بدأ الحراك الجزائري في رفع تدريجي لسقف المطالب وتوسيع قائمة المستهدفين، لكنه اتجه هذه المرة إلى قيادات عسكرية كانت مسؤولة في فترة التسعينيات التي شهدت فيها البلاد أزمة أمنية عصيبة، خلفت آلاف القتلى بسبب العنف والإرهاب، وتورط الجيش في انقلاب غير محسوب العواقب في يناير/ كانون الثاني 1992.
ورفع المتظاهرون في الجمعة الـ17 من الحراك الشعبي في الجزائر صوراً للجنرال وزير الدفاع السابق خالد نزار، وطالبوا بملاحقته على خلفية اتصالات ونقاشات أقرّ بها مع السعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة، في ما يعرف بمؤامرة لإقالة قائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، وإعلان حالة الطوارئ في البلاد، بعد بدء مظاهرات الحراك الشعبي في الجزائر في 22 فبراير/ شباط الماضي، وقبيل استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.
وفي 29 إبريل/ نيسان الماضي، أقر قائد انقلاب يناير 1992 باتصالات بينه وبين السعيد بوتفليقة لمرتين، الأولى في 7 مارس/ آذار، قال إنه نصحه فيها بالاستجابة لمطالب المتظاهرين، والثانية تمت في 30 من الشهر نفسه، عقب اجتماع قائد الأركان بقيادات الجيش، لمعرفة رأي نزار في اقتراح إقالة قائد صالح من منصبه والتخلص منه، مؤكدا أنه لم يكن شريكا لشقيق بوتفليقة في أي من الخطوات السياسية التي كان يعتزم تنفيذها.
وهتف المتظاهرون الذين احتفوا اليوم الجمعة بقرارات سجن رئيسي الحكومة السابقين أحمد أويحيى وعبد المالك سلال، ووزير التجارة الأسبق عمارة بن يونس، بشعار "ما زال خالد نزار، جيبوه"، (يبقي خالد نزار.. يجب استقدامه إلى المحكمة)، و"أويحيى وسلال في السجن.. ما زال نزار".
واعتبر المتظاهرون أن وزير الدفاع السابق شريك رئيس في المؤامرة على السلطة والجيش، رغم زعمه في تصريحاته أنه لم يوافق هوى شقيق بوتفليقة، وحذره من خطة إعلان حالة الطوارئ وإقالة قائد أركان الجيش، بسبب ما يمكن أن يخلفه ذلك من مشكلات أمنية وسياسية وفوضى في البلاد.
ورفعت أيضا شعارات "الشعب لن ينسى جرائمكم".
وقال المعتقل السياسي السابق مصطفى غزالي، الذي يتبنى الدفاع عن عدد من المعتقلين السياسيين ما زالوا يقبعون في السجون، لـ"العربي الجديد"، إن "القضاء يجب أن يلاحق الجنرال خالد نزار، ليس فقط بسبب علاقته بالدولة العميقة التي كانت تحاول إنقاذ حكم بوتفليقة واستمراره، ولكن أيضا بسبب مسؤوليته الكبيرة في توريط الجيش في التسعينيات، وفي الأزمة الدامية التي خلفت آلاف الضحايا".
في المقابل، يعتقد المحلل السياسي زهير بوعمامة أن "هناك بعض الأطراف داخل الحراك، هم في الغالب من ضحايا تلك الفترة الدامية، ترفع سقف المطالب باتجاه محاسبة المسؤولين عن تلك الفترة"، مشيرا إلى أنه "ليس من الوجاهة والجدوى فتح هذا الملف الآن. يجب الاستمرار في التركيز على الهدف وعدم الانجرار في كل مرة وراء دعوات قد تفجر الخلافات وتفقدنا وقتا وجهدا ثمينين الآن".
وأضاف أن "ظروف البلد لا تسمح في الوقت الحالي بفتح ملف شائك جدا ومعقد، ومن الحكمة تجنب ذلك، ريثما تستقر الأمور للتحول، خاصة أن له علاقة بخيارات الجيش حينها، وليس من المناسب استعداء المؤسسة العسكرية"، مضيفا أنه "من المهم جدا الإبقاء على مناخ الثقة بين الشعب والجيش".