ولم يمنع الجدل الحاصل حول تشكيل الحكومة من بروز بعض التسريبات حول توزيع الحقائب الوزارية وحصة الأحزاب المعنية بالمشاورات منها، حيث من المرجح أن تسند وزارة أملاك الدولة إلى "التيار الديمقراطي"، ووزارة التنمية إلى "تحيا تونس"، على أن تسند وزارة البيئة إلى "حركة النهضة" ووزارة السياحة إلى حزب "البديل"، مع مقترح بإسناد حقائب لمستقلين على غرار الثقافة والطاقة والعدل.
وفي خطوة غير مسبوقة، أعلنت "حركة الشعب" اليوم الثلاثاء إمكانية انسحابها من المشاورات، إذا استمرت المسائل الخلافية خاصة في ما يتعلق بحكومة حزبية تضم مستقلين، وأيضاً في ما يتعلق بوزارات السيادة.
وقال النائب عن "حركة الشعب"، خالد الكريشي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ موقفهم قد يتغير في أي وقت وخروجهم وارد جداً، خاصة إذا تواصلت النقاط الخلافية، مضيفاً أن "الشعب لا تزال معنية بالمشاركة وينتظر أن يجمعهم لقاء بالفخفاخ مساء اليوم لمزيد التشاور".
وأوضح الكريشي أن الاختلاف يتمحور أساساً حول تركيبة الحكومة، إذ يتمسك الفخفاخ بحكومة تضم في غالبيتها كفاءات ومستقلين، في حين ترى "حركة الشعب" أن الأغلبية يجب أن تكون حكومة سياسية ومن القيادات الحزبية.
من جهته، أكّد رئيس حزب "قلب تونس"، نبيل القروي، الذي التقى اليوم رئيس الحكومة المكلف ورئيس البرلمان، راشد الغنوشي، في تصريح إعلامي، أنّ "موقف حزبه لا يزال ثابتاً بخصوص تكوين حكومة وحدة وطنية ذات حزام سياسي يساعد على تمريرها والمصادقة عليها في البرلمان"، مؤكداً أنهم يريدون "حكومة وحدة وطنية دون إقصاء".
وأوضح أنه من السابق لأوانه الحديث عن مشاركتهم أو الاكتفاء بالمعارضة، مضيفاً أن "مسؤوليات حزب قلب تونس اليوم هي مقاومة الفقر وتحسين المقدرة الشرائية للمواطن قبل الحديث عن المناصب والحقائب الوزارية".
من جانب آخر، قال القيادي في "حركة النهضة"، عبد الحميد الجلاصي، في تصريح لـ"العربي الجديد" إن "المشاورات تتقدم، ولكن مواقف الأحزاب تتغير، وكأن كل طرف بصدد مراقبة بقية الأطراف والمزايدة أحياناً"، مؤكداً أنه يرجح أن "يتم التصويت على الحكومة ولكنها ستكون حكومة ضعيفة وهشة".
وبيّن الجلاصي أن "كثيرين سيصوتون لفائدة الحكومة فقط لأنهم ممثلون داخلها، وآخرون سيصوتون لعدم اعتراضهم عليها ولكن هناك من سيصوتون نكاية في يوسف الشاهد (رئيس الحكومة السابق) أو لأن البلاد لا تحتمل مزيدا من التأجيل أو خوفا من إعادة الانتخابات، ولكن هناك من سيرفض التصويت".
وأوضح أن "النهضة" يمكن أن تصوّت ولا تشارك في الحكومة، رغم أنه يفضل أن يتم دعمها من الداخل والمشاركة فيها، مشيرا إلى أن الحكومة قد لا تكون قوية وبالكيفية التي تأملها الأحزاب.
ولفت إلى أن "تونس لا يمكن أن تتحمّل استمرار الوضع على ما هو عليه، إذ إن عدة عوامل تداخلت لتعمق الأزمة التي بدأت تتسع كرقعة الزيت وللأسف هناك عدة انتقادات حول رئاسة الجمهورية ليضاف إليها غياب تشكيل الحكومة، وبالتالي إن لم تمر الحكومة فالأفق سيكون غامضا".
وفي السياق أعلن المجلس الوطني لـ"التيار الديمقراطي" أنه قرّر "مواصلة المشاورات مع الحكومة باتجاه أن يكون للحزب موقع فاعل داخل الحكومة، وذلك بحصوله على الحقائب الوزاريّة والمسؤوليات التي تمكّنه من تطبيق برنامجه المتعلق بتطبيق القانون ومحاربة الفساد والقيام بالإصلاحات الضروريّة أو تمكين أشخاص لهم من الكفاءة ما يمكّنهم من المساهمة في البرنامج الإصلاحي للحكومة".
يشار إلى أن إلياس الفخفاخ التقى بعد ظهر اليوم الثلاثاء مع راشد الغنوشي، الذي يرأس كذلك "حركة النهضة"، في مقر مجلس نواب الشعب بباردو، دون الإدلاء بتصريح إعلامي حوله.