قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، في ختام زيارته لنيويورك، إنه أجرى مباحثات مع بعض أعضاء الكونغرس الأميركي، كاشفاً أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب وعد بإمكانية إلغاء العقوبات بعد لقائه مع نظيره الإيراني، حسن روحاني.
وقال ظريف لوسائل إعلام إيرانية، وفقا لما أوردته وكالة "إيسنا"، إنه تلقّى اتصالات من عدة أعضاء في الكونغرس الأميركي خلال زيارته، من دون الكشف عن هوياتهم وانتماءاتهم الحزبية، مضيفا أنه "بسبب قصر مدة زيارتي لنيويورك لم يكن بالإمكان التنسيق لمجيئهم إلى المدينة وإجراء لقاءات مباشرة".
وفي معرض ردّه على سؤال عما إذا كانت لدى إيران مطالب من المشرعين الأميركيين، قال: "نحن ليس لدينا مطلب من أعضاء الكونغرس الأميركي، ولا نتدخل في الشؤون الداخلية الأميركية"، مشيراً إلى أن "لقاءاتي حتى الآن معهم كانت بطلب منهم، ونحن نستغلها لعرض صورة حقيقية عن إيران، وليس لأجل طرح مطالب".
وكان ظريف قد التقى، خلال زيارته السابقة لنيويورك، في يوليو/تموز الماضي، مع السيناتور الجمهوري راند بول، المقرب من الرئيس الأميركي، مقدما عرضا للجانب الأميركي لخفض التوترات بين البلدين، لكن لم تتعاط معه الإدارة الأميركية إيجابيا.
وطرح وزير الخارجية الإيراني إقرار "البروتوكول الإضافي" النووي في مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) بشكل نهائي هذا العام، قبل أن يحين موعده عام 2023 بموجب الاتفاق النووي.
ويسمح هذا البروتوكول بعمليات تفتيش دولية أوسع ودائمة للمواقع النووية المعلن عنها وغير المعلن عنها في الدول الأعضاء.
ومقابل تصديق إيران على البروتوكول، اقترح ظريف أن يتوجه ترامب إلى الكونغرس من أجل رفع العقوبات عن إيران، كما هو منصوص عليه بموجب الاتفاق النووي عام 2015، ولكن غير مصدّق عليها في التشريعات.
شروط للقاء متعدد الأطراف
وحول ملابسات رفض الرئيس الإيراني اللقاء مع نظيره الأميركي، أثناء تواجده في نيويورك، خلال الأيام الماضية، كشف ظريف عن أن بلاده اشترطت إلغاء واشنطن العقوبات قبل هذا اللقاء "ضمن لقاء بين السيد روحاني وقادة مجموعة 1+5" المبرِمة للاتفاق النووي عام 2015.
وبذلك، أشار ظريف إلى أن إيران ترفض من حيث المبدأ أي لقاء ثنائي بين روحاني وترامب، قائلا إن شرط إلغاء العقوبات "كان للقاء قادة مجموعة 1+5 مع السيد روحاني، وليس لقاء ثنائيا بين السيد روحاني والسيد ترامب".
وأضاف أن الرئيس الأميركي "كان يرغب في أن يحصل اللقاء أولا، وتحدّث عن احتمال أن ترفع العقوبات بعده"، لافتا إلى أنه "لم يقل إن العقوبات سترفع بعد اللقاء".
وعزا ظريف سبب إصرار أوروبا على اللقاء بين روحاني وترامب إلى "عجز الأوروبيين عن تنفيذ تعهداتهم بعد الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي"، وكذلك قناعة أوروبية بأن "حل مشاكلهم يكمن في أن نتفاوض نحن مع ترامب"، في إشارة إلى مشاكل تواجهها أوروبا في الوفاء بالتزاماتها تجاه الاتفاق النووي.
وأضاف أن "على الأوروبيين أن يجدوا حلا لمشاكلهم، وليست مشكلتنا أنهم لا يمتلكون الإرادة والقدرة على تنفيذ التزاماتهم"، مشددا على "أننا لسنا مستعدين أن نربط مستقبل شعبنا واقتصادنا بلقاء استعراضي مع رئيس أميركا، الذي لم يلتزم بتعهداته".
