وقالت وسائل إعلام النظام الرسمية إن الطيران الحربي استهدف "تحركات المسلحين" في محيط الهبيط والتمانعة بريف إدلب الجنوبي، إضافة إلى غارات على بلدة كفرعين، مضيفة أن قوات النظام استهدفت أيضا "مواقع وتحركات المجموعات المسلحة في مدينة كفرزيتا وقرى الكرات والجنابرة والزكاة في ريف حماة الشمالي والشمالي الغربي".
وقالت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، إن القصف بالصواريخ الفراغية طاول أيضاً بلدة الهبيط التابعة لمعرة النعمان، فيما يحلق طيران الاستطلاع بكثافة في سماء محافظة إدلب، وسط تخوف من تصاعد الغارات الجوية لتشمل مناطق أخرى.
وأوضحت المصادر أن الطائرات الحربية نفذت ثلاث غارات بالصواريخ على قرية الهبيط، جنوب مدينة إدلب، ما أدى لمقتل مدني وجرح عشرة آخرين، بينهم اثنان بحال خطرة، أحدهما بترت يده، وأسعفوا إلى مشفى قريب.
وكانت قوات النظام قد قصفت، مساء أمس، قرى تل عثمان والأربعين والزكاة بريف حماة الشمالي، إضافة إلى قرية الكركات بجبل شحشبو، وقرية جزرايا بريف حلب الجنوبي.
وأعربت مصادر عسكرية عن اعتقادها بأن قوات النظام وحلفاءه، يستهدفون من خلال توزيع عمليات القصف على مجمل مناطق المعارضة، تشتيت المقاتلين في فصائل المعارضة، ومنعهم من تركيز دفاعاتهم، إضافة إلى إشاعة جو من الهلع في صفوف المدنيين بهدف الضغط على الفصائل المسلحة، وتسريع عمليات النزوح، وذلك بهدف دفع تلك الفصائل، والمجتمع المحلي للقبول بشروط "المصالحة" مع النظام.
من جهته، أفاد المحلل العسكري العميد أحمد الرحال، بأن فصائل المعارضة تواصل بنجاح عمليات التحصين والتدشيم، وقد عمدت إلى بناء ملاجئ لحماية المدنيين من قصف الطائرات الحربية بغية تفادي نقاط الضعف التي شهدتها الجبهات الأخرى، حيث اضطر المقاتلون إلى تنفيذ انسحابات تحت ضغط القصف الجوي عليهم وعلى حواضنهم الشعبية.
إلى ذلك، تواصل تركيا استقدام تعزيزات عسكرية إلى الحدود مع سورية. وقالت وكالة "الأناضول" التركية، اليوم الجمعة، إن قافلة تعزيزات وصلت إلى ولاية كلس لدعم الوحدات المتمركزة على الحدود مع سورية.
وأضافت أن القافلة تضم شاحنات محملة بالدبابات، ووصلت إلى قضاء ألبيلي بولاية كلّس، مشيرةً إلى رفع الجيش التركي من مستوى تعزيزاته على حدوده الجنوبية، في ظل توتر تشهده إدلب.
إلى ذلك، شهدت عشرات المناطق في محافظة إدلب ومناطق شمالي حماة وغرب حلب، اليوم، مظاهرات شعبية كبيرة تحت شعار "ديميستورا والأسد شركاء القتل والتهجير"، استنكارا لتصريحات المبعوث الدولي إلى سورية التي رأت أوساط المعارضة أنها تبرر العمل العسكري في إدلب بحجة وجود إرهابيين فيها.
وقالت مصادر محلية إن المظاهرات انطلقت بعد صلاة الجمعة من أكثر من أربعين منطقة في محافظة إدلب إضافة إلى 26 نقطة في ريف حلب وأربع نقاط في ريف حماة الشمالي.
كما أعلنت منظمات مدنية تركية عن مظاهرات تضامنا مع إدلب في كل من إسطنبول، وباطمان، وديار بكر، وفان أماسيا، وبورصة، وسيفاس، وأضنة، وبينغول، وموش.
ويأتي ذلك بالتزامن مع انعقاد القمة بين زعماء تركيا وروسيا وإيران في طهران، والتي من المفترض أن تحسم مصير منطقة إدلب.
وبدأت القمة بعد ظهر اليوم، بين الرؤساء الإيراني حسن روحاني والروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان، بالتزامن مع اجتماع آخر حول الوضع في سورية لمجلس الأمن الدولي دعت إليه الولايات المتحدة.
وكان المبعوث الأميركي الخاص إلى سورية، جيمس جيفري، قد أكد، مساء أمس الخميس، أن هناك "العديد من الأدلة بوجود تحضير من قبل النظام السوري لأسلحة كيميائية في محيط إدلب"، محذراً من خطورة الوضع في محافظة إدلب، ومن أن أي هجوم على المنطقة سيكون "تصعيداً متهوراً".
وقد أعلن سفراء ثماني دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي دعمهم الكامل للجهود التي تبذلها تركيا لتجنيب محافظة إدلب ومحيطها كارثة إنسانية.
ودعا مندوب السويد لدى الأمم المتحدة، أولوف سكوغ، أمام قاعة مجلس الأمن في نيويورك، نيابة عن الدول الثماني، وهي، إلى جانب بلاده، بريطانيا، فرنسا، هولندا، بولندا، ألمانيا، بلجيكا، وإيطاليا، النظام السوري إلى "تحمل مسؤولياته بحماية المدنيين، وإلى ضبط النفس والسماح غير المشروط بوصول المساعدات الإنسانية".
تحذيرات أوروبية
إلى ذلك، حذر عدد من القادة والمسؤولين الأوروبيين من حصول كارثة إنسانية في إدلب السورية، في ضوء الحديث عن التحضيرات لشن هجوم النظام بدعم روسي إيراني على المحافظة.
ودعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أمس، إلى "تجنب وقوع كارثة إنسانية في حال هاجم النظام السوري معاقل المعارضة في محافظة إدلب"، مطالبة بـ"حماية المدنيين"، قائلة إن "الأمر يتعلق بمكافحة القوى الإسلامية المتطرفة، وستكون هذه مهمة كبيرة"، ولافتة إلى أنها تحدثت بهذا الخصوص مع كل من الرئيسين الروسي والتركي.
ويرى محللون أوروبيون أن الأمور ذاهبة في إدلب نحو الحسم العسكري، بعدما قامت القوات الروسية أخيراً بتجميع أسطول على الساحل السوري شرق البحر الأبيض المتوسط، مع ترقب ما ستسفر عنه قمة طهران، اليوم.
وفي السياق، يرى خبراء في الشؤون الاستراتيجية الأوروبية أن روسيا لا تزال تميل إلى استيعاب الأتراك، لأن الكرملين يحتاج إلى مشروعين، من جهة للتفاوض على نهاية رسمية للصراع مع المعارضة وجعل رئيس النظام بشار الأسد مقبولاً دولياً، عدا عن أن موسكو تخطط لأن تكون تركيا شريكاً محتملاً ومثيراً للاهتمام بسبب النزاع المستمر بين أنقرة وواشنطن.
وبالنسبة لأوروبا ومدى تأثيرها على الحرب السورية، اعتبر رئيس لجنة الشوؤون الخارجية داخل البرلمان الألماني أنها تحولت إلى "متسول دبلوماسي، وهي أحد أكبر الخاسرين في الحرب السورية"، حسب قوله، ما اعتبر انتقاداً لاذعاً لبلاده وللاتحاد الاوروبي.