بينما تجهد دول العالم للخروج من تحت وطأة وباء كورونا، وتسعى العديد منها للتخفيف من إجراءات العزل بعدما نجحت في السيطرة على الوباء، يظهر إلى العلن المزيد من المشاكل التي تهدد السلم الاجتماعي في أكثر من بلد، كما في الولايات المتحدة وفرنسا. يتوازى ذلك مع تفاقم الانقسامات العالمية، لا سيما مع الاتهامات المتعددة للصين بإخفاء معلومات حول الوباء، وتحديداً من الولايات المتحدة، وهو ما يضعف التعاون الدولي في مواجهة هذه الجائحة وما تخلّفه من مصاعب اقتصادية واجتماعية ومعيشية عالمية.
وتتزايد التحركات الرافضة لإجراءات الإغلاق في أكثر من بلد. ووقعت اشتباكات بين الشرطة وشبان الأحد، لليلة الثانية على التوالي، في إحدى الضواحي الفقيرة في باريس، وسط إجراءات العزل الصارمة لمكافحة تفشي كورونا. وتفجرت الأحداث في حي فيلنوف لا غارين في وقت متأخر يوم السبت بعد أن أُصيب قائد دراجة نارية حين اصطدم بباب كان مفتوحاً لسيارة للشرطة لا تحمل شعارها المميز. وعاد الهدوء للحي في الساعات الأولى من صباح الأحد قبل أن تتجدد الاضطرابات لاحقاً.
في الولايات المتحدة، تجمّع نحو 2500 شخص عند مبنى الكونغرس في واشنطن الأحد للاحتجاج على أمر الحاكم الديمقراطي جاي إنسلي بالبقاء في البيوت للحد من انتشار كورونا. وقال تيلر ميلر وهو مهندس ومسؤول انتخابي في الحزب الجمهوري لـ"رويترز" إن "إغلاق الأعمال التجارية باختيار الرابحين والخاسرين وما يتضمنه ذلك من أشغال أساسية وغير أساسية يمثل انتهاكا لدستور الولاية وللدستور الاتحادي". وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد أبدى الجمعة تأييده لاحتجاجات مماثلة في ميشيغن ومينيسوتا وفرجينيا "لتحريرها" من قواعد التباعد الاجتماعي.
أما في البرازيل فلا يبدو الوضع أفضل، إذ شهدت أكثر من مدينة تظاهرات رفضاً لإجراءات الإغلاق وسط دعوات لحكام الولايات إلى الاستقالة. ويبدو الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو المتصدر الرئيسي للحملة على حكام الولايات حتى أنه شارك في احدى التظاهرات. كما أقال قبل أيام وزير الصحة، لويس هنريك مانديتا الذي كان يعزز إجراءات العزل.
وفي إسبانيا طلبت المعارضة أمس الاثنين توضيحاً رسيماً من وزير الداخلية فرناندو غراندي مارلاسكا بعد بيان لمتحدث باسم الحرس المدني الجنرال خوسيه مانويل سانتياغو، قال فيه أول من أمس الأحد، إن قوات الشرطة في جميع أنحاء البلاد تحارب رسائل تنتقد تعامل الحكومة مع الوباء. وأضاف أن الحرس المدني يعمل على "تجنب الضغط الاجتماعي الناجم عن الشائعات وعلى تقليل المناخ المعارض لكيفية إدارة الحكومة للأزمة". وهو ما اضطر وزير الداخلية ووزيرة الدفاع مارغريتا روبلز إلى التخفيف من حدة تصريحات سانتياغو عبر التأكيد على أن أنه أساء التعبير. وأكد وزير الداخلية أن الشائعات هدفها تعريض النظام الاجتماعي للخطر، مشيراً إلى أن الإجراءات المتخذة لا تشمل "النقد السياسي لأن ذلك يندرج ضمن حرية التعبير".
