علقت مصادر دبلوماسية سودانية رفيعة المستوى، على المعلومات المتواترة بشأن إفشال محاولة انقلاب عسكرية على المجلس العسكري الانتقالي الذي يتولى إدارة السودان في الوقت الراهن، برئاسة الفريق الركن عبد الفتاح البرهان ونائبه الفريق أول محمد حمدان دقلو الشهير بحميدتي، بأنها "قد تكون صحيحة".
وقالت المصادر، التي تحدثت إلى "العربي الجديد" مفضلة عدم نشر اسمها، إن الأمر ربما يكون قد حدث، خصوصاً أن هناك تجاذبات كبيرة داخل المجلس العسكري والجيش والمؤسسات الأمنية والمخابرات هناك، مضيفة أن هناك حديثا عن حالة من الغضب تسيطر على قطاعات من ضباط وقيادات الجيش بسبب سيطرة حميدتي وقوات الدعم السريع المكونة من مليشيات الجنجويد على الشارع السوداني، واستفرادها بالقرار داخل المجلس العسكري.
وبحسب المصادر فإن "هناك حالة من الغضب في صفوف عناصر الجيش النظاميين، بسبب ممارسات قوات الدعم السريع، خاصة بعد عملية فض اعتصام القيادة العامة، والقيام بعمليات اغتصاب واسعة في صفوف النساء المعتصمات".
وتناولت تقارير صحافية معلومات نقلتها عن مصادر وصفتها بالخاصة إحباط محاولة انقلابية في السودان على المجلس العسكري الانتقالي.
وقالت المصادر إنه ربما تم توقيف ضباط، يخضعون للتحقيق بشأن المحاولة التي جرى الحديث عنها في السودان.
وتابعت أن المجموعة التي حاولت الانقلاب على المجلس العسكري، ربما تكون من ضباط موالين للنظام السابق برئاسة عمر البشير.
إلى ذلك، نفى القيادي في "الحزب الشيوعي السوداني"، صديق يوسف، في حديث مع "العربي الجديد" علم إعلان "قوى الحرية والتغيير" بأي محاولة انقلابية في الفترة الماضية، لكنه أشار إلى أن كل الاحتمالات واردة بما في ذلك الانقلاب العسكري أو الانزلاق للفوضى في ظل انتشار السلاح للمليشيات والخلايا النائمة. وبين أن "الحرية والتغيير" معنية فقط بانتصار الثورة السودانية.
من جهته، قال نائب رئيس حزب "الأمة القومي"، فضل الله برمة ناصر، في اتصال مع "العربي الجديد" إن المناخ السائد في البلاد يشجع تماماً على الانقلاب، خصوصاً في ظل الفراغ السياسي الحالي، الذي يلام عليه طرفا المجلس العسكري و"قوى الحرية والتغيير"، على حد وصفه.
وفيما تحدث عما سمّاه "استمرار نشاط الدولة العميقة الخاصة بنظام البشير، والذي أسس لمؤسسات عسكرية موازية مثل الأمن الشعبي والدفاع الشعبي والشرطة الشعبية، لفت إلى أنه إذا ما تأكدت المحاولة الانقلابية فإن ذلك يفرض على المجلس العسكري و"الحرية والتغيير" الاتفاق العاجل حماية لمكتسبات الثورة، وتفكيك أجهزة النظام القديم وتحقيق الأمن والاستقرار.
يأتي هذا في الوقت الذي قال فيه المبعوث الخاص لرئيس الوزراء الإثيوبي للسودان محمود درير، إن طرفي الأزمة في السودان اتفقا على مواصلة النقاش من حيث انتهت إليه الجولة الأخيرة مع عدم الرجوع عن التفاهمات السابقة.
وتدخلت إثيوبيا على مستوى رئيس وزرائها آبي أحمد، الذي زار الخرطوم الجمعة الماضية، لحل الأزمة بين الفرقاء السودانيين، مقدما مقترحا لتشكيل مجلس سيادة برئاسة دورية وغالبية مدنية بعد تعذر التوافق بين الطرفين على هذه النقطة.
وقال درير في مؤتمر صحافي عقده مساء الثلاثاء بمقر السفارة الإثيوبية في الخرطوم، إن الطرفين سيتباحثان حول المجلس السيادي بنية حسنة. وتابع "اتفقا على ألا يكون هنالك ما يسيء لهما من بيانات تصعيدية تعيق المبادرة".
وبعد فض المجلس العسكري الاعتصام السلمي في محيط القيادة العامة الأسبوع الماضي، أعلنت "قوى الحرية والتغيير" تعليق التفاوض، ليرد عليها البرهان بوقف التفاوض وإلغاء الاتفاق الذي منح قوى المعارضة الأفضلية في تشكيل الحكومة ورئاسة مجلس الوزراء بجانب حيازة الأغلبية في المجلس التشريعي.
وبعد ساعات من هذا القرار عدل البرهان عنه وأعلن الاستعداد للعودة إلى التفاوض.
وذكر المبعوث الإثيوبي أن المجلس العسكري وافق على بناء الثقة بإطلاق سراح المعتقلين، كما وافقت "قوى الحرية والتغيير" على تعليق العصيان.
وحول عودة الطرفين للتفاوض قال درير "سيعودان قريبا"، مضيفا بهذا الخصوص "نحن نسعى لأن تتجنب الأطراف التصعيد والاتهامات المتبادلة".
يشار إلى أن جولات التفاوض التي عُقدت بين التحالف المعارض والمجلس العسكري خلصت قبل تعليقها إلى اتفاق على منْح المعارضة 67% من مقاعد المجلس التشريعي في الحكومة الانتقالية، وكامل حقائب الحكومة التنفيذية، علاوة على رئاسة مجلس الوزراء.