ويسود اعتقاد في الوسط السياسي الألماني أن الآمال لم تكن على قدر التوقعات وغير مقنعة، إذ أبرزت التقارير أن الضيف الألماني عاد خالي الوفاض ولم يسمع جديدا من الجانب
لم يحمل ماس سوى "النوايا الحسنة" والتأكيد على إنشاء نظام "أنستاكس"، وهي وكالة مقاصة مستقلة عن التعاملات المالية الأميركية ابتدعها الفرنسيون والبريطانيون والألمان، ولا يمكن أن تحل محل معاملات الدفع العادية، إنما تهدف في المقام الأول إلى تسهيل استيراد السلع الأساسية. حتى هذا النظام لم يتم تشغيله بعد، ومن المتوقع العمل به قبل انقضاء مهلة الشهرين التحذيرية من طهران، أي أوائل يوليو/تموز المقبل. وفي هذا السياق، ذكرت جريدة "فرانكفورتر الغماينه تسايتونغ" أن "أنستاكس" لن يفي أبدا بالالتزامات الاقتصادية للاتفاق النووي، ولا يخلق المعجزات، وفق ما قال الوزير الالماني من طهران.
ذلك ما يرى فيه المحللون معضلة أساسية للأوروبيين والألمان خاصة، وعلى هؤلاء، إن كانوا يريدون فعلا الاضطلاع بدور في تحقيق الاستقرار والوساطة في الخليج، الاستفادة من الثقة والمصداقية التي تتمتع بها برلين، والمضي قدما في مقترح عقد مؤتمر للجهات الفاعلة الإقليمية للحد من انعدام الثقة المتبادل المسيطر حاليا بين الأطراف المتنازعة، وهو ما لمّح إليه ماس مع آخرين خلال الزيارة، وذلك لفتح نقاشات معمقة في جميع القضايا الإقليمية الطارئة. لكن ألمانيا ستكون مطالبة أولا، وعلى سبيل المثال، بتمديد عمل قواتها العسكرية، الذي ينتهي في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، في كل من الأردن (حيث تقوم طائرات التورنادو بدور استطلاعي)، والعراق (عبر الاستمرار في دورات التدريب لقواتها المسلحة)، وأيضا التخفيف من القيود على تصدير الأسلحة والتعاون العسكري، وضمن ضوابط معينة، مع بعض الدول الخليجية.
في المقابل، هناك من يعتبر أن ماس أوصل رسالة ثانية جدية، غير مادية للإيرانيين، مفادها أنه إذا ما تخلت الأخيرة عن المعاهدة؛ فان الإطراف المتعاقدة الأخرى ستعود أيضا إلى العقوبات، وهو ما تنوي الأمم المتحدة القيام به في هذه الحالة، وبعد ذلك لن يكون الحال بين أميركا وأوروبا مختلفا. ذلك ما يحتم على طهران أن تتعاطى مع الأمور بمصلحة سياسية واستراتيجية، عبر الحفاظ على الاتفاق من جهة، والحوار مع الأوروبيين والعمل معهم من أجل السعي لتقديم مساهمة حاسمة في تخفيف الحرب الاقتصادية عنها من جهة ثانية.