الجزائر: تنظيم نقابي للقضاة يتمرد على بوتفليقة ويرفض الإشراف على انتخابات الرئاسة

08 مارس 2019
أعلن أكثر من ألف قاضٍ جزائري دعمهم للحراك(Getty)
+ الخط -



أعلن تنظيم نقابي جديد يمثل القضاة في الجزائر، اليوم الجمعة، رفض الإشراف على اللجان البلدية والولائية للانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في البلاد في 18 إبريل/نيسان المقبل، في حال استمر ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، في وقت أعلن فيه قياديون كبار في حزب الرئيس استقالتهم من مناصبهم ودعهم للحراك الشعبي.

ونشر التنظيم النقابي الجديد بياناً وزعه على الصحافيين، قال فيه إن "القضاة الشرفاء يرفضون الإشراف القضائي على الانتخابات الرئاسية المقبلة يوم 18 إبريل وعدم تأطيرها، إذا لم يتم وقف مسار الانتخابات العبثي الذي يراد فرضه على الجزائريين".

واعتبر القضاة في بيانهم، أن "الإصرار على ترشيح الرئيس بوتفليقة، وفي خضم الحراك الشعبي الواسع الرافض للعهدة الخامسة، يجعلهم أمام مسؤوليات تاريخية وأخلاقية، تفرض عليهم انطلاقاً من ضميرهم المهني، واجب التخلي عن الإشراف على الانتخابات الرئاسية، خدمة لكرامة القضاة ولمصلحة الشعب الجزائري"، مؤكدين "نيتهم" الامتناع عن "تأطير أو الإشراف على العملية الانتخابية حال الإصرار عليها، بما يخالف إرادة الشعب الجزائري، الذي هو مصدر السلطة لوحده". 

ويفرض قانون الانتخابات إشراف قاضٍ على اللجان البلدية الـ1541 والولائية الـ48 في أي انتخابات تجري في الجزائر، لمراقبة سلامة العملية الانتخابية، لكن السلطات كانت تعمد لاحقاً إلى التلاعب في النتائج.

وعرفت الهيئة التمثيلية الجديدة للقضاة نفسها بأنها "تنظيم نقابي قيد التأسيس"، بمجموع منتسبيه الذي يفوق ألف قاض من كل الجهات القضائية ومختلف الرتب والوظائف، وأعلنت "دعم ومباركة الحراك الشعبي المتحضر الهادف لاسترداد قيم القانون المسلوبة والمنتهكة على كل المستويات ووقف المسار العبثي الذي يُراد فرضه على الجزائريين بغباء لم يسبق له مثيل في التاريخ".

وعبّر القضاة عن تفهمهم لـ"المآخذ الكثيرة التي يرددها المواطن تجاه قطاع العدالة، وبخاصة القضاء، ونشاطر ذلك بحكم معايشتنا للضغوط والتدخلات من مختلف المستويات، إلى حد جعل من العدالة مرادفة للنذالة في عديد المحطات".

وأكد البيان سعي القضاة "منذ العام 2016، لإيجاد آلية قانونية تسمح بالعمل على تصحيح الأوضاع، لكننا تعرضنا لقهر وظيفي ممنهج من طرف وزارة العدل وأذرع المصالح فيها، ما اضطرنا للمهادنة ظرفياً، إلى حين توفر ما يحقق الحد الأدنى من شروط تكريس المسعى".

وانتقد القضاة الممارسات التي أسسها نظام بوتفليقة، حيث ظلّ "شعار دولة القانون الذي رفع كشعار في عدد من المحطات خرافة تخفّى وراءها محترفو النصب والكذب بتوظيفهم للقانون بما يخدم مصالحهم، أو الدوس عليه عندما يتعارض مع نزواتهم".  

وأعلن القضاة التمرد والانحياز لصالح الشعب الجزائري "الذي نصدر أحكامنا باسمه، أننا جزء منه ونتخندق معه في السراء والضراء، ولن تمنعنا القيود التعسفية التي فرضت علينا، من التعبير عن هذا الموقف، ونعلن هنا أن مخالفة الدستور بشكل صارخ استخفاف بذكاء وفطنة المجتمع الجزائري بكل أطيافه".  

