وقال قايد صالح، في رابع يوم من زيارته إلى المنطقة العسكرية الرابعة في الصحراء، جنوبي الجزائر: "الطموحات الشخصية لنا ليست سوى رؤية بلدنا مزدهرا ومستقلا، وهذه غايتنا"، وذلك ردا على مخاوف عبرت عنها أطراف سياسية ومدنية من أن يكون قائد الجيش ينوي الإمساك بزمام السلطة، أو سعي المؤسسة العسكرية لوضع ترتيبات للدفع بمرشح تدعمه لرئاسة الجمهورية.
واتهم رئيس أركان الجيش "بقايا نظام بوتفليقة"، والذين يصفهم بـ"العصابة"، بـ"السعي لعرقلة فتح ملفات الفساد"، مشددا على أن "جهاز العدالة تحرر من كافة أشكال القيود والإملاءات والضغوطات، ما سمح له بممارسة مهامه بكل حرية بما يكفل تطهير البلاد من الفساد والمفسدين".
واتهم المسؤول العسكري أطرافا سياسية وإعلامية على صلة برموز نظام بوتفليقة بـ"محاولة تمييع هذا المسعى النبيل، من خلال تغليط الرأي العام بالادعاء بأن محاسبة الفاسدين ليست أولوية، ولم يحن وقتها بعد، بل ينبغي الانتظار إلى غاية انتخاب رئيس جديد للجمهورية يتولى محاسبة هؤلاء المفسدين".
وكان قايد صالح يرد على بيانات أحزاب سياسية وشخصيات مدنية وناشطيين وإعلاميين شككوا، في وقت سابق، في المحاكمات والملاحقات القضائية الجارية لرجال أعمال وسياسيين، واعتبروا أنها "تشويش على الحراك الشعبي، وتغيير لوجهة اهتمام الشارع، وتصفية حسابات بين رموز النظام".
وأضاف قائد الجيش أن "هذه الأبواق تستهدف من وراء ذلك محاولة تعطيل هذا المسعى الوطني حتى تتمكن رؤوس العصابة وشركاؤها من التملص والإفلات من قبضة العدالة".
وأمس، الثلاثاء، أكد رئيس أركان الجيش الجزائري أن "الجيش والعدالة يملكان الأدلة الكافية" لإدانة رموز الفساد والمسؤولين المرتبطين بنظام الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة، نافيا أن تكون الملاحقات "تصفية حسابات".
وقال قايد صالح إن حملة مكافحة الفساد "ترتكز على أسس صلبة وبناء على معلومات دقيقة وصحيحة ومؤكدة، وتستند إلى ملفات ثابتة القرائن في ملفات عديدة وثقيلة، بل وخطيرة".
واتهم شبكات الفساد المالي والسياسي بـ"زرع ألغام في مختلف مؤسسات الدولة"، مشيرا الى أن "الفساد أصبحت له امتدادات سياسية ومالية وإعلامية ولوبيات متعددة متغلغلة في مؤسسات البلاد".
ويقصد قايد صالح بـ"رؤوس العصابة": السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس السابق، والقائد الأسبق لجهاز المخابرات الفريق محمد مدين، والقائد السابق للجهاز نفسه الجنرال بشير طرطاق، والموقوفين منذ الخامس من مايو/ أيار الجاري في السجن العسكري بالبليدة، قرب العاصمة الجزائرية، إضافة إلى ملاحقة القضاء العسكري لقيادات عسكرية وألوية سابقين وقائد الدرك السابق مناد نوبة.
وأطلق القضاء الجزائري حملة ملاحقة شملت كبار رجال أعمال كانوا مقربين من محيط الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة، بينهم زعيم الكارتل المالي علي حداد، المتابع في جرائم فساد والحصول على امتيازات صفقات غير قانونية.
كما شملت الملاحقات اثنين من رؤساء الحكومات السابقين، هما أحمد أويحيى وعبد المالك سلال، وثمانية وزراء في حكومات سابقة مثلوا، الثلاثاء، أمام القضاء للمرة الثانية، عدا ثلاثة منهم ينتظر القضاء رفع الحصانة النيابية عنهم، وهم وزيرا التضامن السابقين السعيد بركات وجمال ولد عباس، ووزير الأشغال العمومية الأسبق عمار غول، لبدء ملاحقتهم بتهم الفساد ومنح والحصول على امتيازات غير مشروعة.
وجدد رئيس الأركان تعهداته بحماية المسيرات رغم المواجهات المحدودة التي تشهدها المسيرات الشعبية بعض الأحيان بين الشرطة والمتظاهرين، مشددا: "أجدد تعهدي الشخصي الذي لن أحيد عنه بالمرافقة العقلانية المتسمة بالصدق والصراحة للشعب الجزائري في مسيراته السلمية، ولجهود مؤسسات الدولة وجهاز العدالة".
اقتحام مكتب رئيس البرلمان
واقتحم النواب مكتب بوشارب ومنعوه من عقد أي اجتماعات، إلى حين تنحيه من منصبه.
وشهد الاقتحام مشادات كلامية حادة بين رئيس البرلمان ورئيس الكتلة خالد بورياح، الذي طالب بوشارب بـ"التنحي الفوري والالتزام بقرار قيادة الحزب التي رفعت عنه الغطاء السياسي".
ويطالب الحراك الشعبي، منذ 22 فبراير/ شباط الماضي، بتنحي بوشارب ضمن قائمة ما يعرف بـ"الباءات" المرتبطة بنظام حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.
وتسبب بوشارب، في نهاية فبراير/ شباط الماضي، في استفزاز الحراك الشعبي، عندما أطلق تصريحات ساخرة ضده وضد قوى المعارضة، بقوله "صحا النوم.. وأحلام سعيدة".
وأمس، الثلاثاء، أعلنت كتلة حزب جبهة التحرير الوطني تجميد كامل نشاطها في البرلمان حتى رحيل بوشارب "كخطوة تصعيدية لدفعه إلى الاستقالة".
وسبق ذلك إعلان الكتلة، الاثنين الماضي، رفع الغطاء السياسي عن رئيس البرلمان، بعد ستة أشهر من انتخابه عقب "إزاحة غير دستورية" لرئيس البرلمان السابق السعيد بوحجة.
وكان الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني محمد جميعي قد دعا، الثلاثاء الماضي، رئيس البرلمان إلى الاستقالة من أجل "المصلحة العليا للوطن والدولة، والالتزام بكل شجاعة بتنفيذ مطالب الشعب الجزائري".
ووجد بوشارب نفسه في الوضعية ذاتها التي قادها بنفسه، وبدعم من كتل الموالاة، عندما أغلق مقر البرلمان بالسلاسل قي شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أعقبه اقتحام مكتب رئيس البرلمان السابق وتنحيته من منصبه بدعم من السعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس السابق.