رد قائد أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح، اليوم الأربعاء، على الانتقادات الحادة التي وجهتها له قوى وشخصيات سياسية ومدنية معارضة عقب دعوته إلى تطبيق المادة 102 من الدستور، التي تقرّ بحالة شغور منصب رئيس الجمهورية، واعتبرت ذلك تدخلا من الجيش في الشؤون السياسية وخروجا عن مهامه الدستورية.
وقال قائد أركان الجيش، في خطاب ثانٍ ألقاه خلال اجتماع موسع مع القيادات العسكرية في
منطقة ورقلة جنوبي الجزائر، إن "الجيش لم ولن يحيد أبدا عن مهامه الدستورية"، مشيرا إلى أن "الجزائر تعيش في وضع إقليمي متوتر وغير مستقر، يشهد تفاقما كبيرا لكافة أنواع الآفات، بما فيها الإرهاب والجريمة المنظمة بكافة أشكالها، والتي تمثل تحديات كبرى وجب علينا في الجيش التصدي لها بكل حزم وصرامة، وفقا لمهامنا الدستورية".
وكان قائد أركان الجيش الجزائري يعلّق بشكل غير مباشر على حملة انتقادات وجهتها له قوى وشخصيات المعارضة، والتي اتهمته بالتدخل في الشأن السياسي وفرض "حلول دستورية" غير مكافئة للمأزق السياسي، بعد طلبه، أمس الثلاثاء، إعلان حالة شغور منصب رئيس الجمهورية وعدم أهلية الرئيس عبد العزيز بوتفليقة للاستمرار في منصبه حتى نهاية عهدته في 27 إبريل/ نيسان المقبل.
ودافع قائد الجيش عن تغيّر موقف الجيش من الحراك الشعبي ومطالبه، بعد مواقف أولى وصف فيها الناشطين والمتظاهرين بـ"المغرر بهم"، قبل أن يراجع موقفه في وقت لاحق ويعلن دعمه للحراك، مؤكدا أن "الجيش يعرف في الوقت المناسب كيف يغلّب مصلحة الوطن على كافة المصالح الأخرى"، مضيفا أنه "لا خوف على حاضر الجزائر وعلى مستقبلها، في ظل هذا الشعب الواعي والمدرك للمصلحة العليا لوطنه، ولا خوف على الجزائر وعلى مستقبلها في ظل هذا الجيش الوطني الشعبي، الذي سيعرف كيف يجتاز هذه المحن والأزمات".
وجدد قائد الجيش التزام المؤسسة العسكرية بـ"بعث الطمأنينة وراحة البال في قلوب أبناء الشعب الجزائري، وهو واجب وطني نمنحه في الجيش أهمية قصوى، ونعمل جاهدين وبمثابرة شديدة على أن نكون دوما في مستوى هذا الواجب الوطني".
انتقادات لقائد الجيش
وفي سياق رفض طلب قائد الجيش أمس، قال الناشط الحقوقي مقران آيت العربي إنه "لم يعد لتطبيق المادة 102 من الدستور أي معنى في الوقت الحالي"، مشددا: "كان لتطبيقها معنى قبل هذه الثورة الشعبية السلمية، وعندما كانت المعارضة تطالب بها. أما اليوم، فالأزمة لم تعد دستورية للبحث عن حل دستوري، بل أصبحت سياسية تحتاج إلى حل سياسي".
وأضاف آيت العربي، في بيان نشره على صفحته في "فيسبوك"، أن "الأزمة لا تتعلق بتغيير الأشخاص بقدر ما تتعلق برحيل النظام، وهذه المحاولة الجديدة من السلطة ترمي إلى بقاء النظام بطريقة أو بأخرى، وهذا ما يرفضه الشعب المطالب بالتغيير السلمي، لبناء الجزائر الجديدة، جزائر الديمقراطية والحريات والحقوق والمساواة والعدالة الاجتماعية. وهذه الجزائر الجديدة التي يطالب بها الشعب لا يمكن أن تبنى من طرف النظام الحالي الفاسد والمستبد".
وربط الناشط الحقوقي رفضه لمقترح الجيش بكون "تطبيق المادة 102 اليوم، بعد عدة محاولات فاشلة للسلطة قصد البقاء في السلطة بدون إرادة الشعب، يعني عدم الاستجابة للمطالب الشعبية المتمثلة في زوال النظام الفاسد. وذلك لكون إعلان العجز، قبل شهر من نهاية العهدة، يعني إسناد مهام رئيس الدولة لرئيس مجلس الآمة، وبقاء حكومة بدوي ولعمامرة، وتنظيم الانتخابات الرئاسية وفقا لهذه المادة من طرف نفس السلطة، وما سينجم عن ذلك من تزوير لبقاء النظام".
وقال طابو، في تصريح بثه على صفحته على "فيسبوك"، إن "هدف قايد صالح هو الإبقاء على نفس النظام، وتنظيم الانتخابات، ويأتي بأحد رموز النظام لاستمرار العصابة، وهذا تدخل المؤسسة العسكرية في الشؤون السياسية، والفريق قايد صالح ليس له الحق احترامًا للدستور في التكلم والتدخل بالأمور السياسية، كما ليس له صلاحية لتفعيل مادة من مواد الدستور".
"العمال" يسحب نوابهوعلى صعيد متصل، أعلن حزب "العمال" الجزائري سحب نوابه من البرلمان واستقالة مجموعته البرلمانية، التي تضم 14 نائبا، دعما للحراك الشعبي، ورفضا للاستمرار في "مؤسسة نيابية مزورة ومعطوبة".
وأكد بيان نشره الحزب اليساري، اليوم الأربعاء، أن المكتب السياسي للحزب قرر سحب نوابه من البرلمان بدءا من يوم أمس الثلاثاء، بعد قرار "جبهة القوى الاشتراكية" تجميد عضوية نوابها في البرلمان، وقرار كتلة جبهة "العدالة والتنمية" تجميد المشاركة في الأنشطة النيابية للمؤسسة البرلمانية.
وانتقد "العمال"، الذي تقوده المرشحة الرئاسية السابقة لويزة حنون، خطاب قائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، أمس الثلاثاء في منطقة ورقلة، والذي دعا فيه إلى تطبيق المادة 102 من الدستور، معتبرا أنه "موجه ضد إرادة الأغلبية المطلقة للشعب في طرد النظام المرتشي، وتدخل خطير للمؤسسة العسكرية في السياسة".
واعتبر الحزب أن "نص المادة 102 من الدستور يعني بقاء الحكومة الحالية والغرفتين البرلمانيتين اللتين تطالب الأغلبية الساحقة من الشعب برحيلهما، وهي محاولة للإبقاء على النظام".