كشفت مصادر سودانية في القاهرة عن كواليس اجتماعات النائب الأول للرئيس السوداني وزير الدفاع عوض بن عوف، ومدير جهاز الأمن والاستخبارات الوطنية السودانية، الفريق أول صلاح قوش، بالمسؤولين في مصر، خلال زيارة قاما بها إلى القاهرة يوم الثلاثاء الماضي.
وبحسب مصادر دبلوماسية سودانية ومصرية، فإنّ المسؤولين السودانيين عرضا على الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خطة الرئيس السوداني عمر البشير، لتجاوز أزمة الاحتجاجات الواسعة التي يشهدها السودان، كاشفة أنّ الخطة تتضمن تأكيدات بعدم ترشّح البشير مرة أخرى للانتخابات الرئاسية بعد وقْف التعديلات الدستورية.
وأوضحت المصادر، التي تحدثت مع "العربي الجديد"، أنّ الخطة تتضمّن كذلك مدّ فترة بقاء البشير في الحكم عبر فترة انتقالية يتم التوافق عليها مع قوى المعارضة والفصائل المسلحة والأحزاب، على أن يدير شؤون البلاد خلال تلك الفترة مجلس رئاسي بقيادة البشير يضم 5 شخصيات ترشحها الأحزاب، ويكون أحد هؤلاء وزير الدفاع. ويتولى هذا المجلس تهيئة الأوضاع والتجهيز لانتخابات رئاسية بشكل يضمن انتقالاً سلمياً للسلطة ويمنع الفوضى.
وأشارت المصادر إلى أنّ بن عوف وقوس اللذين زارا القاهرة، جاءا للتأكيد للجانب المصري أيضاً على أنّ الأوضاع تحت السيطرة، إذ أبلغا السيسي أنّ لقاءات البشير أخيراً مع قيادات حزبية، تسير بشكل جيّد نحو التوصّل لمباركة لخطة الخروج من الأزمة، لافتين إلى أنّ ما يشغل البشير أيضاً هو التوصّل لصيغة شعبية تضمن عدم إلقاء القبض عليه أو تسليمه للمحكمة الجنائية الدولية عقب تركه لمنصبه، إذ إنه يبحث عن ضمانات حقيقية في هذا الشأن.
وفي الإطار ذاته، أوضح مصدر دبلوماسي مصري تحدّث إليه "العربي الجديد"، أنّ البشير طالب خلال رسالة بعث بها مع نائبه الأول، نظيره المصري بضمانات دولية متعلقة بمسألة عدم ملاحقته جنائياً.
وأكد المصدر ذاته أنّ القاهرة مازالت متمسّكة بدعم البشير في السودان، مشدداً على أنّ "التصوّر الذي طرحه البشير يحظى بترحيب مصري، لكون القاهرة لا تريد أي اضطرابات أمنية على حدودها الجنوبية". وأشار إلى أنّ تقارير الحالة الأمنية كافة التي رفعتها الأجهزة المعنية بالشأن السوداني، تنذر بكارثة ستواجهها مصر في حال وقوع اضطرابات في السودان، حيث قدّرت بعض تلك التقارير حجم النازحين السودانيين لمصر بنحو 5 ملايين.
من جهته، قال مصدر دبلوماسي سوداني إنّ التعديل الأخير بتكليف بن عوف بمنصب النائب الأول للرئيس، وتوسيع صلاحيات قوش، أسهمت بشكل كبير في طمأنة الجانب المصري وحلفائه الخليجيين المتمثلين في السعودية والإمارات، لكون تلك الأطراف مطمئنة للمؤسسة العسكرية في السودان.
اقــرأ أيضاً
وأشار المصدر إلى أنّ بن عوف أكّد للسيسي أنّ مستقبل السودان لن يكون تحت سيطرة جماعات الإسلام السياسي، وأنّ الأمور جميعها تحت سيطرة من المؤسسة العسكرية، لافتاً إلى أنّ خطوة تكليف بن عوف من جانب البشير كانت تهدف لإيصال تلك الرسالة، كذلك ليضمن عدم انقلاب الجيش عليه في ظلّ الظروف القائمة.
وكانت مصادر دبلوماسية مصرية قد كشفت في وقت سابق عن تدخّل مصر لدى كل من السعودية والإمارات لدعم استقرار الأوضاع في السودان، خصوصاً في ظلّ رغبة الحليفين الخليجيين للقاهرة في الإطاحة بالبشير واستبداله.
وكان السيسي استقبل الثلاثاء الماضي كلا من بن عوف وقوش، بحضور وزير الخارجية المصري سامح شكري، ورئيس الاستخبارات العامة اللواء عباس كامل، وسفير السودان في القاهرة عبد المحمود عبد الحليم، الذي شرع في إجراءات إنهاء خدمته في القاهرة والعودة للسودان، إذ من المقرر أن يخلفه خلال الأيام المقبلة، السفير ياسر خضر.
وقال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، السفير بسام راضي، إنّ السيسي أكد خلال اللقاء "دعم مصر الكامل لأمن واستقرار السودان، والذي يعدّ امتداداً للأمن القومي المصري".
من جانبه، نقل بن عوف إلى السيسي تحيات البشير، مؤكداً "التقارب الشعبي والحكومي المتأصل بين مصر والسودان"، ومعرباً عن خالص تعازيه ومواساته نيابةً عن حكومة وشعب السودان في ضحايا حادث محطة مصر.
كما أشاد النائب الأول للرئيس السوداني بـ"الجهود القائمة للارتقاء بأواصر التعاون المشترك بين البلدين"، خصوصاً من خلال تكثيف الزيارات المتبادلة للقيادة السياسية وكبار المسؤولين من الجانبين، مثمناً في السياق ذاته "الدعم المصري غير المحدود للحفاظ على سلامة واستقرار السودان". كما أعرب عن تطلع بلاده "للاستفادة من الدور الريادي لمصر في المنطقة، وتجربتها التنموية الملهمة"، على حدّ تعبير المتحدث باسم الرئاسة المصرية.
وأضاف راضي أنّ اللقاء تناول سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين على المستويات كافة، إذ تمّ الإعراب عن الارتياح المتبادل لمسار التعاون المشترك، كما تم تأكيد أهمية إتمام مشروع الربط الكهربائي بين الدولتين، وكذلك الدراسات الخاصة بمشروعات السكك الحديدية بينهما.