وقال المسؤول إنّ كلا من المؤسستين العسكرية والاستخبارية في تل أبيب، ترى أنه من دون التزام الولايات المتحدة بالمساعدة على احتواء ردة فعل إيران والأطراف التي تنتظم في المحور الإقليمي الذي تقوده، في أعقاب مهاجمة المرافق النووية، فإن فرص هذا الهجوم في تحقيق أهدافه تؤول إلى الصفر. ونوّه المسؤول بأن دخول الولايات المتحدة في غمار حملة انتخابية حاسمة خلال العام الحالي، يجعل ترامب أكثر حذراً في الانخراط في أي مواجهة عسكرية.
ولفت بن كاسبيت، المعلق البارز الذي أعد التقرير، إلى أن التقديرات السائدة في بعض الدوائر العسكرية والاستخبارية في تل أبيب، تفيد بأنه في حال قامت إسرائيل بمهاجمة إيران وتعرض العمق الإسرائيلي لهجمات بآلاف الصواريخ من لبنان وسورية، فإن ترامب قد يأمر بحماية إسرائيل، على اعتبار أن هذه الخطوة قد تسهم في تعزيز مكانته لدى أتباع التيار الإنجيلي، الذين يمثلون قاعدة مؤيديه عشية الانتخابات. واستدرك أن أحداً لا يعرف على وجه اليقين طابع رد ترامب في حال اندلعت مواجهة مفتوحة بين إسرائيل، وكل من إيران والأطراف التي تقف إلى جانبها.
ولفت إلى أن أحداً في إسرائيل لا يعرف على وجه الدقة طابع رد ترامب على هذه الخطة، متسائلاً: "فهل يأمر بشن سلسلة غارات جوية مكثفة تفضي إلى تدمير المرافق النووية الإيرانية بشكل مطلق، أم يتوجه لعقد قمة مع الرئيس الإيراني حسن روحاني، مع إدراكه أنه يسهم بذلك في تمكين طهران من التحول إلى قوة نووية؟".
وأوضح أنه، بحسب التقديرات الإسرائيلية، فإن ترامب يقع بين مستشاره للأمن القومي جون بولتون ووزير خارجيته مايك بومبيو، اللذين يطالبان بعمل عسكري حاسم ضد طهران، ومستشارين سياسيين ومقربين إعلاميين يحذرونه من أن التورط في مواجهة مع إيران سيفضي إلى تقليص فرصه بالفوز في الانتخابات المقبلة.
وأشار إلى أن ما يفاقم خطورة الغموض إزاء الموقف النهائي لترامب، يتمثل في أنه بات من غير المستبعد أن تضطر القيادة الإسرائيلية لاتخاذ قرار استراتيجي بتوجيه ضربة كبيرة لإيران، لإحباط قدرتها على إنتاج سلاح نووي بعد أن شرعت في خرق الاتفاق النووي. وشدد على أن إسرائيل مطالبة باتخاذ قرار حاسم بشأن أنماط التعامل مع إيران، ولا سيما أن التقديرات الاستخبارية في تل أبيب، تفيد بأن طهران ستنتقل في غضون وقت قصير إلى تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المائة، ما يمنحها القدرة على التوجه لإنتاج السلاح النووي.
وذكّر كاسبيت أن قادة الجيش والاستخبارات في إسرائيل، هم الذين حالوا عام 2012 دون تنفيذ قرار اتخذه كل من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الأمن حينها إيهود باراك، بشن هجوم على إيران لأنهم كانوا يعتقدون أن إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما لن تشارك في الهجوم.
ولفت إلى أن رئيس الموساد الأسبق مئير دغان، أبلغ المجلس الوزاري المصغر لشؤون الأمن خلال الجلسات التي عقدها في صيف 2012 لمناقشة اقتراح توجيه ضربة لإيران، أنه حصل على انطباع خلال لقاءاته مع المسؤولين الأميركيين بأن واشنطن لن تشارك في الجهد الحربي إلى جانب إسرائيل، في حال تدحرجت المواجهة بين طهران وتل أبيب إلى مواجهة شاملة.
وشدد كاسبيت على أن حكومة اليمين الإسرائيلي، باتت ترى في العلاقة مع التيار الإنجيلي ذخراً استراتيجياً هائلاً، بسبب تأثيره على توجهات إدارة ترامب، منوّهاً بأن لكل من نتنياهو والسفير الإسرائيلي في واشنطن رون ديرمر تأثيراً طاغياً على كبار الوعّاظ الذي ينتمون لهذا التيار.
ولفت إلى أن مكانة منظمة "أيباك"، كبرى المنظمات اليهودية في الولايات المتحدة، كقوة دعم لإسرائيل، تراجعت مقابل تعاظم مكانة التيار الإنجيلي، لافتاً إلى أن الخوف من ردة فعل التيار الإنجيلي هو الذي منع إدارة ترامب من عرض الخطة الأميركية للتسوية، المعروفة بـ"صفقة القرن"، (والهادفة فعلياً لتصفية القضية الفلسطينية)، على اعتبار أن هذا التيار يرفض أي خطة لا توافق عليها الحكومة الإسرائيلية بشكل مطلق.