يحضر الملف الليبي، اليوم السبت، ضمن أشغال القمة العربية العادية الثلاثين في العاصمة التونسية، برفقة ملفات أخرى عاجلة ستطرح على طاولة النقاش العربي، في وقت يزداد الترقب بشأن مخرجات ونتائج الملتقى الوطني الجامع، الذي لم يعد يفصل عن انعقاده سوى أسبوعين ويناط به الحسم بشأن الدستور والانتخابات.
وأكد المتحدث باسم القمة العربية، محمود الخميري، منذ الأربعاء الماضي، أن اللجنة الرباعية التي تضم كلا من الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي، ستجتمع بتونس في 30 مارس/ آذار الجاري، في إطار اجتماعاتها الدورية بخصوص الملف الليبي.
وقال خلال مؤتمر صحافي إن "دورة القمة العربية بتونس تدعم المبادرة الثلاثية لدول الجوار الليبي وهي تونس ومصر والجزائر الرامية لإيجاد حل سياسي للأزمة الليبية"، مشيرا إلى تأكيد عربي واسع لدعم الحل السياسي في ليبيا وإبعاد شبح الحل العسكري ورفض التدخل الأجنبي من خلال دعم فرقاء الأزمة في ليبيا للجلوس إلى طاولة مفاوضات ليبية خالصة تحت رعاية الأمم المتحدة.
وخلال مسارات الجهود المتعددة الدولية والإقليمية لوضع حلول للأزمة في البلاد، تسعى جامعة الدول العربية إلى إثبات وجودها في الملف الليبي؛ فقد أرسل أمينها العام، أحمد أبو الغيط، مبعوثه الشخصي إلى ليبيا، صلاح الجمالي، أخيراً لزيارة ليبيا لـ"بحث مستجدات الملف الليبي"، حيث أكد الخميري أن "زيارة الجمالي تأتي في سياق التزام الجامعة العربية الثابت بدعم الدولة الليبية ومرافقة الأطراف الليبية بغية التوصل إلى تسوية سياسية شاملة".
من جهته، أكد وزير الخارجية التونسي، خميس الجهيناوي، أمس الجمعة، أن بلاده ستواصل جهودها للدفع بالمبادرة التي أطلقها الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، برفقة الدول الجارة لليبيا، مصر والجزائر، من أجل دفع الأطراف الليبية للتوصل إلى توافق سياسي بعيدا عن التدخلات الخارجية.
وشدد الجهيناوي، خلال كلمته في اجتماع وزراء الخارجية العرب التحضيري للقمة، على ضرورة تكاتف الجهود العربية من أجل الدفع بعجلة الإصلاح في ليبيا والإسراع بتنفيذ الاستحقاقات الهادفة لخروج البلاد من أزمتها، مؤكدا أهمية المبادرة التونسية التي تبنتها دول الجوار الليبي الثلاث.
وأطلق الرئيس التونسي في فبراير/ شباط 2017 مبادرة للحل في ليبيا، بعد أن حظيت بدعم مصر والجزائر قبل أن تعتمدها القمة العربية المنعقدة في مارس/ آذار 2017 في الأردن.
لكن الاهتمام العربي الرسمي بالأزمة في ليبيا لا يبدو أنه يشمل كافة البلدان العربية، فالأربعاء الماضي، وبشكل مفاجئ استقبل العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر المعروف بسعيه العسكري ورفضه الحلول السلمية، بشكل رسمي في قصره بالرياض.
وعلى نقيض التصريحات التي نقلتها وكالة الأنباء السعودية عن قادة السلطة السعودية، من "تمنيهم للشعب الليبي التقدم والازدهار" وحرصهم على "أمن واستقرار ليبيا"، اعتبر كثير من المراقبين أن الاستقبال رسالة ضمنية من المملكة وحلفاء حفتر بأن الأخير شخصية رئيسية للحل ومحاولة تكريس نصر دبلوماسي لتتويج مساعيه العسكرية.
كما يحمل الاستقبال الرسمي السعودي لحفتر عدة رسائل، من بينها رؤية حلفاء حفتر للحل في ليبيا من الناحية العسكرية، على خلاف المطالب الدولية باتجاهها إلى الحل السلمي، مع ما يحمله ذلك من إمكانية زيادة دعم مساعيه العسكرية في حال لم تتوافق الرؤية العربية مع مصالح داعمي حفتر، بل هو اعتراف رسمي من السعودية بحفتر وجيشه الذي يتحفز لدخول العاصمة طرابلس.
وتثير توجهات داعمي حفتر، وعلى رأسهم الرياض، أسئلة حول موقفها من حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج، المدعومة دوليا، ما يدفع إلى التكهن بأن نتائج القمة العربية المرتقبة ستضفي شرعية أكبر على قوات حفتر، وربما تشير إليها زيارة صلاح الجمالي، الأسبوع قبل الماضي، والتي اقتصرت على لقاء حفتر ورئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، دون لقاء السراج ومسؤولي المجلس الأعلى للدولة المناوئين لحفتر، لا سيما وأن اللقاء العربي الرسمي في تونس يأتي قبل أسبوعين فقط من انعقاد الملتقى الوطني الجامع الذي سيفصل في شكل المرحلة السياسية المقبلة في ليبيا.