فبعد يومين فقط، من أوامر أصدرتها قيادة مليشيات "الحشد الشعبي"، بسحب كافة الفصائل المسلحة من مدن شمال وغرب العراق (المدن المحررة من سيطرة داعش) وإبقائها على أطرافها، وإلغاء محاور عسكرية كاملة لها، بالتزامن مع تفاوض تحالف "الفتح" الجناح السياسي للمليشيا مع قوى السنة والأكراد للدخول معهم في تحالف واحد، وإدخال ممثلي المكونين شرط سحب المليشيات من ضمن المفاوضات، أصدر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، توجيهاً، في ساعة متأخرة من ليلة أمس، يرفض فيه قرار سحب المليشيات، محذراً من "خطورة زج الملف الأمني في العراق بالمفاوضات السياسية".
وأصدر العبادي بصفته القائد العام للقوات المسلحة، الليلة الماضية، قراراً رفض فيه تسييس "الحشد الشعبي"، أو تحريك تشكيلاته".
وجاء في القرار الذي أصدره العبادي "تم إلغاء مضمون كتابي هيئة الحشد الشعبي، الأول المتعلّق بإلغاء محاور العمليات في مناطق غرب نينوى، وشرق نينوى، وبيجي، ونقل اللواء المتواجد في سنجار، والآخر المتضمن إخراج مقار الألوية من المدن".
وشدّد على "ضرورة الالتزام بالقوانين والتعليمات، وعدم تسييس مليشيا الحشد الشعبي، وعدم إلغاء أو استحداث تشكيلات، إلا بعد الحصول على موافقة القائد العام للقوات المسلحة، فضلاً عن عدم تحريك التشكيلات إلا بعد موافقة القائد العام للقوات المسلحة".
ويؤكد مصدر سياسي مقرّب من تحالف العبادي (النصر)، لـ"العربي الجديد"، اليوم الجمعة، أنّ تحالف "الفتح"، استخدم مليشيا "الحشد الشعبي" كورقة تفاوضية ضاغطة على القوى "السنية" الفائزة في الانتخابات، مبينّاً أنّ "رئيس تحالف الفتح هادي العامري، رهن انسحاب الحشد الشعبي من المدن الشمالية والغربية، بموافقة الكتل السنية على الانضواء ضمن تحالفه مع نوري المالكي".
وأوضح المصدر، أنّ قرار العبادي الأخير، بشأن إلغاء قرار انسحاب "الحشد الشعبي" من المدن العراقية، "جاء لقطع الطريق على الجهات التي تريد استخدام هذه الورقة، خلال مفاوضات تشكيل الكتلة الكبرى"، مؤكداً أنّ "هذا القرار سيعيد تفاهمات تحالف الفتح مع السنة إلى نقطة الصفر".
ويشير العضو السابق في "تحالف القوى" محمد عبد الله، إلى وجود تقارب بين قيادات المحور الوطني "السني"، وتحالف "الفتح"، على خلفية قرار انسحاب المليشيات من المناطق المحررة، موضحاً، في حديث لـ"العربي الجديد"، اليوم الجمعة، أنّ "أمر التحالف النهائي لم يُحسم بعد".
وأضاف "لا يمكن اعتبار انسحاب بعض المليشيات على أنّه بادرة حسن نية، لأنّ هذه المليشيات يمكن أن تعود إلى الميدان بعد تشكيل الحكومة"، لافتاً إلى وجود انقسام داخل القوى "السنية" التي يميل بعضها للانضمام إلى جبهة (المالكي، العامري)، فيما يفضّل آخرون الالتحاق بمعسكر (العبادي، الصدر، الحكيم، علاوي).
وانتهى اجتماع لقادة الكتل السياسية "سائرون" (مقتدى الصدر)، و"النصر" (العبادي)، و"الحكمة" (عمار الحكيم) و"الوطنية" (إياد علاوي)، مساء الأحد، إلى تشكيل نواة لتحالف يسعى إلى تشكيل الكتلة البرلمانية الكبرى، من دون التوصّل إلى اتفاق حاسم.
وكان عضو البرلمان العراقي السابق عن "ائتلاف دولة القانون" (يرأسه نوري المالكي) عبد الهادي الحساني، قد أكد في وقت سابق، أنّ ائتلافه "هو الأقرب لتشكيل الكتلة الكبرى"، مرجّحاً، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن تكون "القوى الكردية ضمن التحالف الواسع الذي يدعو إليه المالكي".
وكشفت مصادر سياسية عراقية، عن قيام ائتلاف "دولة القانون"، بتقديم إغراءات للأحزاب الكردية الفائزة في الانتخابات، مقابل الانضمام لـ"الكتلة البرلمانية الكبرى" التي ينوي تشكيلها.