ودعت الهيئة القضائية مجموع قضاة الجمهورية الشرفاء إلى "الالتحاق بمسعانا الرامي لاسترداد هيبة العدالة المهانة وتنظيم وقفات أمام الجهات القضائية، لنعلن أننا من الشعب وللشعب".

ويعد تمرد القضاة على السلطة السياسية سابقة في تاريخ القضاء الجزائري، خاصة أن النقابة التمثيلية الحالية للقضاة ضعيفة وموالية للسلطة، مثل أغلب المنظمات المهنية التي هيمنت عليها السلطة.

ومن شأن موقف القضاة هذا أن يعزز موقف الحراك الشعبي ومواقف منظمات ذات صلة بالعمل القضائي، كالمحامين الذين كانوا قد أعلنوا، أمس، في مسيرة نظموها إلى المجلس الدستوري رفضهم لـ"استمرارالمغامرة السياسية"، مطالبين المجلس الدستوري بتحمل مسؤولياته في وقف ترشح بوتفليقة بسبب وضعه الصحي.

استقالة قيادات بالحزب الحاكم

إلى ذلك، أعلن قياديون من الصف الأول في حزب الرئيس الجزائري، "جبهة التحرير الوطني"، استقالتهم من الحزب، ودعمهم للحراك الشعبي الرافض لترشح بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة.

وأعلن سبعة من كبار قادة الحزب، هم عبد القادر شرار وامحمد بوعزارة وعيسى خيري وبوعلام جعفر وحكيمي صالح ونادية حناشي وعبد الرحمن السهلي، استقالتهم من الحزب، في بيان وجهوه لـ"المناضلين المعنيين"، اليوم الخميس، وكتبوا فيه: "نحن إطارات في حزب جبهة التحرير الوطني من برلمانيين وأعضاء اللجنة المركزية السابقة، نعلن للرأي العام ولكافة مناضلي ومناضلات حزب جبهة التحرير الوطني، استقالتنا الجماعية من الحزب".

وأعلنت الكوادر القيادية في الحزب "موقفها المؤيد للحراك الشعبي واحتجاجنا إزاء العبث الذي بات يطبع تصرفات وعبث القيادة اللاشرعية التي اختطفت الحزب"، مطالبة كوادر "جبهة التحرير" بالاستقالة والالتحاق بالحراك الشعبي.

وفي وقت سابق، أعلن وزير الصيد السابق سيد أحمد فروخي، انسحابه من البرلمان ومن الحزب، رفضاً لما اعتبره المغامرة السياسية والمواقف العبثية لقيادة الحزب، كما أعلن النائب عن الحزب خالد تزغارت، انسحابه من البرلمان والحزب للأسباب ذاتها.

وفي هذا الإطار، قال القيادي المستقيل من الحزب عبد الرحمن السهلي لـ"العربي الجديد"، إن "الحقيقة الشعبية لم تبق لأي مناضل أو كادر في الحزب مبرراً للبقاء في إطار سياسي معاكس لحركة الشعب والتاريخ، ولذلك قررنا نحن السبعة الاستقالة، لأن الحزب لم يعد يمثل الشعب، وقررنا أن نلتحق بشعبنا، وكان هذا موقفنا دائماً".   

وكانت قيادة الحزب الحاكم في الجزائر، الذي يرأسه بوتفليقة، فيما يشغل رئيس البرلمان معاذ بوشارب منصب المنسق العام، قد استبقت هذا الوضع بقرار استرضائي للكوادر والقيادات، حيث تمّ توسيع القيادة الحالية لـ"جبهة التحرير" من خمسة أعضاء إلى 22 عضواً.

وفي وقت سابق، أصدر 100 من كبار قادة الحزب الحاكم، بياناً طالبوا فيه بإعادة تفعيل المؤسسات الشرعية للحزب، اللجنة المركزية، والدعوة إلى انعقادها في أقرب وقت بهدف "إعادة الحزب إلى المناضلين"، وانتخاب قيادة شرعية وفقاً لقوانينه.

وامتدت الاستقالات من الحزب الحاكم إلى الهياكل الجهوية، حيث أعلن عشرات المناضلين والكوادر انسحابهم من الحزب والتحاقهم بالحراك الشعبي.


 

​