اقــرأ أيضاً
في هذه الأثناء، اعتبر وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، أن الوباء يفاقم "الانقسامات" العالمية والخصومة الصينية الأميركية ويُضعف في نهاية المطاف التعددية الدولية. وقال في مقابلة مع صحيفة "لو موند" نُشرت أمس "أخشى أن يصبح عالم ما بعد (الوباء) مشابهاً كثيراً لعالم ما قبله، لكن أسوأ". وأضاف "يبدو لي أننا نشهد تفاقم الانقسامات التي تقوّض النظام العالمي منذ سنوات. الوباء يمثّل استمرارية الصراع بين القوى من خلال وسائل أخرى". وندد بـ"توسيع المنافسة الدولية، وحتى المواجهة، في كل القطاعات" بما في ذلك "ميدان المعلومات". وقال إن "انغلاق" الولايات المتحدة التي "يبدو أنها مترددة في أداء دور القائد على المستوى الدولي" يعقّد كل "خطوة مشتركة" بشأن التحديات العالمية الكبيرة ويشجّع تطلعات الصين إلى السلطة.
وفي سياق التوجس من الصين ودورها، كشفت صحيفة "دي فيلت" نقلاً عن تقرير للمخابرات الداخلية الألمانية، أن الصين ومن خلال أنشطة استخباراتها في ألمانيا، تسعى لاستخدام صانعي القرار من "جماعات ضغط" من أجل إحداث تأثير في ألمانيا. هذا الأمر دفع بنائب رئيس كتلة "الليبرالي الحر" شتيفان توميه للقول "يحاول المسؤولون الصينيون الآن إعطاء انطباع بأن النظام الصيني الاستبدادي أفضل من الديمقراطيات الليبرالية في الغرب وبأنه قادر على السيطرة على الوباء"، مضيفاً أن "السلوك المضلل من قبل هؤلاء يمكّننا من التشكيك في نجاح ذلك".
في غضون ذلك، تتجه دول عديدة بحذرٍ نحو تخفيف القيود الهادفة للحد من تفشي الوباء مع بدء إجراءات العزل بتحقيق نتائج. وفتحت العديد من المتاجر أبوابها أمس في ألمانيا، في المرحلة الأولى من عملية طويلة لخروج البلاد من العزل. في النرويج، حيث تعتقد السلطات أن "الفيروس أصبح تحت السيطرة"، أعادت دور الحضانة فتح أبوابها أمس. وأعادت الشركات الصغيرة أمس فتح أبوابها بعد خمسة أسابيع من الإغلاق في الدنمارك. كما بدأت إيران أمس فتح طرق سريعة ومراكز تسوق رئيسية لتحفيز اقتصادها. وبدأ الكوريون الجنوبيون في العودة للعمل والازدحام في المراكز التجارية والحدائق وبعض المطاعم بعد أن خففت السلطات قواعد التباعد الاجتماعي. فيما قالت رئيسة الوزراء جاسيندا أرديرن أمس الاثنين إن نيوزيلندا ستمدد تدابير العزل العام أسبوعاً وستنتقل بعده لمستوى أقل من القيود. وفي الصين، ستفتح مدارس مقاطعة هوباي بؤرة تفشي الوباء، أبوابها اعتباراً من 6 مايو/أيار لطلاب المرحلة النهائية الثانوية.
وفي مؤشر إيجابي أيضاً، تراجعت حصيلة الوفيات اليومية في إسبانيا للمرة الأولى منذ أربعة أسابيع إلى ما دون 400 حالة، مع تسجيل 399 وفاةً خلال 24 ساعة. وفي فرنسا قال رئيس الوزراء إدوار فيليب الأحد "نحن لم نخرج من الأزمة الصحية" لكن "الوضع يتحسّن تدريجياً، ببطء". وفي إيطاليا، تقوم الشركات بإعادة فتح أبوابها شيئاً فشيئاً.
(العربي الجديد، فرانس برس، رويترز)
اقــرأ أيضاً
في الولايات المتحدة، تجمّع نحو 2500 شخص عند مبنى الكونغرس في واشنطن الأحد للاحتجاج على أمر الحاكم الديمقراطي جاي إنسلي بالبقاء في البيوت للحد من انتشار كورونا. وقال تيلر ميلر وهو مهندس ومسؤول انتخابي في الحزب الجمهوري لـ"رويترز" إن "إغلاق الأعمال التجارية باختيار الرابحين والخاسرين وما يتضمنه ذلك من أشغال أساسية وغير أساسية يمثل انتهاكا لدستور الولاية وللدستور الاتحادي". وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد أبدى الجمعة تأييده لاحتجاجات مماثلة في ميشيغن ومينيسوتا وفرجينيا "لتحريرها" من قواعد التباعد الاجتماعي.
