرئيسان سُبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين على جميع الأصعدة، فضلا عن مستجدات الأزمة اليمنية وكيفية التعامل مع التحديات الراهنة وما تفرضه من تداعيات سياسية وأمنية.
كما استعرض الرئيسان معا سُبل الدعم الذي يمكن أن تُقدمه مصر، من أجل دفع آليات الحل السياسي وتخفيف المعاناة الإنسانية التي يعيشها الشعب اليمني الشقيق.
وقال السيسي، خلال كلمته، إنه "في إطار تأييد مصر للجهود الرامية للتوصل إلى حل سياسي للأزمة اليمنية، وأهمية تحقيق التوافق بين مختلف الأطراف السياسية، فإننا نُرحب بجهود المبعوث الأممي إلى اليمن، الساعية إلى استئناف المفاوضات وفقا للمرجعيات الأساسية المتفق عليها دوليا، وفي مقدمتها المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وعلى رأسها القرار رقم 2216".
من ناحيته، قال الرئيس اليمني، إن موقف مصر تجاه بلاده يهدف إلى استعادة الشرعية، وهو يعد امتدادا للموقف المصري الداعم لبلاده منذ الثورة اليمنية، لافتا إلى أن مصر تدافع بصلابة دائماً عن قضايا الأمة العربية، موجها الشكر إلى مصر، حكومة وشعبا، لاحتضانها عشرات الآلاف من المواطنين اليمنيين الذين اضطرتهم ظروف الحرب إلى مغادرة بلادهم.
وتعد زيارة هادي هي الأولى من نوعها، منذ شهور، وقالت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ)، إنه يبحث خلالها العديد من ملفات العلاقات بين البلدين والقضايا ذات الاهتمام المشترك، ومن المقرر أن يجري خلالها العديد من اللقاءات، بما فيها لقاء مع الأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبو الغيط، وآخر مع فعاليات سياسية واجتماعية، لم توضح طبيعتها، غير أن القاهرة، تستضيف العديد من القيادات اليمنية، بما فيها مسؤولون في حزب المؤتمر الشعبي العام، جناح الرئيس الراحل علي عبدالله صالح.
وأثار الاستقبال الباهت لهادي، والذي غاب عنه السيسي في مطار القاهرة الدولي، ومثله كبار مسؤولي حكومته، تعليقات اليمنيين على مواقع التواصل الاجتماعي، والذين عبروا عن استغرابهم، حيث ذكرت وسائل إعلام مصرية، أن هادي كان في استقباله وزير التعليم العالي، خالد عبد الغفار، في حين رافق هادي وفد رفيع المستوى، من أعضاء هيئته الاستشارية ووزراء، وصولاً إلى محافظ البنك المركزي اليمني، محمد زمام، ورئيس جهاز الأمن القومي اللواء أحمد المصعبي.
إلى ذلك، أعلنت جامعة الدول العربية أن أبو الغيط سيلتقي، غدا الثلاثاء، الرئيس اليمني، في مقر الأمانة العامة للجامعة.
ومن المقرر أن يبحث أبو الغيط وهادي جهود حل الأزمة اليمنية، وسبل معالجة الأوضاع الإنسانية الكارثية التي يواجهها اليمنيون في مناطق مختلفة من البلاد، والتهديدات التي تقوم بها مليشيا الحوثي المدعومة إيرانيًّا.
وتكتسب الزيارة إلى القاهرة العديد من الدلالات، باعتبارها عضواً في التحالف الذي تتصدره السعودية، إلا أن الموقف المصري وعلى الرغم من ذلك، بقي حذراً، برفض التورط في إرسال قوات برية إلى اليمن، بالاستفادة من التجربة المصرية المُكلفة بالتدخل عسكرياً في اليمن، عقب ثورة سبتمبر/أيلول 1962، الأمر الذي ألقى بظلاله على موقف القاهرة، بالجمع بين المشاركة في التحالف بشكل محدود، إرضاء لمقتضيات العلاقة مع أبرز داعمي نظام السيسي في الخليج، وفي الوقت ذاته، التأكيد المتكرر على ضرورة الوصول إلى حل سلمي في البلاد.
وفي ظل التطورات الأخيرة التي تمر بها البلاد، فإن أجندات الزيارة لا تبتعد كثيراً عن الترتيبات السياسية في إطار دول التحالف والجهود الدولية المبذولة للعودة إلى العملية السياسية في البلاد، حيث كان الرئيس اليمني يقيم لشهور طويلة في العاصمة السعودية الرياض، ولم تستبعد مصادر قريبة من الحكومة، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن تكون الزيارة محطة في طريق العودة إلى الرياض.
الجدير بالذكر، أن زيارة هادي تزامنت مع انعقاد اجتماع نظمته الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي، وُصف بـ"المؤتمر رفيع المستوى عن مرجعيات الحل السياسي في اليمن"، في العاصمة السعودية، بحضور رئيس الوزراء اليمني، أحمد عبيد بن دغر، والأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، عبد اللطيف الزياني، وسفراء الدول الـ19 الراعية للتسوية من المعتمدين لدى اليمن، تمحورت رسالته حول أهمية اعتماد المرجعيات (المبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل وقرارات مجلس الأمن)، في أي مبادرات سياسية للحل، وهو الموقف الذي يتبناه التحالف والحكومة اليمنية.
وقال بن دغر، في كلمة ألقاها خلال المؤتمر "إن طريق السلام يمر بالقبول والاعتراف والالتزام الصريح بتنفيذ القرارات الدولية، وإن التعاطي بمصداقية مع القرار 2216 يبدأ بالانسحاب من العاصمة صنعاء والمدن الأخرى، وتسليم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، لإفساح الطريق أمام الحلول السياسية اللاحقة، ومن الصعب العودة إلى نقطة البداية مع كل مرحلة من مراحل التفاوض، وإن إطلاق سراح جميع المعتقلين من دون استثناء واجب وطني وإنساني، وخطوة نحو السلام".
واعتبر أن بلاده في مفترق الطريق أمام اختبار صعب، مع دعوات التقسيم. وأضاف "علينا أن نرفض دعوات الهدنة التي تؤدي إلى القبول بالأمر الواقع، لأن القبول بالأمر الواقع يعني باختصار التقسيم، فإن قبلنا بتقسيم اليمن، علينا أن نقبل غداً بتقسيم غيره من البلدان العربية".
وأوضح أن "الدولة الاتحادية، وهي التلخيص المكثف لمخرجات الحوار الوطني وللإرادة الوطنية اليمنية، هي حبل الإنقاذ والنجاة في بلادنا، وهي حائط الصد أمام الدعوات المناطقية، والمذهبية والتفكيكية".
وتترافق الزيارة والمؤتمر الخليجي مع الجهود الدولية المكثفة الرامية إلى دعم عودة الأطراف إلى طاولة المفاوضات، حيث وجّه المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، دعوة إلى الأطراف للمشاركة في مفاوضات جنيف، في السادس من سبتمبر/أيلول المقبل، وتواجه الحكومة الشرعية ضغوطاً للقبول بالعودة إلى المفاوضات، لكنها تشكك في جدية الحوثيين بالقبول بمقتضياتها.