وصل رئيس جهاز الأمن الليبي الخارجي السابق، أبوزيد دوردة، إلى العاصمة المصرية القاهرة، مساء أمس الأحد، قادما من طرابلس عبر تونس، بعد ساعات من الإفراج عنه، فيما أكدت وزارة العدل بحكومة الوفاق أن قرار الإفراج عنه جاء "لدواع واعتبارات تقتضيها حالته الصحية".
وعلى الرغم من أن إعلان الوزارة يعتبر أول تعليق رسمي من قبل حكومة الوفاق على قرار الإفراج عن بودوردة، إلا أنه لم يذكر تفاصيل أخرى توضح أسباب تأخر تنفيذ قرارها بالإفراج عنه، الصادر منذ يونيو/ حزيران العام الماضي.
لكن مصدراً مقرباً من أسرة أبوزيد دوردة كشف أن الإفراج عنه جاء بعد تفاوض بين شخصيات حكومية وشخصيات من قبيلته، وهي قبيلة المقارحة التي تعتبر من أقوى قبائل الجنوب، مشيرا إلى أن بودوردة طلب منه أن يلعب دورا للحد من مشاركة قبيلته في حراك حفتر في الجنوب الليبي.
وينتمي لقبيلة المقارحة المنتشرة على نطاق واسع في الجنوب الليبي، ومناطق أخرى في الشمال، أيضا رئيس جهاز المخابرات عبد الله السنوسي صهر الزعيم الليبي السابق معمر القذافي، الذي لا يزال معتقلا في طرابلس، والعقيد محمد بن نائل، أحد أبرز قادة قوات حفتر، والمسؤول حاليا عن قاعدة براك الشاطئ.
وفي تفاصيل أكثر تحدث بها مصدر على صلة وثيقة بالمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق لـ"العربي الجديد"، فقد ذكر المصدر أن السراج "لديه خطط تتجه إلى فك تحالفات حفتر في الجنوب مع القبائل الكبيرة"، موضحا أن "السراج يسير وفق خطة من مستشاريه تهدف إلى الاستعانة بأبرز الشخصيات العسكرية والسياسية المؤثرة في الجنوب للتأثير على تحالفات حفتر وتفكيكها".
وأشار المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، إلى أن "نجاح السراج في تحييد قبائل الطوارق من خلال تعيين أبرز قادتها العسكريين، الفريق علي كنه، آمراً عسكرياً في الجنوب، جعل سيطرة حفتر على حقول النفط التي يؤمنها مسلحو تلك القبيلة اسميا فقط".
واعتبر المصدر أن أغلب أفكار السراج الحالية تتجه للاستعانة برموز النظام السابق، مشيرا إلى تعيين السراج للواء محمد الشريف، رئيسا للأركان العامة، وترقيته لرتبة فريق، السبت الماضي، وهو الشخصية العسكرية البارزة في نظام القذافي السابق، وعمل ضمن قوات القذافي خلال حربها مع تشاد في ثمانينيات القرن الماضي، تحت إمرة حفتر، لكنه في العقود الأخيرة من حكم القذافي حظي بتقدير كبير في الأوساط القبلية والعسكرية في الجنوب.
المصدر اعتبر أن اتجاه السراج للاستعانة برموز النظام السابق "ليس جديداً، فوزير الخارجية الحالي، محمد سيالة، أيضا دبلوماسي سابق بارز". وعن سبب اختيار بودوردة تحديدا، قال "لديه حظوة شعبية كبيرة لدى رموز الحكم الماضي وفي أوساط قبيلته، فلم تثبت عليه إي إدانة حقيقية، كما أنه مقبول لدى شريحة كبيرة من معارضي القذافي كونه قاد عملية التفاوض التي أطلقها القذافي مع معارضيه خلال العقد الماضي إبان توليه رئاسة جهاز الأمن الخارجي".
وأكد المصدر أن شيوخ المقارحة اتفقوا على التفاوض مع مسلحي القبيلة وضباطها لمراجعة موقفهم من عملية حفتر في الجنوب الليبي.
واعتقل بودوردة الذي تولى مناصب مهمة، كان آخرها رئيس جهاز الأمن الخارجي، على يد الثوار في سبتمبر/أيلول من عام 2011، ووضع في سجن الهضبة بطرابلس برفقة عدد كبير من رموز حكم القذافي قبل أن يخضع لجلسات محكمة استئناف طرابلس التي حكمت عليه في يوليو/تموز 2015 بالإعدام رميا بالرصاص.
لكنّ وزارة العدل في حكومة الوفاق أعلنت في يونيو/حزيران من العام السابق عن قرارها بالإفراج عنه لدواع يفرضها وضعه الصحي، من دون التعليق على قرار المحكمة.
المصدر ذاته كشف عن قرارات ستصدر من السراج قريبا بتعيين سياسيين وعسكريين في مناصب حساسة ستصدر قريبا، من بينها تعيين، اللواء الميروك سحبان، القائد البارز لقوات القذافي في غرب البلاد، لإرجاعه إلى منصبه قائداً لقوات الحكومة في مدينة غريان الجبلية غربي البلاد، مبينا أن سحبان يتبعه عدد من ضباط المنطقة الغربية، الذين عملوا معه لوقت طويل إبان فترة حكم النظام السابق.
وتقع غريان على مسافة بضع كيلومترات من منطقة الأصابعة، التي أعلنت قوات حفتر سيطرتها عليها في التاسع من الشهر الجاري في خطواته الساعية للاقتراب من العاصمة طرابلس.