أما في البرازيل فلا يبدو الوضع أفضل، إذ شهدت أكثر من مدينة تظاهرات رفضاً لإجراءات الإغلاق وسط دعوات لحكام الولايات إلى الاستقالة. ويبدو الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو المتصدر الرئيسي للحملة على حكام الولايات حتى أنه شارك في احدى التظاهرات. كما أقال قبل أيام وزير الصحة، لويس هنريك مانديتا الذي كان يعزز إجراءات العزل.
وفي إسبانيا طلبت المعارضة أمس الاثنين توضيحاً رسيماً من وزير الداخلية فرناندو غراندي مارلاسكا بعد بيان لمتحدث باسم الحرس المدني الجنرال خوسيه مانويل سانتياغو، قال فيه أول من أمس الأحد، إن قوات الشرطة في جميع أنحاء البلاد تحارب رسائل تنتقد تعامل الحكومة مع الوباء. وأضاف أن الحرس المدني يعمل على "تجنب الضغط الاجتماعي الناجم عن الشائعات وعلى تقليل المناخ المعارض لكيفية إدارة الحكومة للأزمة". وهو ما اضطر وزير الداخلية ووزيرة الدفاع مارغريتا روبلز إلى التخفيف من حدة تصريحات سانتياغو عبر التأكيد على أن أنه أساء التعبير. وأكد وزير الداخلية أن الشائعات هدفها تعريض النظام الاجتماعي للخطر، مشيراً إلى أن الإجراءات المتخذة لا تشمل "النقد السياسي لأن ذلك يندرج ضمن حرية التعبير".
في هذه الأثناء، اعتبر وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، أن الوباء يفاقم "الانقسامات" العالمية والخصومة الصينية الأميركية ويُضعف في نهاية المطاف التعددية الدولية. وقال في مقابلة مع صحيفة "لو موند" نُشرت أمس "أخشى أن يصبح عالم ما بعد (الوباء) مشابهاً كثيراً لعالم ما قبله، لكن أسوأ". وأضاف "يبدو لي أننا نشهد تفاقم الانقسامات التي تقوّض النظام العالمي منذ سنوات. الوباء يمثّل استمرارية الصراع بين القوى من خلال وسائل أخرى". وندد بـ"توسيع المنافسة الدولية، وحتى المواجهة، في كل القطاعات" بما في ذلك "ميدان المعلومات". وقال إن "انغلاق" الولايات المتحدة التي "يبدو أنها مترددة في أداء دور القائد على المستوى الدولي" يعقّد كل "خطوة مشتركة" بشأن التحديات العالمية الكبيرة ويشجّع تطلعات الصين إلى السلطة.
وفي سياق التوجس من الصين ودورها، كشفت صحيفة "دي فيلت" نقلاً عن تقرير للمخابرات الداخلية الألمانية، أن الصين ومن خلال أنشطة استخباراتها في ألمانيا، تسعى لاستخدام صانعي القرار من "جماعات ضغط" من أجل إحداث تأثير في ألمانيا. هذا الأمر دفع بنائب رئيس كتلة "الليبرالي الحر" شتيفان توميه للقول "يحاول المسؤولون الصينيون الآن إعطاء انطباع بأن النظام الصيني الاستبدادي أفضل من الديمقراطيات الليبرالية في الغرب وبأنه قادر على السيطرة على الوباء"، مضيفاً أن "السلوك المضلل من قبل هؤلاء يمكّننا من التشكيك في نجاح ذلك".
وفي مؤشر إيجابي أيضاً، تراجعت حصيلة الوفيات اليومية في إسبانيا للمرة الأولى منذ أربعة أسابيع إلى ما دون 400 حالة، مع تسجيل 399 وفاةً خلال 24 ساعة. وفي فرنسا قال رئيس الوزراء إدوار فيليب الأحد "نحن لم نخرج من الأزمة الصحية" لكن "الوضع يتحسّن تدريجياً، ببطء". وفي إيطاليا، تقوم الشركات بإعادة فتح أبوابها شيئاً فشيئاً.
(العربي الجديد، فرانس برس، رويترز)