وعلى ضوء موقف فصائل تعتبر أساسية في منظمة التحرير، مثل الجبهتين الشعبية والديمقراطية وحركة "فدا"، فإن المشهد السياسي المقبل من المتوقع أن يشهد تشظياً وانقسامات سياسية أكثر بين هذه الفصائل وحركة "فتح" من جهة، وبين فصائل اليسار من جهة أخرى، باعتبار رفض بعضها المشاركة في الحكومة من حيث المبدأ، مثل الجبهة الشعبية، وفصائل أخرى مثل الديمقراطية التي تؤكد أن "الانتخابات أولا، وليس تشكيل حكومة"، في الوقت الذي يستعد التجمع الديمقراطي، الذي يضم خمس قوى (الجبهتان الشعبية والديمقراطية، وحزب الشعب، وحركة "فدا" و"المبادرة") للاجتماع مساء غد للخروج بموقف موحد.
ويعتبر موقف التجمع الديمقراطي الاختبار الجدي الأول أمامه، وسيحدد إن كان بإمكانه إكمال مهمته التي تأسس من أجلها، أو أن الاختلاف على المشاركة في الحكومة من عدمه، الأمر الذي قد يعني إنهاء التحالف الذي مازال في أول الطريق.
في السياق ذاته، نفت الجبهتان الشعبية والديمقراطية و"فدا" علمها بما يجري بشأن التحركات لإقالة حكومة الحمد لله، مؤكدة أنه لم يطرح عليها أي شيء بهذا الخصوص.
وقال القيادي في الجبهة الشعبية عمر شحادة لـ"العربي الجديد": "لم يعرض علينا أي شيء، كما أنه لم يطرح موضوع تشكيل حكومة سياسية فصائلية في اجتماعات منظمة التحرير رسميا، أو بين الفصائل والقوى الوطنية".
وأضاف: "أي خطوة سياسية ما لم ترتبط باتفاقيات المصالحة وتشكيل حكومة وحدة وطنية تشرف على انتخابات عامة، على أساس التمثيل النسبي، تنتهي بعقد مجلس وطني توحيدي جديد، ينتخب قيادة موحدة للشعب الفلسطيني، ويستعيد مكانة منظمة التحرير الفلسطينية، ليس إلا لعبة كراسي لا تغير من جوهر وحقيقة المحتوى السياسي والاجتماعي الحالي".
وأكد أنه "لا يمكن أن نشارك في أي حكومة ما لم يجر الوداع المطلق وطي صفحة "اتفاق أوسلو"، وأي حكومة قادمة يجب أن تخضع لبرنامج سياسي ملتزم بقرارات المجلسين الوطني والمركزي، والتوافقات الوطنية القائمة على اعتبار "اتفاق أوسلو" صفحة يجب طيها".
وتقاطع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين اجتماعات اللجنة التنفيذية التي تم تشكيلها في أغسطس/ آب الماضي، وذلك عقب مقاطعتها عقد المجلس الوطني الذي جرى في رام الله، في إبريل/ نيسان الماضي.
وقال شحادة: "الجبهة الشعبية تقاطع اجتماعات اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير على اعتبار أن هذه الهيئة قامت على أساس عقد مجلس وطني، الذي لا نرى في عقده بالطريقة التي تمت أي أساس لعلاج الوضع الفلسطيني، وتأسيسه انطوى عليه عور سياسي وقانوني يجعل من شرعيته غير مكتملة ومشكوك فيها".
أما عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية رمزي رباح فقد أكد لـ"العربي الجديد"، أنه "لم يجر التشاور مع الجبهة الديمقراطية، وهذا موضوع لم يطرح في اجتماع اللجنة التنفيذية الأخير، إذ طرحت قضايا أخرى تتعلق بالمصالحة وترتيب وضع المؤسسات".
وقال: "ما يطرح حول حكومة فصائلية يتم ترديده في الإعلام فقط، ولم يبحث في الاجتماعات التي جرت في إطار منظمة التحرير، أو في اجتماعات القيادة الفلسطينية، ومعظم فصائل منظمة التحرير تستغرب من هذا الحديث الذي يتردد في وسائل الإعلام".
وشدد على أن: "هناك استغراب لطرح تشكيل حكومة سياسية فصائلية الآن، لأن القضية الأساسية المطروحة هي تنفيذ قرارات المجلس الوطني والمركزي الخاصة بدفع عملية المصالحة والحوار الفلسطيني باتجاه الذهاب لانتخابات شاملة في الضفة وقطاع غزة والقدس، وانتخابات شاملة تشريعية ورئاسية والمجلس الوطني".
وأضاف: "نعتقد أن الحديث عن حكومة فصائلية غير وارد بهذا المعنى، ولا ينسجم مع ما قررته المؤسسات والهيئات الفلسطنية الوطنية".
وحول موقف الجبهة الديمقراطية إن عّرض عليها المشاركة في حكومة سياسية فصائلية، أوضح: "التوافق على إجراء الانتخابات الشاملة هي النقطة الأولى، وإذا احتاج الأمر إلى حكومة الوحدة الوطنية لإعداد الإجراءات المطلوبة للانتخابات يمكن أن تشكل الحكومة كأداة لتنفيذ الانتخابات، أي ألا تصبح قضية الحكومة هي الموضوع مادام الأساس غير متفق عليه، بل تشكيل الحكومة يعتبر خطوة سابقة لما بعد الاتفاق على الانتخابات، وليست قبل ذلك".
بدورها، أكدت زهيرة كمال أمين عام حركة "فدا": "نحن مع تشكيل حكومة وحدة وطنية، وليس حكومة فصائل منظمة تحرير، لأن حكومة وحدة وطنية تعني الكل الفلسطيني، وبالتالي نتحدث عن أهمية إجراء حوار بين الجميع، من أجل عقد الانتخابات رئاسية وتشريعية وللمجلس الوطني".
وقالت: "في حال وجود بعض القوى التي لا تريد أن تشارك في الانتخابات هذه مسألة أخرى، لكن يجب أن يتم في البداية الحوار من أجل تشكيل حكومة الوحدة الوطنية التي تأخذ على عاتقها الإعداد للانتخابات، ومن ثم تجرى هذه الانتخابات، أي بالأول يجب أن يكون هناك حوار، ثم تشكيل الحكومة، ثم إجراء الانتخابات".
وتابعت: "حكومة وحدة الوطنية تعني جميع الفصائل الفلسطينية، بما فيها "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، بغض النظر إن كان قرارهم المشاركة من عدمه. الحوار يجب أن يتم في البداية، وبناء على الموقف يتم تشكيل الحكومة، ويجب ألا نذهب إلى حكومة فصائل منظمة التحرير قبل الحوار الديمقراطي مع الجميع".
ولفتت كمال إلى أن "التجمع الديمقراطي سيعقد اجتماعا مساء غد الاثنين لبحث هذا الأمر، ونتوقع أن يخرج بوقف موحد، لأن الخروج عن الموقف الموحد من قبل أي من فصائل التجمع يعني ضرب التجمع".