تشهد جزيرة الوراق المصرية حالة من الغليان بين سكانها بسبب الخطط الحكومية الرامية لتهجيرهم وإقامة مشاريع استثمارية عليها، في وقت يخشى فيه النظام من تحولات تلك الأزمة على ضوء أزمات إقليمية ودولية، في مقدمتها تظاهرات السودان، وتظاهرات "السترات الصفراء" في فرنسا. يخشى النظام المصري من تحول تلك الأزمة لشرارة تفجّر تظاهرات غضب واسعة تصعب السيطرة عليها بسبب محاولات تمرير التعديلات الدستورية، التي تتيح زيادة بقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في الحكم، في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية.
في هذا الصدد، كشفت مصادر مصرية مقرّبة من دوائر صناعة القرار عن تعليمات رفيعة المستوى للأجهزة الأمنية والهيئة الهندسية للقوات المسلحة المشرفة على عمليات إخلاء الجزيرة وإقامة محور روض الفرج الذي يمر على أراضي الجزيرة ويبتلع مساحات كبيرة من الأراضي والعقارات المملوكة للأهالي، بتأجيل كافة الإجراءات التي من شأنها إحداث صدام أو إثارة قلاقل في الفترة الراهنة ولحين إجراء الاستفتاء على التعديلات الدستورية قبل شهر رمضان (مايو/ أيار) المقبل.
ولفتت المصادر أيضاً إلى أن "الأمر لن يقف عند تأجيل الخطط الخاصة بالوراق فقط، بل سيمتد لتأجيل القرارات التي كان مقرراً الشروع فيها بشأن منطقة نزلة السمان المتاخمة لأهرامات الجيزة". وأشارت إلى أن "الفترة المقبلة كان مقرراً لها أن تشهد المزيد من عمليات الهدم للمباني المتاخمة والمجاورة بشدة لمنطقة الأهرامات، وتنفيذ أكبر قدر ممكن من عمليات الإزالة لإخلاء منطقة كبيرة وإدخالها ضمن مشروع تطوير المنطقة بالكامل وتحويلها لمنطقة سياحة عالمية".
مع العلم أن مطلع شهر فبراير/ شباط الماضي شهد أجواء محتقنة في جزيرة الوراق، وسط عمليات حشد من جانب أهالي الجزيرة، تحسباً لاقتحام قوات من الشرطة والجيش للجزيرة مجدداً لتنفيذ عمليات إزالة لعدد من المباني وتجريف مساحات زراعية مملوكة للسكان، بعد اجتماع لرئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة مع عدد من الملاك وهدد فيها باقتحام الجزيرة لتنفيذ عمليات الإزالة.
وكانت الجزيرة قد شهدت اشتباكات عنيفة مع قوات الشرطة المدعومة بعناصر من القوات المسلحة في يوليو/ تموز 2017، عندما اقتحمت القوات المصرية المنطقة في محاولة لإزالة مجموعة من المباني، واستخدمت قنابل الغاز المسيل للدموع والطلقات النارية، ما أسفر عن مقتل أحد الأهالي وإصابة العشرات، قبل أن تنتهي تلك المواجهة بانسحاب الشرطة، واعتقال نحو 22 من السكان. كما شهدت منطقة نزلة السمان المتاخمة لأهرامات الجيزة أخيراً مواجهات بين سكان عدد من المنازل وقوات الشرطة التي حضرت للمنطقة لتنفيذ عمليات الإزالة، نهاية يناير/ كانون الثاني الماضي، وسط اتهامات من جانب السكان بمساعٍ حكومية لإخلاء المنطقة منهم قسرياً.