وتقول المصادر، إنّ الفترة الماضية شهدت توغل وتوسيع نفوذ العميد محمود السيسي، نجل رئيس الجمهورية، داخل جهاز الاستخبارات العامة، الذي انتقل إليه من جهاز الاستخبارات الحربية، وذلك بعدما حصل على ترقيتين في مدة زمنية قصيرة للغاية، مقارنة بزملاء دفعته، إذ تمّت ترقيته من رتبة مقدّم إلى عقيد ثمّ إلى عميد، وهي الرتبة التي مكّنته من شغل درجة وكيل جهاز في الاستخبارات العامة.
وتضيف المصادر أنّ نجل السيسي بات هو صاحب الكلمة العليا داخل الاستخبارات العامة، والمشرف على الملفات الأهم داخل هذا الجهاز، بدعم كبير من اللواء عباس كامل، الذي كان يشغل منصب مدير مكتب رئيس الجمهورية قبل انتقاله لرئاسة الاستخبارات العامة خلفاً للواء خالد فوزي، متابعةً "الملفات كافة التي كانت بيد اللواء عباس كامل، باتت تحت إشراف مباشر من نجل السيسي وفي مقدمتها الإعلام".
وتكشف المصادر أنّ آخر اجتماع ضمّ رؤساء تحرير الصحف، ورؤساء القنوات، ومقدمي البرامج الأبرز، كان برئاسة محمود السيسي بمقر جهاز الاستخبارات العامة، لافتةً إلى أنّ "الأمر شكّل مفاجأة للحاضرين، فالجميع كان يتوقّع أن يكون على رأس الاجتماع اللواء عباس كامل أو أحد الوكلاء القدامى بالجهاز، والذين ظلوا لفترات طويلة مشرفين على ملف الإعلام قبل أن يجدوا نجل السيسي وإلى جواره المقدم أحمد شعبان".
وبحسب المصادر، فإنّ "جهاز الاستخبارات العامة بإداراته المختلفة، يشغل اهتماماً خاصاً في تفكير السيسي الأب، لذلك يسعى للسيطرة عليه، وجعله تابعاً تبعية كاملة له، وأن يكون تحت إشراف أقرب المقربين منه وهم أبناؤه"، مشيرةً إلى أنّ ذلك الاهتمام هو الذي دفعه لإلحاق نجله الأكبر حسن السيسي، المتزوج من ابنة رئيس الأركان السابق محمود حجازي، بالجهاز، بعدما كان يعمل محاسباً في إحدى شركات قطاع البترول.
وتقول المصادر "يبدو أنّ محمود السيسي تتم تهيئته لموقع ما، ولا يستبعد أن يكون ذلك الموقع هو خلافة اللواء عباس كامل بعد فترة"، مؤكدةً أنّ "كل من يعمل في الدوائر المحيطة به، ومن كان لهم تعامل مباشر مع اللواء عباس كامل يدركون حجم التراجع في صلاحيات الأخير، وفي الملفات التي كان يبسط هيمنته عليها كاملة".
وتشير المصادر إلى أنّ "محمود السيسي أدى الدور الأكبر في هندسة مشهد التعديلات الدستورية الأخيرة التي سمحت بتمديد ولاية السيسي الأب، ليبقى في الحكم حتى 2030، بالإضافة إلى كونه بات اللاعب الرئيسي في الملفات السياسية والأمنية الأهم، ومنها ترتيب زيارات الرئيس الخارجية، وتأمين تحركاته، وملف القوى والأحزاب السياسية، بخلاف إشرافه المباشر على قوات أمن الاستخبارات العامة التي باتت المسؤول الأول عن تأمين بقاء الرئيس في الحكم".
يشار إلى أنّ النجل الثالث لرئيس الجمهورية، وهو المقدّم مصطفى السيسي، تم نقله بعد وصول والده للرئاسة، إلى جهاز الرقابة الإدارية بعدما كان ضابطاً في القوات المسلحة، فيما شهد الجهاز خلال الفترة الماضية توسّعاً كبيراً في صلاحياته في الرقابة على أجهزة الدولة ووزارتها كافة.
وحول ما يثار بشأن تراجع أدوار عباس كامل، يقول مصدر رفيع المستوى في حديث خاص "بالطبع الرئيس كان يثق باللواء عباس كامل بشكل أكبر، وذلك بحكم العلاقة التي تربطهما منذ فترة طويلة؛ إذ كان يعمل كامل مديراً لمكتبه منذ أن كان الرئيس مديراً للاستخبارات الحربية، إلا أنّ التركيبة الخاصة بالسيسي تجعله بحكم عمله الاستخباري السابق لا يثق بأي شخص لفترة طويلة". ووفقاً للمصدر نفسه، فإنّ "السيسي دائم التحذير في جلساته الخاصة من الثقة المطلقة بالمسؤولين، والتأكيد على أنه لا يوجد أحد فوق مستوى الشبهات".
ويلفت المصدر إلى أنه "لم يكن أحد يظنّ في يوم من الأيام أن تكون نهاية الفريق محمود حجازي، صهر الرئيس ورئيس الأركان السابق، بهذا الشكل، الذي يصفه البعض بالمهين، مع عدم إسناد أي مهمات سياسية أو استشارية له بعد خروجه من منصبه، فضلاً عن عدم ظهوره في أي مناسبة عامة". ووفقاً للمصدر، فإنّ "هناك حديث سلبي كثُر خلال الفترة الماضية حول اللواء عباس كامل، وعدم رضا السيسي عن الأداء الخاص بمهام كانت موكلة له".