رسائل سعودية
وفي معرض رده على سؤال عما إذا كانت إيران أرسلت رسائل إلى السعودية عبر باكستان، التي أعلن رئيس وزرائها عمران خان، أخيرا، أنه حمّل الجانب الإيراني رسائل سعودية، أكد وزير الخارجية الإيراني أن "رسائلنا كلها معلنة. نحن قلنا لجيراننا ونعيد تكرار ذلك إنه لا يمكنهم تحصيل الأمن من خلال شراء الأسلحة الأميركية وجرّ الأميركيين إلى المنطقة وخوض حروب لا تنتهي مع دول جارة"، في إشارة إلى الحرب التي يشنها التحالف السعودي الإماراتي على اليمن.
وأكد ظريف تلقّي بلاده رسائل من السعودية عبر باكستان، من خلال القول إن "من جاء برسائل كانت جهودهم ترمي إلى الحيلولة دون تصعيد التوتر في المنطقة"، واصفا هذه الجهود بـ"الحميدة جدا".
إلا أنه أكد، في الوقت نفسه، أن "الطريق لخفض التوتر في الظروف الراهنة واضح جدا وهو إنهاء الحرب على اليمن"، مشيرا إلى قناعة بلاده بأن "السعودية إذا ما قبلت هذا الواقع في أقرب وقت تكون قد أنهت الوضع الخطير للغاية في المنطقة".
وكان رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان قد كشف، بعدما أجرى لقاءين منفصلين مع الرئيس الإيراني والرئيس الأميركي، أن ترامب وولي العهد السعودي محمد بن سلمان طلبا منه الوساطة مع إيران لخفض التوترات في المنطقة.
وقال خان إنه خلال رحلته إلى نيويورك توقف في المملكة العربية السعودية وتحدث مع ولي عهدها، كاشفا أنه طلب منه التحدث مع الرئيس الإيراني.
رضائي: على واشنطن دفع 150 مليارا لنا
من جهته، اتهم أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام في إيران، محسن رضائي، الولايات المتحدة، بأنها تريد العودة إلى إيران من خلال العقوبات، قائلا إنها "تهدف إلى قطع المبادلات التجارية للبلاد ومحاصرتها بالكامل ليؤدي ذلك إلى تفجير الأوضاع من الداخل".
وطالب رضائي واشنطن بـ"العودة إلى الاتفاق النووي ودفع 150 مليار دولار كتعويضات عن العقوبات إذا ما أرادت عودتنا إلى الاتفاق"، وذلك في إشارة إلى تنفيذ كامل للتعهدات النووية والعودة عن سياسة تقليصها.
وفيما تعلن حكومة الرئيس الإيراني حسن روحاني استعداد البلاد للتعاون مع الدول العربية في الخليج لتأمين الخليج والممرات المائية، أكد السياسي الإيراني المحافظ محسن رضائي "أننا نسعى إلى تحقيق الأمن للجميع في المنطقة"، متسائلا في الوقت نفسه: "كيف يمكن التعاون مع دول تابعة حتى النخاع لأميركا؟".
سعيدي: لن نبدأ بأي حرب
من جهته، أكد رئيس دائرة التوجيه السياسي في القيادة العليا للقوات المسلحة الإيرانية، علي سعيدي، أن "إيران لن تكون المبادرة إلى أي حرب". غير أنه أشار، في الوقت نفسه، إلى أن "أميركا وأوروبا لا تمتلكان القدرة والجرأة على إشعال أي حرب ضد إيران".
واعتبر سعيدي، وفقا لوكالة "تسنيم"، أن بلاده "تمتلك قدرة الردع في أعلى درجاتها"، ليؤكد أنها "سترد على أي ضربة"، معتبرا أن السعي الأميركي الأوروبي "الدؤوب" إلى التفاوض حول "القدرات الصاروخية والإقليمية لإيران يستهدف نزع هذه القدرات عنها".
وقال إن "أميركا ليست لديها أي تقديرات حول مستقبل المنطقة، خاصة اليمن"، مضيفا أن "الحرب على اليمن في نهايتها"، واعتبر أن "جبهة المقاومة تحولت اليوم إلى جبهة مؤثرة في المنطقة، وأن هذا التأثير قرّب نهاية الحرب".