قالت صحيفة "يسرائيل هيوم" إن أمام حكومة بنيامين نتنياهو ثلاثة سيناريوهات ستضطر للتفكير بأحدها لضمان استمرار التشكيل الحكومي الجديد، خاصة في حال أصرت المحكمة الإسرائيلية العليا على رفض تعيين أرييه درعي بمسوّغ أن تعيينه "غير معقول" ويخالف المنطق، وهو الادعاء الأساسي الذي حاجج به قضاة المحكمة خلال المداولات أمس.
وأجرت المحكمة الإسرائيلية العليا، أمس الخميس، مداولات بشأن قانونية ودستورية تعيين أرييه درعي وزيرا في الحكومة الجديدة، على الرغم من الحكم عليه بالسجن مع وقف التنفيذ، فيما لم يصدر القضاة أي قرار رسمي بشأن ذلك، رغم إصرارهم على أن تعيينه "غير معقول".
وحاول وزير القضاء في حكومة نتنياهو السادسة يريف لفين استباق مداولات المحكمة، من خلال الإعلان عن "ثورة الإصلاحات" في الجهاز القضائي لترهيب المحكمة العليا وثنيها عن رفض تعيين درعي.
وبما أن المحكمة ستكون مضطرة لإصدار قرارها خلال فترة قصيرة، فإن ذلك سيضع قضاتها أيضا أمام خيارين، أولهما التراجع أمام التهديدات التي تمثلها "ثورة الإصلاحات" التي أعلن عنها لفين، وإقرار التعيين من باب عدم رغبتها بالمواجهة المباشرة مع الحكومة، أما الخيار الآخر، وهو الاتجاه إلى التصعيد والصدام بإلغاء التعيين والحكم بعدم جوازه قانونيا.
وفي حال اختارت المحكمة التصعيد، فإن عليها الاستعداد لتوجّه الحكومة نحو تشريع تعديل إضافي على نظام القضاء يلغي كليا مبدأ "انعدام المنطق" في التعيينات والقوانين، إضافة إلى تسريع اتجاه الحكومة الجديدة لتعديل وإقرار قانون أساسي للمحكمة العليا، بحيث يسحب منها حق التدخل في القوانين التي تقرّها الكنيست، أو تحديد أغلبية عادية 61 من أصل 120 عضو كنيست لإعادة تشريع قانون أو تعديل ألغته المحكمة، وهو ما ستكون له تداعيات خطيرة على استقلالية جهاز القضاء في إسرائيل.
ويأتي هذا الاحتمال لإلغاء تعيين درعي وفقا لطلب جمعيات مختلفة، أبرزها جمعية نزاهة الحكم، التي طالبت المحكمة بالتدخل في التعيين، لإدانته قبل عامين فقط بمخالفات ضريبية، حيث حكمت المحكمة الجنائية حينها عليه بالسجن مع وقف التنفيذ.
وقد تعهد درعي بناء على تسوية مع النيابة العامة باعتزال الحياة السياسية، مقابل عدم فرض حكم بالسجن الفعلي و"العار" عليه، لكن درعي نقض هذا التعهد بعد سقوط حكومة بينت- لبيد، العام الماضي.
وعليه، فإن القرار الذي ستصدره المحكمة في حال ثبّتت وجوب فصل درعي من الحكومة يضع نتنياهو وحكومته أمام جملة خيارات، خصوصا وأن الحكومة أعلنت أنها ستلجأ لكل الطرق القانونية لتمكين درعي من البقاء وزيرا.
ثلاثة سيناريوهات أمام حكومة نتنياهو
وفقا للوضع التشريعي والسياسي القائم في إسرائيل، فإن أمام حكومة نتنياهو ثلاثة سيناريوهات رئيسية في حال أصرّت المحكمة على عدم قانونية تعيين درعي وزيرا في الحكومة.
- أولا: ينطلق السيناريو الأول من قبول المحكمة بالالتماسات، وإلغائها لتعديل قانون الحكومة الأساسي الذي سمح بتعيين درعي في الحكومة (وهو التعديل الذي أدخل على القانون وأقرّ تمكين من أدين بمخالفة جنائية وحكم عليه بالحبس مع وقف التنفيذ من تولي حقيبة وزارية في الحكومة).
وسيكون أمام الوزير درعي في حال كان هذا قرار المحكمة، إما أن يمثل أمام رئيس لجنة الانتخابات المركزية، القاضي يتسحاق عميت (وهو من قضاة المحكمة الإسرائيلية العليا)، للحصول منه على قرار بمسألة جواز تعيينه وزيرا في الحكومة بعد البتّ بأن مخالفته وقرار الحبس مع وقف التنفيذ الذي فرض عليه لا يشكلان "وصمة عار" تمنع مشاركته في الحكومة بمنصب وزير، وإما أن تتجه كتل الائتلاف الحكومي إلى تسريع تشريع تعديل قانون صلاحيات المحكمة العليا، وإدخال "فترة الغلبة" التي تمنح الكنيست حق إلغاء قرار المحكمة.
- ثانيا: ينطلق السيناريو الثاني من فرضية عدم تدخل القضاة بتعديل قانون الحكومة الأساسي المذكور، مع الحكم بأن تعيين درعي "غير معقول" بالاستناد إلى حجة عدم منطقية التعيين.
وبما أن هذا الاحتمال هو الأكثر واقعية بالنظر إلى مداولات المحكمة أمس، فإن نتنياهو سيضطر إلى فصل درعي من وزارتي الداخلية والصحة. كما ستسارع الحكومة إلى إقرار تعديل يلغي هذا المسوّغ من التشريع القانوني القائم يعيد تعيين درعي وزيرا في الحكومة من جديد، دون أن يكون بمقدور المحكمة رفض هذا التعيين على الأساس المذكور، بعد حذفه من سجل القوانين.
وفي هذا السياق، ينبغي التذكير بأن إلغاء مبدأ "عدم منطقية تعيين ما أو قرار حكومي ما" يدخل في صلب التغييرات التشريعية التي أعلن يريف لفين أنه يعتزم تنفيذها في سياق حملة "ثورة التعديلات القضائية".
- ثالثا: ينطلق السيناريو الثالث من اتجاه المحكمة إلى عدم التدخل كليا بقانون أساسي (واحد من جملة قوانين تعرف في إسرائيل بقوانين أساسية ويتم التعامل معها بمثابة دستور الدولة)، ولا تحكم بإلغاء تعيين درعي وفق مبدأ "عدم منطقية التعيين"، إلا أن محافل قانونية وقضائية مطلعة تقدر أن القضاة سيحاولون البحث عن طريقة قانونية تلزم الوزير درعي بالتوجه والمثول أمام لجنة الانتخابات المركزية كي يبت رئيس اللجنة، القاضي يتسحاق عميت، بمسألة "وصمة العار"، وعدم ثبوتها عند الحكم بالسجن مع وقف التنفيذ.
وبما أن نتنياهو أعلن أمام المحكمة، وفي محافل أخرى، أنه لا يرى أن المحكمة تملك صلاحيات للبت في هذا الملف، وأن عدم وجود درعي في الحكومة سيهدد استقرارها، فمن المرجح أن يضطر نتنياهو في حال أقرت المحكمة عدم جواز تعيين درعي إلى إقالته من الحكومة، وإدخال التعديلات اللازمة على قانون صلاحيات المحكمة، المعروف بـ"فقرة التغلب"، بما يتيح له إعادة تعيينه دون أن يخشى تدخل المحكمة من جديد، بعد أن يكون بمقدور الكنيست الالتفاف على قرارات محكمة العدل العليا.