هدوء حذر في محيط طرابلس بعد فشل جديد لقوات حفتر

30 مارس 2020
معارك عنيفة بجميع أنواع الأسلحة مساء الأحد (Getty)
+ الخط -
يشهد محيط طرابلس هدوءا حذرا يطبع كافة محاور القتال، بعد تمكن قوات حكومة الوفاق الليبية من صدّ هجوم واسع شنته مليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر أمس الأحد، فيما تعاني الحكومة ضغوطا داخلية من قبل البلديات لمراجعة سياستها بمواجهة فيروس كورونا الجديد.

وقال المتحدث الرسمي باسم مكتب الإعلام الحربي التابع لعملية "بركان الغضب"، عبد المالك المدني، إن محاور المشروع وصلاح الدين وعين زاره شهدت "معارك عنيفة بجميع أنواع الأسلحة"، مساء أمس الأحد، بعد هجوم واسع شنته مليشيات حفتر في هذه المحاور.

وبينما أكد المدني فشل الهجوم وتراجع قوات حفتر في أكثر من محور، أوضح أن اللواء المتقاعد استعان في هجوم الأمس بـ"مرتزقة الفاغنر ومرتزقة حركات التحرير السودانية".

ونفى المدني ما تناقلته وسائل إعلام موالية لحفتر عن تقدمات كبيرة أحرزتها مليشياته في طرابلس، وقال: "الهجوم تم صده بالكامل، وقواتنا حافظت على مواقعها وتمركزاتها وكبدت مليشياته خسائر فادحة في الأفراد والعتاد"، مشيرا إلى أن "من بين خسائره دبابة وعددا من الآليات والمدرعات المسلحة".

ودفعت الخسائر الكبيرة التي تكبدها حفتر في محاور القتال في محيط أبوقرين، غرب سرت، إلى إشعال محاور القتال في طرابلس، بحسب الخبير الأمني الليبي الصيد عبد الحفيظ.

ويوضح عبد الحفيظ رأيه لــ"العربي الجديد" بالقول إنه "لا جديد على أرض المعارك، فما حدث تكتيك من جانب حفتر لإلهاء قوات الحكومة عن مواصلة قتالها في محيط أبوقرين ومحاولة ترتيب صفوفه".

وكشفت مصادر ليبية مطلعة عن قائمة خسائر حفتر في صفوف قواته بمحيط أبوقرين، مؤكدة أنه بالإضافة إلى مقتل عشرة من قادة قواته، قتل 104 من مسلحيه، بينهم عشرات المرتزقة الأفارقة، وأصيب 134 آخرين نقلوا إلى أكثر من مركز صحي بين بنغازي وأجدابيا وسرت ورأس لانوف.

لكن عبد الحفيظ يرجح أن تستأنف عملية "عاصفة السلام" التي أطلقتها الحكومة الخميس الماضي عملياتها القتالية، وسط استعدادات يجريها حفتر للتصدي للعملية وإفشالها، معتبرا أن النتائج التي توصلت إليها قوات الحكومة حتى الآن كافية لحثها على المزيد.

وسجل الحضور الدولي غيابا شبه كلي في الملف الليبي في الآونة الأخيرة، بعد انهيار جهود السلام التي كان يقودها المبعوث الأممي السابق، غسان سلامة، في مسارات ثلاثة كانت تهدف إلى أن تفضي إلى حزمة حلول سياسية وعسكرية واقتصادية.

لكن الاتحاد الأوروبي بدأ، منذ السبت الماضي، في إطلاق عملية مراقبة جديدة للسواحل الليبية تحت مسمى يريني" لمراقبة حظر توريد الأسلحة لليبيا، بعد فشل عملية "صوفيا".

وفي السياق، لفت الناشط السياسي الليبي عقيلة الأطرش إلى أن العملية الجديدة تستهدف جانب الاتفاقات بين حكومة الوفاق والحكومة التركية وإمكانية أن يكون البحر سبيلا لإيصال دعم عسكري تركي لطرابلس، مشيرا إلى أن العملية الأوروبية لا تستهدف مراقبة الأجواء التي تسير عبرها الإمارات جسورا جوية لنقل دعم عسكري لمعسكرات حفتر في شرق البلاد.

من جانب آخر، يبدو أن حكومة الوفاق تواجه ضغوطا جديدة في سياق تعاملها مع أزمة وباء كورونا الجديد، وتتمثل هذه المرة في دعوة 30 بلدية، في غرب وجنوب البلاد، بضرورة الاستجابة لمطالبها لمواجهة تفشي فيروس كورونا في البلاد.

وأمهلت البلديات، في بيان مشترك وزعته ليل البارحة الأحد، الحكومة 48 ساعة لتحقيق مطالبها "وإلا توقف كافة أشكال التعامل معها"، كما شددت على ضرورة إقالة وزير الصحة بسبب "ضعفه وتركز السلطة في يد وكيل عام الوزارة"، ما أدى إلى فشل ذريع في إدارة أزمة كورونا.

 

وتمثلت مطالب البلديات في صرف الميزانيات المقررة لها لمواجهة الوباء والتهديد برفع دعاوى قضائية ضد وزير المالية بالحكومة في حال عرقلته لصرف الميزانيات، وتفعيل قانون نقل اختصاصات الإدارة المحلية للبلديات.

ولإن بدت المطالب مشروعة، إلا أن الناشط السياسي الليبي، عقيلة الأطرش يرى أن قضية مجابهة فيروس كورونا تحولت إلى ملف جديد ضاغط على الحكومة، متسائلا عن سبب عدم تسمية البيان المشترك البلديات.

ولم يصدر عن الحكومة أي رد بشأن مطالب البلديات، لكن الأطرش لفت، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن الحكومة لا تسيطر على هذا العدد الكبير من البلديات، ولذا فمن المرجح أن يكون بيان تلك البلديات مفتعلا لزيادة الحصار الذي تعيشه الحكومة وزعزعتها من الداخل.

وشككت منظمات دولية، من بينها منظمة الصحة العالمية، في قدرة سلطات البلاد الفعلية على مجابهة خطر تفشي وباء كورونا، خصوصا بعد أن سجلت البلاد رسميا ثاني إصابة بالفيروس.

وبين الأطرش أن بيان البلديات لم يطالب بضرورة التزام الأطراف بـ"هدنة إنسانية"، مؤكدا على "أهمية عملية عاصفة السلام"، لأن "حفتر يستغل الظرف الدولي ووضع الحكومة الحرج في مواجهة الوباء كعامل إضافي لإنجاح عمليته العسكرية"، على حد تعبيره.​