رغم عقد البرلمان العراقي أربع جلسات رسمية له منذ انطلاق أعمال الفصل التشريعي الثاني منتصف الشهر الحالي، إحداها سرية، إلا أنه لم يناقش ما كان مفترضا أنه أولوية له في جدول أعماله، وهو استهداف معسكرات ومستودعات سلاح وذخيرة مليشيات "الحشد الشعبي"، المتكررة في بغداد وصلاح الدين وديالى والأنبار، وتتهم أوساط عراقية دولة الاحتلال الإسرائيلي بالوقوف وراءها.
وأكد، مسؤولون في البرلمان العراقي لـ"العربي الجديد"، أن عدم طرح ملف استهداف مقرات الحشد في جلسات البرلمان، وإصدار بيان إدانة أو قرار ملزم للحكومة، يأتي بسبب انتظار رئاسة البرلمان نتائج التحقيق الذي تجريه الحكومة بشأن القصف.
وبحسب مسؤول في الدائرة القانونية بالبرلمان العراقي، فإن "كتلا برلمانية تضغط لإصدار بيان يتهم كلا من الولايات المتحدة ودولة الاحتلال الإسرائيلي بالوقوف وراء الهجمات، وإلزام الحكومة العراقية بإطلاق خطة شاملة تتضمن تأمين الأجواء العراقية، وشراء منظومات دفاعية لمنع أي استهدافات أخرى"، مشيراً إلى أن البرلمان ينتظر تقرير الحكومة وتحقيقها بشأن الهجمات قبل عرض الموضوع وإدراجه رسميا على جدول أعمال البرلمان.
وكشف المصدر أن أبرز تلك الكتل الساعية لإصدار قرار برلماني بشأن استهداف معسكرات الحشد هي ذاتها التي تتصدر الآن الواجهة في ملف تشريع قانون لإخراج القوات الأميركية من العراق، وهي الكتل القريبة من طهران، ومن أبرزها "دولة القانون"، و"بدر"، و"صادقون" و"الفضيلة"، ضمن تحالف البناء، إضافة إلى تحالف "سائرون" بشقه المتضمن "التيار الصدري"، بزعامة مقتدى الصدر.
بدوره، قال عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان بدر الزيادي، الأربعاء، إن نتائج التحقيقات بشأن استهداف معسكرات "الحشد" اكتملت، وتم تسليم النتائج إلى رئيس الوزراء، مؤكدا أن "لجنة الأمن والدفاع في البرلمان تنتظر وصول نتائج التحقيق إليها الأسبوع المقبل، لدراستها وكتابة تقرير مفصل وعرضه على رئاسة مجلس النواب العراقي".
وأضاف الزيادي، في تصريحات أوردتها وسائل إعلام محلية عراقية، أن "زيارة عبد المهدي قبل أيام إلى الصين، واليوم إلى المملكة العربية السعودية، هي ما أخر الإعلان عن نتائج التحقيق من قبل الحكومة العراقية وأجهزتها المختصة".
في المقابل، قال عضو البرلمان العراقي عن تحالف "الفتح"، محمد كريم البلداوي، إن "الجلسة الأخيرة للبرلمان لم تتطرق إلى قصف مقرات "الحشد"".
وأضاف البلداوي، وهو أحد ممثلي مليشيا "العصائب" في البرلمان، أن تحالفه ما زال مصرا على إصدار قانون إخراج القوات الأميركية من العراق، مبينا أن "هذا الأمر يعد من القوانين المهمة التي يجب إكمالها بالتفاهم مع تحالف "سائرون" التابع لـ"التيار الصدري"، الذي يوجد معه تفاهم على ذلك"، مؤكدا، في تصريحات صحافية، "قرب عقد لقاء مع رئيس الوزراء عادل عبد المهدي ووزير الدفاع والقادة الأمنيين لهذا الغرض".
وتوقع أستاذ القانون الدستوري في جامعة بغداد سعد الكناني حدوث أزمة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في حال أصدر البرلمان قرارات سلبية باتجاه واشنطن، مؤكدا، لـ"العربي الجديد"، أن "رئاسة البرلمان تمتلك صلاحيات لتجنيب الحكومة الإحراج بشأن التوازن الحالي في علاقتها مع الولايات المتحدة".
واعتبر أن "أي قرار يصوت عليه البرلمان ضد الولايات المتحدة، سواء بملف استهداف معسكرات "الحشد" أو خطوات ما بات يطلق عليه "إخراج القوات الأميركية من العراق"، سيفهم على أنه نصر إيراني جديد ضمن المواجهة المفتوحة بين طهران وواشنطن، وهو ما يعني أن العراق دخل ضمن الصراع بشكل مباشر"، مستدركاً "إلا أنني أستبعد إصدار مثل هذه القرارات حاليا لوجود موانع عدة داخلية وخارجية".