يشار إلى أن التحالف يغلق مطار صنعاء الدولي أمام الرحلات المدنية، منذ أغسطس/ آب 2016، باستثناء رحلات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية، بالإضافة إلى حالات محدودة، سمح فيها لطائرة عُمانية بالوصول إلى صنعاء لنقل مفاوضين، بناءً على الدور الذي تلعبه مسقط كوسيط مع الحوثيين، منذ تصاعد الأزمة في البلاد. ومع اختلاف الملابسات، فإن تأخر الوفد المفاوض عن الحوثيين وحزب المؤتمر الشعبي العام بجناحه في صنعاء، أمر يمثل تكراراً لما حدث قبيل انطلاق مشاورات الكويت التي كان من المقرر أن تنطلق في 18 إبريل/ نيسان 2016، إلا أن ترتيبات الساعات الأخيرة أجلت انطلاق المفاوضات إلى 21 من الشهر نفسه. ومن المتوقع أن تصل الجهود الدبلوماسية التي يبذلها المبعوث الدولي، مارتن غريفيث، والدول الغربية إلى تفاهمات تسمح بمغادرة الوفد خلال الـ48 ساعة المقبلة. وأمهل وفد الحكومة اليمنية لمحادثات جنيف الحوثيين 24 ساعة للحضور الى سويسرا، والا فإن الوفد "سيغادر"، فيما قال مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن غريفيث، في بيان، إنه "يأمل في أن يرى وفد صنعاء حاضراً (في جنيف) لتسريع العملية السياسية".
جنوباً، شهدت عدن ومحافظات أخرى احتجاجات وما وصفته مصادر محلية، بـ"أعمال فوضوية"، من قبل أنصار ومسلحي "المجلس الانتقالي الجنوبي"، المنادي بالانفصال والمدعوم إماراتياً، والذي نظم مهرجاناً جماهيرياً في عدن لرفض مشاورات جنيف، احتجاجاً على عدم إشراكه فيها، بالإضافة إلى التصعيد ضد الحكومة الشرعية، التي يحملها الانفصاليون المسؤولية عن الأزمة الاقتصادية وانهيار العملة أخيراً. غير أن التصعيد الأخير، كما يبدو، لم يتخذ من احتجاجات "أزمة العملة" والمفاوضات سوى فرصة للتحرك ضد الشرعية. وفيما أكد سكان في عدن، لـ"العربي الجديد"، أن مسلحين موالين لـ"الانتقالي" قطعوا عدداً من الشوارع ومنعوا المركبات من المرور عبر إحراق الإطارات، بالتزامن مع التحضير للمهرجان، كشفت وثيقة، هي عبارة عن البرنامج التصعيدي لفرع المجلس في محافظة الضالع (التي يتحدر منها أبرز قادة "الانتقالي")، عن "توجه للسيطرة على مختلف المرافق الحكومية بالقوة، والدعوة إلى منع الصادرات من المرور من محافظة الضالع إلى المناطق الشمالية"، في إشارة إلى الواردات القادمة من ميناء عدن، ومعظمها من المواد التجارية، بالإضافة إلى نشر المسلحين بحجة حماية المتظاهرين "سلمياً" ضد الحكومة.
وكانت الاحتجاجات بدأت منذ أيام، من عدن وحتى المكلا، مركز محافظة حضرموت، من خلال تظاهرات غاضبة تندد بانهيار الريال اليمني وما رافقه من ارتفاع غير مسبوق في أسعار السلع والمواد الغذائية. وتطورت الاحتجاجات إلى عصيان مدني، أمس الخميس، في أكثر من مدينة، حيث أغلقت معظم المحال التجارية في مدينة زنجبار بمحافظة أبين، وفي مناطق مختلفة من محافظة شبوة وحتى حضرموت. وقال سكان في عدن إن تحركات "الانتقالي" تسببت بأزمة في المشتقات النفطية، والتي بيعت بأسعار مضاعفة. وبدوره، قال رئيس الوزراء اليمني، أحمد عبيد بن دغر، إن الحكومة "اتخذت عدداً من الإجراءات والقرارات لوقف تدهور الريال وتخفيف معاناة المواطنين"، واصفاً ما تشهده المحافظات الجنوبية بأنه "ممارسات غير مسؤولة، صادرة عن بعض القوى، وما نتج عنها من أعمال فوضى وتخريب بالعاصمة المؤقتة عدن وبعض المحافظات، استغلالاً لحاجات الناس جراء تداعيات تراجع سعر الصرف قوبلت برفض شعبي".
وعلى الرغم من الشعارات التي رفُعت خلال الاحتجاجات ضد السعودية والإمارات، إلا أن استمرارها بدا واضحاً أنه بضوء أخضر من أبو ظبي، التي تعد المحرك الأول لـ"الانتقالي الجنوبي"، منذ تأسيسه، الأمر الذي ظهر جلياً من خلال البيانات التي واصل المجلس إصدارها على مدى الأيام الماضية، بصرف النظر عن المنحى الذي اتخذته الاحتجاجات، خصوصاً ما شهدته المكلا، الأربعاء الماضي، من إحراق وتمزيق للافتات رفعت عليها صور قادة التحالف، بمن فيهم العاهل السعودي، الملك سلمان، ورئيس الإمارات، خليفة بن زايد آل نهيان، وولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد. وفي ظل الموقف الضبابي لدول التحالف من التصعيد في عدن، تباينت تفسيرات المتابعين، إذ بدا كما لو أنه مقدمة لتمكين "المجلس الانتقالي" عسكرياً في مناطق جنوب اليمن، على حساب الشرعية، الأمر الذي يعتمد على الخطوات المقبلة وحدود التصعيد في الأيام القليلة المقبلة. وأياً تكن الشعارات التي يتم رفعها خلال التظاهرات، فإن المؤكد أن أنصار "الانتقالي" الانفصالي لن يقدموا على أي خطوات تصعيدية جديدة دون ضوء أخضر من التحالف، أو من أبوظبي على الأقل.