وأكد بيان للمجلس الدستوري أنه "اجتمع اليوم الثلاثاء، حيث أبلغ رئيس المجلس الدستوري الطيب بلعيز أعضاء المجلس أنه قدم إلى السيد رئيس الدولة استقالته من منصبه كرئيس للمجلس الدستوري، الذي باشر فيه مهامه بدءاً من تاريخ أدائه اليمين الدستورية بتاريخ 21 فبراير 2019"، وأوضح البيان أن الطيب بلعيز دعا في رسالة استقالته "أن يحفظ الله الجزائر ويقيها والشعب الجزائري الأبي من كل مكروه".
وتفتح استقالة بلعيز الباب واسعاً أمام استقالة "الباءات الثلاث" المتبقية، وهم رئيس البرلمان معاذ بوشارب، ورئيس الحكومة نور الدين بدوي، والرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح، وبدء التوجه نحو حلحلة سياسية للأزمة الراهنة في البلاد، وتعليق المسار الانتخابي وإلغاء الانتخابات الرئاسية المقررة في الرابع من يوليو/تموز المقبل.
ويعد بلعيز أحد المقربين من بوتفليقة، كما ينحدر من المنطقة نفسها التي ينحدر منها الرئيس المستقيل، وشغل في وقت سابق منصب وزير العدل ورئيس ديوان الرئاسة والمستشار الخاص للرئيس بوتفليقة، وهو أحد أبرز وجوه النظام السابق ومن بين أربع شخصيات تعرضت للمحاكمة الشعبية من قبل المتظاهرين في الحراك الشعبي، إذ يطالب المتظاهرون منذ 22 فبراير/ شباط الماضي برحيله عن السلطة.
ويخلف بلعيز في منصبه نائبه محمد حبشي، وكان الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة قد عين بلعيز رئيساً للمجلس الدستوري في 21 فبراير/ شباط خلفاً للراحل مراد مدلسي، لكنه ظل محل تحفظ القوى المعارضة وفقهاء الدستور لكون تعيينه غير دستوري، إذ كان بلعيز قد شغل نفس المنصب بين مارس/آذار 2012 إلى سبتمبر/ أيلول 2013، وهذا مخالف للدستور الذي ينص على رئاسة المجلس الدستوري مرة واحدة فقط.
وفي سياق متصل، خرج اليوم آلاف الطلبة في مظاهرات وسط العاصمة، إذ احتشدوا للمطالبة برحيل رموز النظام.
الحراك يلاحق وزراء الحكومة
ويلاحق الناشطون في الحراك الشعبي والمتظاهرون وزراء حكومة نور الدين بدوي خلال الزيارات التي يقومون بها في العاصمة أو في الولايات الداخلية، حيث أظهرت الخرجات الأولى لعدد من الوزراء وجود استياء ورفض شعبي بالغ لوجودهم وللحكومة الحالية التي يصفها المتظاهرون بـ"غير شرعية"، ويطالبون برحيلها.
وهدد ناشطون ومتظاهرون في عدد من الولايات، اليوم الثلاثاء، بمنع وزراء الحكومة من تنشيط الاحتفاليات الرسمية بعيد العلم الذي يصادف كل سنة لـ16 إبريل/ نيسان.
وتوعد الناشطون بولاية سيدي بلعباس غربي الجزائر بمنع وزير المجاهدين (قدماء المحاربين) الطيب زيتوني من تنشيط الاحتفال الرسمي في المدينة.
واضطرت وزيرة الثقافة الجزائرية مريم مرداسي إلى إنهاء زيارة كانت تقوم بها، مساء أمس، إلى ولاية تيبازة، 70 كيلومترا غربي العاصمة الجزائرية، إذ ألغت محطات من زيارتها بعدما كان متوقعا أن تزور مدينتا شرشال وحجوط في الولاية نفسها، تخوفا من احتجاجات شعبية ضدها.
وكانت وزيرة الثقافة عرضة لانتقادات شديدة عندما واجهت وقفة احتجاجية لعمال وزارة الثقافة الذين رفضوا العمل معها، كما طالبوا برحيل الحكومة ومساندة الحراك الشعبي.
وقبل ذلك، رفض سكان ولاية تبسة زيارة وزير الطاقة محمد عرقاب، الاثنين، لمدينتهم، إذ حاصروه في المطار، مما اضطره إلى المغادرة عبر الطريق الرابط بين تبسة وقسنطينة عبر مطار قسنطينة عائدا نحو العاصمة الجزائرية.
وتعرض ثلاثة من وزراء حكومة بدوي، هم وزير الداخلية صلاح الدين دحمون، والموارد المائية علي حمام، والسكن كمال بلجود، خلال زيارتهم لولاية بشار، جنوبي البلاد، لملاحقة من قبل متظاهرين، إذ منعوهم من زيارة وتفقد منشآت، كموقف رافض للحكومة الحالية وللمطالبة برحيلها.
وتعرض وزير الأشغال العمومية والنقل مصطفى كورابة لاحتجاجات من قبل المواطنين عند أول خرجة له لتفقد ورشة حفر نفق بين محطتي مترو عين النعجة بالعاصمة الجزائرية، ولم يتمكن من مواصلة عمله ورجع أدراجه.
واعتبر مراقبون أن الحكومة التي شكلها الرئيس بوتفليقة يومين قبل استقالته من منصبه، في الثاني من إبريل/ نيسان الماضي، تواجه امتحانا كبيرا بسبب الرفض الشعبي.
وأكد نشطاء في الحراك الشعبي أن عملية طرد وزراء الحكومة الحالية "موقف شعبي".
وقال الناشط عبد العالي رحماني، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "الحكومة الحالية تعدّ مصدر استفزاز للشارع الجزائري، الذي عبر صراحة عن رفضه لها ولاستمرار الباءات الثلاث في السلطة، رئيس البرلمان معاذ بوشارب، ورئيس الحكومة نور الدين بدوي، ورئيس الدولة المؤقت عبد القادر بن صالح"، لافتا إلى أن "الحكومة لا تبشر بالتغيير، لأنها وجدت من قلب النظام، والآن هي بين مطرقة الرفض من الشارع وسندان قرار الرحيل".