قال وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، إنه على الاتحاد الأوروبي أن يتخذ قراره ويعلن عما إذا كان سيستسلم لمطالب الولايات المتحدة الأميركية أم لا، مطالبا الأطراف الأوروبية الباقية في الاتفاق النووي بالتعويض عن الانسحاب الأميركي منه.
وفي حوار مع صحيفة "دير شبيغل" الألمانية، نشرته المواقع الإيرانية اليوم السبت، أضاف ظريف أنه على أوروبا الوقوف بوجه الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، محذرا من استمرار السلوك الأوروبي الراهن، فقال إنه "إذا أرادت أوروبا أن تتصرف بسلبية فإيران تستطيع أن ترفع نسبة تخصيب اليورانيوم بالمقابل".
ولوّح ظريف باحتمال أن تتخذ طهران خيارات ثانية في التعامل مع التطورات التي لحقت بالاتفاق النووي والناتجة من انسحاب واشنطن منه، وذكر أن "قطاعي النفط والمصارف من أبرز العناوين الصلبة والمتوازنة في الاتفاق نفسه، وإذا ما اختل هذا التوازن فستضطر إيران لاتخاذ رد فعل".
وأوضح وزير الخارجية أن ذلك لا يعني بالضرورة أن إيران ستنسحب من الاتفاق النووي، لكن تطبيق بعض أجزاء الاتفاق من عدمه احتمال آخر من بين السيناريوهات، داعيا الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ قرار وتنفيذ تصريحات مسؤوليه ومواقفهم أو الإعلان بوضوح عن عدم نيتهم القيام بذلك.
كما أكد أن بلاده ما زالت ملتزمة بتعهداتها النووية وبالقرار الأممي المرتبط بالاتفاق، بينما انتهكته الولايات المتحدة الأميركية والتي خرقت القانون الدولي، محذرا من تبعات طويلة الأمد بحال استمرار هذا الوضع، بحسب وصفه.
واستبعد ظريف إمكانية تحقق الهدف الأميركي الرامي إلى تصفير الصادرات النفطية الإيرانية، وقال إن "إيران ستستمر بتصدير نفطها، أما بحال أرادت واشنطن أن تضع العراقيل بوجه النفط وأن تتخذ خطوات عملية بتجاوز مرحلة التهديد النظري، فبهذه الحالة ستصبح الظروف مختلفة تماما".
وطالب بضمانات أوروبية تتعلق باستمرار بيع النفط الإيراني واستلام العائدات والسماح لطهران بالتعاون مع الآخرين على كافة المستويات الاقتصادية والتجارية والتقنية، واعتبر أن أوروبا تريد استمرار العمل بالاتفاق بما يصب لصالحها، لكن ذلك يتطلب خطوات عملية، فالاتفاق النووي منطقي وغير قائم على العواطف بحسب وصفه.
وعن احتمال حصول مفاوضات إيرانية - أميركية جديدة، أشار ظريف إلى أن "المباحثات النووية المباشرة مع واشنطن كانت غير مسبوقة، إلا أنه لا يمكن لأي طرف اليوم أن يضمن التزام ترامب وأميركا بأي اتفاق آخر، بالتالي لن تهدر طهران وقتها بالمفاوضات"، واتهم واشنطن بمحاولة تغيير النظام في إيران.
وفي السياق الإقليمي، برر ظريف دور بلاده في سورية، معتبرا أن حضور مستشاري إيران العسكريين هناك أمر مشروع وجاء بطلب من النظام السوري، كما فصل بين دور إيران الإقليمي والمحادثات النووية. ورأى أن لدى بلاده قلقاً من الدور الغربي في المنطقة أيضا، مشككا في مساعدة بعض التنظيمات الإرهابية، ودعا أوروبا إلى إنهاء صمتها إزاء ما يجري في اليمن رافضا الاتهامات الموجهة لبلاده بتسليح الحوثيين هناك.
مطالب أخرى
وفي السياق النووي أيضا، طالب رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية، كمال خرازي، الأطراف الأوروبية في الاتفاق النووي بتقديم حزمة مقترحات تضمن حقوق إيران، على حد تعبيره.
ونقلت عنه وكالة "فارس" قوله خلال زيارة إلى الصين أن طهران تولي اهتماما خاصا بعلاقاتها مع موسكو وبكين، معتبرا أن حل المسائل العالقة والمرتبطة بالاتفاق النووي من شأنه أن يضمن استمرار الحوار والتعاون مع هذه الأطراف.
وكان ترامب قد أعلن انسحاب بلاده من الاتفاق النووي بين إيران والسداسية الدولية في مايو/ أيار الماضي، بحجة أنه اتفاق ناقص لا يشمل بنودا لتقييد إيران صاروخيا وإقليميا، وقررت طهران بعدها أن تدخل في حوار جديد مع الأطراف الباقية في الاتفاق وعلى رأسها ألمانيا وبريطانيا وفرنسا للحصول على ضمانات لحصد الثمار الاقتصادية لتوافق على البقاء فيه وتستمر بتنفيذ التعهدات التي تقيد النشاط النووي، ولم يصل هذا الحوار إلى نتيجة عملية بعد.
وكان وزير الخارجية الأميركي الأسبق، جون كيري، قد أعرب عن أنه اجتمع بظريف في الفترة الماضية أكثر من مرة، بهدف الحفاظ على الاتفاق النووي الذي شارك في التوصل إليه، وهو ما أغضب الإدارة الأميركية الحالية التي رأى وزير خارجيتها، مايك بومبيو، أن سلفه يحاول تقويض السياسة الأميركية ويجري محادثات عبر قنوات خلفية.