وقال قائد صالح، في خطاب جديد ألقاه الأربعاء خلال زيارته إلى المنطقة العسكرية تمنراست أقصى جنوبي البلاد، إن "الحوار يجب أن يكون بعيدا عن الفترات الانتقالية"، في ما يشبه "فيتو" عسكريا ضد أي حديث عن مرحلة انتقالية أو تشكيل هيئة رئاسية، أو تعيين شخصية لقيادة مرحلة انتقالية، ما يعني بالتالي تمسكه ببقاء الرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح حتى إجراء الانتخابات الرئاسية، بعد إلغاء انتخابات الرابع من يوليو/ تموز المقبل التي كانت ستنهي العهدة الدستورية لبن صالح في التاسع منه.
ويحتاج الرئيس المؤقت إلى فتوى من المجلس الدستوري للاستمرار في منصبه حتى إجراء انتخابات جديدة، بعد فشل انتخابات الرابع من يوليو/ تموز.
وكان قايد صالح يشير في خطابه بتمنراست إلى قوى سياسية ومدنية تطالب منذ فترة بتنحي بن صالح وحكومة نور الدين بدوي، وإقرار مرحلة انتقالية في البلاد وتشكيل هيئة رئاسية أو رئيس انتقالي لفترة يتم فيها تشكيل حكومة مستقلة، وتعديل قانون الانتخابات، وإنشاء هيئة عليا مستقلة للانتخابات.
وطرح تكتل قوى المعارضة في اجتماعاته التسعة منذ بداية الحراك الشعبي فكرة هيئة رئاسية تدير مرحلة انتقالية، لكن الجيش أبدى مخاوف من أن يؤدي ذلك إلى الخروج عن الدستور وإلى حالة انزلاق.
وخلال المظاهرات الأخيرة، طرح الحراك الشعبي اسم وزير الخارجية الأسبق أحمد طالب الإبراهيمي كشخصية توافقية رشحها لقيادة مرحلة انتقالية، لكن الإبراهيمي اعتذر في رسالة، خاصة بعد إصرار قيادة الجيش على رفض مقترح المرحلة الانتقالية.
وفي مقابل رفض المرحلة الانتقالية، حدد قائد الجيش مسارا واحدا للأحداث، ولمخرجات أي حوار سياسي يجري في الجزائر، وهو الذهاب رأسا باتجاه انتخابات رئاسية.
وقال إنه "من الضروري الذهاب إلى انتخاب رئيس وفق الإرادة الشعبية الحرة، والعودة في أقرب وقت إلى صناديق الاقتراع"، مشيرا إلى أنه "لا مبرر لاستنزاف الوقت وتضييعه لإيجاد حل للأزمة".
وجدد قائد الجيش دعوته القوى السياسية والمدنية والحراك الشعبي إلى "حوار ضمن المقاربة الدستورية"، موضحا أن "الأولوية الآن هي أن يؤمن الجميع بالحوار لحل الأزمة"، لكنه شدد على أن "الحوار يجب أن يعمل على إيجاد الحلول ضمن الشرعية الدستورية، وخارطة الطريق ستوضح أكثر مع طرح المبادرات" السياسية، حيث كان قد دعا الثلاثاء الماضي الشخصيات الوطنية والقوى الفاعلة والمؤثرة إلى طرح مبادرات تساعد في حل الأزمة.
وفي سياق آخر، اتهم قايد صالح أطرافا، لم يسمها، قال إنها تعمل على تعطيل الحل السياسي، مضيفا أن "بعض الأشخاص يعملون بمنطق العصابة يسعون لتعطيل المساعي الخيرة"، مشيرا إلى أن هذه الجهات تستغل وسائط التواصل الاجتماعي لنشر المزاعم و"تغليط الرأي العام"، وأكد أن "من يعتمد التأزيم هو من ينشر الإشاعات والأكاذيب الزائفة".
وفي وقت سابق، هاجم قائد الجيش ما وصفها بـ"لوبيات إعلامية" لم يسمها، وقال إنها مرتبطة بـ"العصابة السياسية" التي كانت تدير البلاد، في إشارة منه إلى الثلاثي المعتقل في السجن العسكري السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس المستقيل، والقائد الأسبق لجهاز المخابرات الفريق محمد مدين، والقائد السابق لنفس الجهاز الجنرال بشير طرطاق.
وهذا هو الخطاب الثاني الذي يلقيه قائد الجيش الجزائري منذ أمس الثلاثاء، حيث كان قد ألقى خطابا أمس تحدث فيه للمرة الأولى عمّا وصفها بـ"التنازلات المتبادلة"، فهم منها استعداده للتنازل والقبول بتنحي حكومة نور الدين بدوي، في مقابل تفهم الحراك الشعبي وقوى المعارضة مخاوفه والتنازل عن مطلب رحيل رئيس الدولة عبدالقادر بن صالح وبقائه في منصبه حتى إجراء انتخابات رئاسية جديدة.