تحركات إثيوبية بملف النهضة... ودوائر مصرية تتحدث عن "إعلان حرب"

29 سبتمبر 2019
اعتبرت الرئيسة الإثيوبية أن التعاون بحوض النيل "ضرورة"(فرانس برس)
+ الخط -
ردت الحكومة الإثيوبية على التحركات المصرية في ضوء التصعيد الأخير بشأن مسار مفاوضات سد النهضة، بتحركات مضادة، عبْر قيام وزير المياه والري والطاقة سيليشي بيكيلي، ووزيرة الدولة للشؤون الخارجية هيروت زميني، بالاجتماع بسفراء ودبلوماسيين أجانب وإحاطتهم بما جرى في الاجتماع الثلاثي لوزراء مياه مصر والسودان وإثيوبيا يومي 15 و16 سبتمبر/أيلول الحالي الذي استقبلته العاصمة المصرية القاهرة.
وجاءت الخطوة رداً على محاولات القيادة السياسية المصرية تدويل القضية، بعد مطالبة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال كلمته في الجمعية العامة للأمم المتحدة أخيراً، المجتمع الدولي بضرورة التدخّل لإيجاد حل للأزمة، محذراً من أن استمرار أديس أبابا في أسلوبها المتّبع خلال المفاوضات سيؤثر على استقرار مصر والمنطقة بالكامل.

وبحسب بيان رسمي بثّته وكالة الأنباء الإثيوبية، فإن المسؤولين عكسوا للسفراء والدبلوماسيين الأجانب موقف أديس أبابا في ما يتعلق بعملية ملء خزان السد وغيرها من القضايا ذات الصلة. ولفتت الوكالة إلى أن الاجتماع حضره دبلوماسيون وسفراء من دول أفريقيا وأوروبا والولايات المتحدة وآسيا والشرق الأوسط.

في المقابل، قال دبلوماسي سوداني في القاهرة، لـ"العربي الجديد"، إن الخرطوم في الظروف الراهنة، غير معنية بالمقام الأول بالصراع والأزمة المتفاقمة بين القاهرة وأديس أبابا، مضيفاً "لنا مصالح مشتركة مع الطرفين، ولا يمكن أن نكون أداة ضغط في يد أيّ من الحكومتين"، متابعاً "الخرطوم تدير موقفها بما يراعي مصالح الشعب السوداني في ظل ظرف داخلي وإقليمي شديد الحساسية، وليس لنا موقف متحالف كما كان في السابق مع أي من الطرفين، ونأمل أن يتوصلا إلى اتفاق سريعاً".

من جهته، قال مسؤول دبلوماسي مصري، لـ"العربي الجديد": "أجرينا اتصالات رفيعة المستوى عقب اجتماع المسؤولين الإثيوبيين مع السفراء الأجانب في أديس أبابا لمعرفة ما جرى في الاجتماع"، مضيفاً "للأسف ما نقله الجانب الإثيوبي مليء بالمغالطات بشكل ينبئ باستمرار النهج الإثيوبي المماطل".
وكشف أن "هناك دوائر أمنية (المخابرات) تتبنّى وجهة نظر مفادها أن استمرار إثيوبيا في أسلوبها إلى حين تشغيل السد من دون العمل على مراعاة المخاوف المصرية، يُعدّ بمثابة إعلان حرب". وعما إذا كان الخيار العسكري أو الأمني مطروحاً ضمن الخيارات المصرية، في أزمة سد النهضة، قال المسؤول المصري "الأزمة تصاعدت بشكل كبير، ورأس الدولة تحدث بشكل واضح وأطلع العالم على أبعاد الأزمة ومدى تأثيراتها السلبية ليس على مصر وحدها ولكن الإقليمية أيضاً"، متابعاً "في اعتقادي الشخصي كل الأمور مطروحة أمام صانع القرار، فليس من الطبيعي أن تفرض إثيوبيا الأمر الواقع على مصر بشكل يمثّل حياة أو موتاً ونقف نشاهد".


في المقابل، رجحت مصادر سياسية وفنية مصرية، أن يكون التلويح برد فعل عسكري على تحركات إثيوبيا بشأن ملف سد النهضة، مجرد ترويج دعائي لا يستند إلى أي مقومات قانونية دولية حقيقية. ووفقاً لدبلوماسي مصري، عمل سابقاً في الملف نفسه، تحدث لـ"العربي الجديد"، فإن القيادة المصرية الحالية، تحاول تصدير ذلك للاستهلاك الإعلامي والدعائي المحلي، لمحاولة تخفيف الضغط عليها، في ظل ما يعانيه النظام من أزمات غير مسبوقة، تكاد أن تعصف به.

ومن المقرر أن تستضيف العاصمة السودانية الخرطوم، في 5 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، اجتماعات سد النهضة على مستوى وزراء الري والموارد المائية في دول السودان ومصر وإثيوبيا. وفي 24 سبتمبر الحالي، قال السفير المصري في الخرطوم حسام عيسى، للمركز السوداني للخدمات الصحافية، إن الاجتماع سيسبقه لقاء آخر للجان الفنية نهاية سبتمبر الحالي في الخرطوم. وأوضح أن لقاء الخبراء سيبحث وضع قواعد واضحة لملء وتشغيل سد النهضة، بما لا يؤثر على دولتي المصب (السودان ومصر)، ولا يتعارض مع مصالح كافة الدول. وأشار إلى أن المقترحات ستعرض على الوزراء الثلاثة في ضوء ما يتوصل إليه اجتماع الخبراء.

ورفضت إثيوبيا أخيراً مقترحا قدّمته مصر بشأن عملية ملء خزان السد. وقال وزير الري الإثيوبي، في تصريحات سابقة للإعلام المحلي، إن بلاده رفضت الاقتراح لأنه ينتهك الاتفاقية الموقعة بين الدول الثلاث حول الاستخدام العادل والمعقول لمياه نهر النيل.

وفي السياق نفسه، تناولت الرئيسة الإثيوبية سهلي ورق زودي، الخميس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ74، موضوع سد النهضة، قائلة إن التعاون في حوض النيل ليس خياراً بل ضرورة. وأوضحت أن حكومة إثيوبيا تقوم ببناء سد النهضة على نهر النيل بشكل أساسي لتوليد الطاقة الكهرومائية، لافتة إلى أن حوالي 65 مليون إثيوبي لا يحصلون على الكهرباء. فيما قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، إن المفاوضات حول سد النهضة مع إثيوبيا لم تُفضِ إلى نتائجها المرجوة، محذراً من انعكاسات سلبية جراء "التعثر".