وتستعد جنيف لاستضافة حوار سياسي جديد بهدف لحل القضايا الليبية العالقة من خلال تشكيل حكومة وحدة وطنية وصياغة الدستور وإجراء الانتخابات، رغم أنه "لم يُحدد موعدها بعد ولكنها ستعقد قريبا"، بحسب سلامة.
وأعلن رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، فايز السراج، خلال كلمته في اجتماع اللجنة الأفريقية العليا في برازافيل مساء أمس الخميس، عن إمكانية أن تعيد حكومته النظر في المشاركة في أي حوار إذا لم يتم وقف الانتهاكات وانسحاب المعتدي، وعودة النازحين إلى ديارهم.
في المقابل، اعتبر النائب الأول لرئيس مجلس النواب المنعقد بطبرق، فوزي النويري، أن هناك خللا في عدد الممثلين لمجلسي النواب والدولة في حوار جنيف، مما يشير لسعي جديد من قبل مجلس النواب لعرقلة هذا المسار.
وكان الفاعلون الدوليون اتفقوا، خلال قمة برلين، في 19 من الشهر الجاري على إطلاق ثلاثة مسارات للحل في ليبيا، الأول عسكري عبر لجنة 5+5 المؤلفة من ضباط يمثلون طرفي القتال، وقوات حكومة الوفاق وقوات حفتر، لتثبيت وقف إطلاق النار وبدء محادثات لتوحيد المؤسسة العسكرية.
وفي مقابل إعلان المجلس الأعلى للدولة عن اختيار أعضائه الـ13 الممثلين له في حوار جنيف، قال النويري، في تصريح لتلفزيون محلي ليبي يوم أمس، إنه "طالب بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بإعادة النظر في عدد المشاركين من مجلس النواب في محادثات جنيف"، مشيراً إلى وجود خلل في المشاركين بين مجلس النواب ومجلس الدولة من حيث العدد والتوجهات السياسية.
التقليل من أهمية حوار جنيف
وقلل النائب الثاني لرئيس مجلس النواب في طبرق، أحميد حومة، من أهمية حوار جنيف، قائلا: "لست مرتاحاً لما يُحاك قبيل انعقاد ملتقى جنيف".
وشدد حومة على ضرورة الموافقة على اشتراطات أخرى لم يوضحها للقبول بجلوس مجلس النواب على طاولة التفاوض، مما يُشير لبدء مجلس النواب في إفراز سلسلة من العراقيل.
ويؤكد الباحث الليبي في الشؤون السياسية، بلقاسم كشادة، أن تأثيرات تلك المساعي للعرقلة وصلت لكواليس مجلس الأمن بالأمس، موضحا في حديثه لــ "العربي الجديد"، أن "قول سلامة أن حوار جنيف سيُعقد قريبا يعني أن الأطراف الدولية لم تتفق بعد على موعده، مما يعني أن حلفاء حفتر ومجلس النواب وجدوا طريقاً للعرقلة".
ولا يُخفي كشادة قلقه من طريقة إدارة البعثة الأممية لحوار جنيف، مشيراً إلى أنها "تساهم الآن في عرقلته كما ساهمت في عرقلة لقاء غدامس الماضي، فالغموض يكتنف طريقة إدارتها للحوار واختيارها للممثلين"، لافتا إلى أن آلية اختيار البعثة الأممية لــ 14 عضو غير واضحة ولا يحق للبعثة إخفاؤها.
ويرى كشادة أن "المجتمع الدولي لم يكن جادا في حل الأزمة، فدون تحديد جدول زمني للمسارات الثلاثة سيبقى الأمر مفتوحا لوضع أي عراقيل تؤخره وتؤثر أيضا على نتائجه".
من جانبه، يرى المحلل السياسي الليبي عبد الحميد المنصوري، أن "إطلاق المسارات الثلاثة جملة واحدة هو إعادة ما جرى في الصخيرات تماما، ومن المفترض أن تستفاد الدروس منها لا أن تعاد"، معتبراً أن الحل يتمثل في إدماج هذه المسارات الثلاثة في لجان مشتركة وبمراقبة دولية جادة يمكنها أن تمارس ضغوطاً لتسريع العمل.
وأشارت المندوبة الفرنسية إلى أن اللجنة "ستبحث كيفية الحفاظ على الهدنة وتحويلها إلى وقف دائم لإطلاق النار، مما سيوفر لاحقا الفرص اللازمة لتفكيك المليشيات وإعادة توحيد المؤسسات المالية والسيادية"، وهو ما يراه المنصوري في حديثه لــ "العربي الجديد" أنه "سعي فرنسي لتجيير نتائج برلين لمصلحتها، ونقل تلك النتائج لدائرة الخلافات والتجاذبات مجددا".
ولقاء تأكيد لودريان، في تصريحات نقلها الموقع الرسمي للخارجية الفرنسية أمس، على اختراق دول قرار حظر السلاح على ليبيا، هاجم مندوب ليبيا في جلسة مجلس الأمن فرنسا بأنها من اخترقت الحظر وأرسلت صواريخ جافلين لقوات حفتر لدعمها في عدوانها على طرابلس.
ويرجح المنصوري أن حديث مندوب ليبيا بمجلس الأمن يتسق مع حديث السراج في برازافيل عن رغبة حكومته في إعادة النظر في مشاركتها في المسار السياسي، مشيراً إلى أن مسار جنيف لا يزال بعيدا إذا ما تم الأخذ في الاعتبار سعي حلفاء حفتر في مجلس النواب لعرقلة هذا المسار".