وكان من المقرر عقد جلسة الحكومة قبل ظهر اليوم، في السراي الحكومي، برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري، فحضر نحو 16 وزيراً، فيما تغيب وزراء "التيار" الذين عقدوا اجتماعاً موازياً في وزارة الخارجية، فيما انتظر الحريري لساعات النصاب القانوني، وتبلغ بعدم رغبة وزراء باسيل في الحضور قبل أن تفضي الاتصالات السياسية بين السراي وقصر بسترس (مقر وزارة الخارجية)، وفق معلومات "العربي الجديد"، إلى مخرج تمثل في حضور بعض وزراء "التيار" تأميناً للنصاب، وتأجيل الجلسة إلى موعد لاحق، وذلك حفاظاً على ماء وجه رئاسة الحكومة، وكي لا يضطر رئيس الحكومة إلى التصعيد والرد على هذه الخطوة.
وهو ما تم بالفعل، إذ خرج الحريري ليعلن تأجيل الجلسة الحكومية بذريعة حاجة لبنان إلى مهلة 48 ساعة لتنفيس الاحتقان. وقال الحريري، في مؤتمر صحافي إن "نصاب الحكومة اكتمل، اليوم، ولكن قررنا أن نأخذ نفسا، فهناك مشكلة في البلد ونحتاج إلى 48 ساعة لتنفيس الاحتقان، ولذلك قرّرت تأجيل الجلسة"، مشيراً إلى أن "القضاء سيكون حاسماً، وسيأخذ كل الخطوات لمحاسبة كل من ارتكب الجريمة"، مشدداً على أن "الأمن والقضاء خط أحمر". وكرر القول إن وزراء "التيار الوطني الحر" لم يريدوا تعطيل الجلسة، وحضروا "لكن أنا ارتأيت تأجيل الجلسة".
ووفق تعبير أحد الوزراء الحاضرين، فإن ما جرى بمثابة إهانة واضحة لرئاسة الحكومة، خصوصاً بعدما انطوى على رسالة واضحة مفادها أن باسيل شخصياً هو من يقرر ما يبحث على طاولة مجلس الوزراء، وإلا لا تعقد الجلسة، وأنه هو من يملك مفتاح عقد الجلسات، وكذلك بقاء أو إسقاط الحكومة.
وجاء موقف وزراء "التيار" بعد أن اشترط باسيل إحالة ملف الأحداث الأخيرة في قضاء عاليه، والتي ذهب ضحيتها مرافقون لوزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب، إلى المجلس العدلي، فيما اشترط وزراء الحزب "التقدمي الاشتراكي"، إحالة كل الحوادث الأخيرة التي حصلت في الجبل، ومنها حادثة الشويفات (حدثت العام الماضي) وذهب ضحيتها شاب من الحزب "التقدمي الاشتراكي".
وعلى الرغم من الرسالة الواضحة لباسيل وما فيها من تخط للصلاحيات، وتكريس نفسه رئيساً مضارباً للحكومة بصلاحيات عقد الجلسات، والتحكم بمصير الحكومة، إلا أن موقف الحريري بدا مهادناً للغاية، تحت شعار "التهدئة"، معطياً مبررات لعدم حضور وزراء "التيار".
وكان الجيش اللبناني أعلن قبيل الجلسة أنه أوقف شخصين للاشتباه بمشاركتهما في حادثة إطلاق النار في بلدة قبرشمون، وقد ضبطت بحوزتهما أسلحة ورمانات يدوية وذخائر حربية، وبوشر التحقيق مع الموقوفين بإشراف القضاء المختص.
وكانت الساعات الماضية شهدت تكثيفاً للوسطاء، ودخول أكثر من طرف سياسي وأمني على خطها، أبرزهم المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، الذي أكد في تصريحات تلفزيونية أنه سيكون له دور على هذا الصعيد، قبل أن يزور خلدة (جنوب بيروت) ويجتمع برئيس الحزب "الديموقراطي" اللبناني النائب، طلال أرسلان، في حضور وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب.
وسبق الزيارة تصريحات لأرسلان اعتبر فيها أن "ما حصل هو تهديد للسلم الأهلي"، داعياً مجلس الوزراء إلى احترام قرارات مجلس الدفاع الأعلى، والتوصيف الفعلي الذي أصدره بوصفه "تهديدا للسلم والأمن"، وبالتالي إحالة الموضوع للمجلس العدلي.