وانطلقت عمليات العدّ والفرز في الثالث من يوليو/تموز الماضي بقرار قضائي عراقي جاء مؤيداً لقرارات البرلمان التي اتخذها قبيل أيام من انتهاء ولايته. وذكر بيان لمفوضية الانتخابات بثّه التلفزيون الحكومي بشكل مقتضب، أمس الإثنين، أنّه تمّ الانتهاء من عملية العدّ والفرز اليدوي بشكل كامل، أعقبه بيان آخر مفصّل من المتحدّث باسم المفوضية، القاضي ليث جبر، قال فيه إن "مجلس المفوضين قرّر إلغاء عمليات العدّ والفرز اليدوي لمكتب انتخابات بغداد - الرصافة بسبب حادثة حرق مخازن المفوضية في وقت سابق، حيث أدّى ذلك إلى تضرر أجهزة التحقق الإلكتروني وصناديق الاقتراع".
وفي الإطار نفسه، ذكر قيادي في تحالف الفتح لـ"العربي الجديد"، أنّ "التغييرات على مستوى الافراد موجودة، فهناك من تمّ الإعلان عن فوزه بالنتائج الأولى لن يجد اسمه بالنتائج الجديدة، وهناك من خسر سيعلن فوزه"، لافتاً إلى أنّ "كركوك والأنبار متصدرة على مستوى التغييرات". وبيّن القيادي أنّ "التسريبات من داخل المفوضية تؤكّد وجود تطابق كبير في النتائج، ما يعني أنّ الكتل السياسية ستحافظ على نتائجها السابقة بتغييرات بسيطة غير ذات أهمية"، وأضاف أنّ "عدم حدوث تغيير كبير في النتائج قد يدفع كتلاً خاسرة وشخصيات سياسية لم تفز إلى تقديم طعون جديدة للقضاء، تشكّك بنزاهة العدّ والفرز اليدوي، وهو ما سيدخلنا في متاهة أخرى"، كاشفاً عن "وجود توافق بين الكتل الخمسة الأولى على اعتماد النتائج مهما تكن، لكن هناك كتلاً كردية معارضة ما زالت تصرّ على التشكيك، وبدأت من الآن تستبق النتائج بذلك".
إلى ذلك، يحذّر البعض من خطورة عدم قبول بعض الكتل السياسية بنتائج العدّ والفرز اليدوي، معتبرين أنّ ذلك "قد يخلق أزمة جديدة قدّ تعطل تشكيل الحكومة". وفي هذا السياق، قال عضو تحالف "سائرون"، محمد العبيدي في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "عدم قبول الكتل السياسية بنتائج الانتخابات في بدايتها، يعني عدم قبولهم بنتائج العد اليدوي"، مؤكداً "لا نعترض على تقديم الطعن القانوني، لكن المشكلة تكمن بأنّ بعض الكتل السياسية المعروفة، تعمل على خلق الأزمات، بسبب عدم رضاها بالنتائج التي حصلت عليها في الانتخابات، لذا فخلق الأزمات هو سلاحها الوحيد لرفض النتائج".
وشدّد العبيدي على أنّ تحالف "سائرون" الفائز الأول بالانتخابات، "لن ينجرّ نحو الأزمات السياسية، ولن يكون طرفاً بالتسويات السياسية، وسيبدأ حال إعلان النتائج، مرحلة جديدة من الحوارات لتشكيل الكتلة الكبرى والانطلاق نحو تشكيل الحكومة"، مضيفاً "سنسعى للعمل على تجاوز الأزمات ومواصلة حواراتنا، فالعراق أمام تحدّ خطير يجب أن نتجاوزه نحو تشكيل حكومة قوية تلبّي طموحات الشعب".
ويؤكد قانونيون عدم وجود أيّ نصّ قانوني يمنع تقديم طعن بنتائج العدّ اليدوي. وفي هذا الإطار، قال الخبير في القانون الدستوري، نبيل العادلي، لـ"العربي الجديد": "بالتأكيد المحكمة الاتحادية ستمنح مهلة لا تزيد عن 15 يوماً لتقديم الطعون القانونية بالنتائج"، مبيناً أنّ "الطعون ستأخذ مجراها القانوني، وسيُبتّ بها خلال فترة لا تزيد عن 10 أيام لتعلن النتائج".
وأضاف العادلي أنّ "المحكمة الاتحادية لا تريد زجّ البلاد بأزمات جديدة، لذا فإنّ الطعون ستردّ قانونياً، إذ لا يمكن أن يعاد العدّ والفرز لمرتين"، مشيراً إلى أنّ "كل ذلك ستكون له تداعيات سلبية على تخطي الأزمات، وعلى فترة تشكيل الحكومة".
وقد تتخطى الأزمات التي تترتب على عدم القبول بنتائج الانتخابات، حاجز الأزمات السياسية وتشكيل الحكومة، للدخول بأزمات تنعكس على التعايش السلمي واستقرار البلاد. وقال مسؤولون محليون في كركوك، إنّ "قوات الأمن ستدخل حالة تأهّب قبيل إعلان النتائج خوفاً من تظاهرات أو احتجاجات لأنصار بعض الأحزاب بدوافع قومية".
ووفقاً للمصادر من داخل المدينة، فإنّ "جهات عربية وتركمانية تستعدّ للخروج إلى الشوارع في حال جاءت النتائج متطابقة، وهي بقاء عدد مقاعد الأكراد ستة مقابل ثلاثة للعرب وثلاثة للتركمان". وفي هذا الإطار، حذّرت الجبهة التركمانية، أمس، من "فوضى في محافظة كركوك، في حال عدم حدوث تغيير جذري بنتائج الانتخابات". وقال رئيس الجبهة، أرشد الصالحي، في تصريح صحافي إنّ "مفوضية الانتخابات ستتحمّل مسؤولية حدوث الفوضى في كركوك، إذا لم يكن هناك تغيّر جذري بنتائج الانتخابات". وشدّد على أنه "لن نكون قادرين على السيطرة على الشارع في كركوك، في حال عدم التغيير"، داعياً إلى "التعامل بحكمة مع كركوك وإجراء عدّ وفرز يدوي شامل".