حسمت قوات "الحزام الأمني" الانفصالية، التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، والمدعومة إماراتيًا، اليوم السبت، سيطرتها على مدينة عدن، العاصمة المؤقتة جنوبي اليمن، بعد معارك استمرت 4 أيام ضد قوات الحماية الرئاسية، الموالية للحكومة.
وعلى ما يبدو، فإن التحالف العربي الداعم للحكومة، بقيادة السعودية والإمارات، قرر تسليم المدينة للمجلس الانتقالي، الذي يطالب بانفصال جنوب اليمن عن شماله، في ظل عجز الرئيس عبد ربه منصور هادي، الذي يتخذ من الرياض مقرًا مؤقتًا لحكومته، منذ منتصف 2015.
بدأت أحداث عدن غداة دعوة المجلس الانتقالي، الثلاثاء، أنصاره وقواته إلى النفير العام واقتحام قصر معاشيق، حيث مقر الحكومة.
وحث نائب رئيس المجلس، قائد قوات "الحزام الأمني"، هاني بن بريك، على إسقاط الحكومة، متهمًا قواتها بـ"الإرهاب".
واندلعت معارك ضارية بالدبابات والمدرعات بين قوات "الحزام الأمني" والحماية الرئاسية، بينما اكتفت قوات أخرى، منها قوات المنطقة العسكرية والدفاع الساحلي، بمراقبة الوضع والتزام الحياد.
وحتى اليوم الثالث، أمس الجمعة، كانت قوات الحماية الرئاسية، بقيادة ناصر نجل الرئيس هادي، تتقدم في حي كريتر، وتسيطر على مواقع لقوات "الحزام الأمني"، لكنها ما لبثت أن تراجعت مع وصول تعزيزات لـ"الحزام الأمني".
مقر الحكومة
حتى مساء السبت، اليوم الرابع، كانت قوات "الحزام الأمني" تطوّق قصر معاشيق، في ظل هزيمة قوات اللواء الرابع حماية رئاسية، المكلف بحماية مقر الحكومة الواقع على البحر في أقصى جنوبي عدن.
وقالت مصادر عسكرية لـ"الأناضول"، إن القوات السعودية المتمركزة في القصر انسحبت من منطقة معاشيق، وانشق قائد قوات الأمن الخاصة عن الحكومة، وانضم إلى قوات المجلس الانتقالي، بينما كانت عدن قد آلت لسيطرة المجلس، في مشهد عسكري بدا غامضًا.
وأضافت المصادر أن القوات السعودية أخرجت شخصيات في الحكومة من قصر معاشيق، الذي من المتوقع أن تفرض قوات "الحزام الأمني" سيطرتها عليه خلال ساعات.
وتلقت الحكومة ضربة عسكرية، السبت، بسيطرة قوات "الحزام الأمني" على منزل وزير الداخلية، نائب رئيس الحكومة، أحمد الميسري، وسط غموض يلف مصيره.
وقالت مصادر مقربة منه، طلبت عدم نشر أسمائها، لـ"الأناضول"، إن ثماني عربات مصفحة تابعة لقوات التحالف اتجهت، قبل صلاة فجر السبت، إلى منزل الميسري، وخرجت به بعد دقائق إلى مقرها بمدينة البريقة غربي محافظة عدن.
وباستقرار الرئيس هادي ومستشاريه ورئيس الحكومة، معين عبد الملك، ومعظم الوزراء في الرياض، تكون الحكومة قد فقدت سيطرتها على عدن ومحافظات لحج والضالع وأبين، ولم تعد تحظى بالولاء إلا في محافظة مأرب ومناطق شرقي اليمن، بينما تسيطر جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، المدعومة من إيران، على العاصمة صنعاء ومعظم المحافظات، منذ عام 2014.
ومن المرتقب أن يعلن المجلس الانتقالي عن خارطة طريق لتسيير الأوضاع في عدن والمحافظات التي تدين له بالولاء، في حال لم يتدخل التحالف، بقيادة السعودية والإمارات، لصياغة وضع جديد، حيث أصبح اليمن مرتهنًا للدولتين بصورة تامة.
عجز هادي
وأعادت سيطرة المجلس الانتقالي على مدينة عدن إلى الأذهان سيطرة الحوثيين على صنعاء، في سبتمبر/ أيلول 2014، فالظروف والتوقيت متشابهان، وخاصة عجز الرئيس اليمني.
وغاب هادي عن أحداث عدن، بينما اكتفت الحكومة بنشر بيان صحافي لمصدر مسؤول دون أن تفصح عن هويته، محملًا المجلس الانتقالي المسؤولية عن أحداث عدن.
أما الإمارات، التي دعت إلى "التهدئة" على لسان وزير خارجيتها عبد الله بن زايد، فلم تشر إلى الحكومة اليمينة باعتبارها صاحبة القرار في اليمن، وقال إن الإمارات كشريك في التحالف تبذل الجهود للتهدئة، وتطالب المبعوث الأممي، مارتن غريفيث، ببذل كل الجهود لوقف التصعيد.
وانتقد يمنيون هادي، إذ دعت الناشطة اليمنية الحاصلة على جائزة نوبل للسلام، توكل كرمان، إلى محاكمته هو ونائبه علي محسن الأحمر باعتبارهما "خونة".
وحمّلت كرمان، في تدوينة عبر "فيسبوك"، السعودية المسؤولية عما آلت إليه الأوضاع، إذ إن الرياض، بحسب قولها، هي التي تتحكم بالوضع في اليمن.
Facebook Post |
أما الناشط السياسي، العضو السابق بمؤتمر الحوار الوطني، محمد المقبلي، فقال في تدوينة، إن معلومات مؤكدة تفيد بأنه "بناء على أوامر سعودية تم قطع الاتصال عن الرئيس ونائبه من ثلاثة أيام ولايزال الاتصال والتواصل حتى هذه اللحظة منقطعا".
ووصف شادي ياسين، وهو صحافي، في تغريدة، الوضع في عدن بأنه يحمل التداعيات ذاتها التي ترافقت مع انقلاب وإسقاط الحوثيين لصنعاء.
وأضاف: "ذات الأحداث وذات المواقف السياسية وذات الضخ الإعلامي وذات الرئيس الذي خذل البلد وخذل ما حوله ولم يتبق سوى أن نشهد في خراب ما يحدث نهايته الوخيمة".
انفراجة بسيطة
وأفضت سيطرة المجلس الانتقالي على عدن إلى انفراجة بسيطة لأوضاع المدنيين في عدن، بعد استئناف الحركة وإعادة فتح الطرقات الرئيسية في الأحياء القريبة من قصر معاشيق.
وكانت الأوضاع انهارت بصورة كبيرة، إذ قبع الآلاف تحت حصار في منازلهم، في ظل توقف ضخ المياه إلى المنازل وانقطاع الكهرباء، وشح المواد الغذائية.
وقال وليد محمد، أحد سكان حي كريتر، في اتصال هاتفي مع الأناضول، إنه يستعد مع أسرته للنزوح إلى محافظة أبين، بعد أن أُعيد فتح الشارع الرئيس.
وتابع: "حوصرنا في المنزل منذ الأربعاء، وأوشكت المياه على النفاد، بينما كانت المعارك على أشدها".
(الأناضول)