31 دولة تدين جرائم حقوق الإنسان في مصر ودائرة السيسي تتأهب للردّ

12 مارس 2021
أشرف السيسي على حملة واسعة النطاق ضد المعارضة السياسية (فتحي بلعيد/ فرانس برس)
+ الخط -

دعت دول غربية، اليوم الجمعة، مصر إلى وضع نهاية لملاحقة الناشطين والصحافيين، ومن تعتبرهم معارضين سياسيين، بموجب قوانين مكافحة الإرهاب، كما حثت القاهرة على الإفراج عنهم من دون قيد أو شرط.

وكانت الولايات المتحدة، التي تتمتع بوضع مراقب في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، من بين 31 دولة وقعت على البيان المشترك بشأن مصر، وهو الأول منذ 2014، والذي دعا الحكومة إلى رفع القيود المفروضة على حرية التعبير والتجمع.

وأشرف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على حملة واسعة النطاق ضد المعارضة السياسية، تم تشديدها في السنوات الأخيرة. وقال إنه لا يوجد سجناء سياسيون في مصر، وإن الاستقرار والأمن لهما أهمية قصوى.

ممثل "العفو" الدولية: إعلان اليوم يوجه رسالة واضحة للسلطات المصرية مفادها أن العالم لن يغض الطرف بعد الآن عن حملتها لسحق المعارضة السلمية

 

وعلم "العربي الجديد" أن تكليفات رسمية صدرت من الدائرة المقربة لنظام السيسي، لدوائر دبلوماسية وقانونية، بإعداد ردود على الانتقادات الدولية والأممية التي وردت خلال بيانات رسمية في الفترة الأخيرة، لأوضاع حقوق الإنسان في مصر.

وصدر الإعلان المشترك عن حكومات 31 دولة، بينها أهم 5 دول دعمت السيسي هي أميركا، وألمانيا، وفرنسا، وإيطاليا، وبريطانيا، وتم تقديمه اليوم أمام مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، وأعربت فيه الدول عن "القلق العميق" إزاء انتهاكات حقوق الإنسان واسعة النطاق التي ترتكبها السلطات المصرية في ظل إفلات مستمر من العقاب.

وسلط الإعلان المشترك الذي ألقته فنلندا بالإنابة، ضمن فعاليات الجلسة الحالية الـ 46 للمجلس، الضوء على "القيود المفروضة على حرية التعبير والحق في التجمع السلمي، والتضييق على المجتمع المدني والمعارضة السياسية"، كما أدان "استخدام قوانين مكافحة الإرهاب لمعاقبة المعارضين السلميين".

دعت الدول المنضمة للإعلان المشترك إلى "المساءلة والإنهاء الفوري للإفلات من العقاب"

 

وقالت سفيرة فنلندا لدى الأمم المتحدة في جنيف كريستي كوبي: "إننا نشعر بقلق بالغ إزاء تطبيق قانون الإرهاب ضد نشطاء حقوق الإنسان والمثليين والصحافيين والسياسيين والمحامين".

وأضافت في بيان مشترك باسم 31 دولة أوروبية بشكل رئيسي "نحث مصر على إنهاء استخدام تهم الإرهاب لإبقاء المدافعين عن حقوق الإنسان ونشطاء المجتمع المدني في الحبس الاحتياطي المطوّل".

وقال مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بهي الدين حسن إن "إعلان 12 مارس ينهي سنوات من غياب العمل الجماعي داخل المجلس بشأن مصر، رغم التدهور الحاد لأوضاع حقوق الإنسان فيها"، وأضاف: "على الدول أن تحذر الحكومة المصرية، على نحو ثنائي أو مشترك أو من خلال المجلس، من أنها لن تحظى بتفويض مطلق لحبس وتعذيب وانتهاك الحق في الحياة".

 

وكانت أكثر من 100 منظمة حقوقية حول العالم قد خاطبت في بيانٍ مشترك الدول الأعضاء بالأمم المتحدة مطلع عام 2021، محذرة من أن الحكومة المصرية تحاول إبادة منظمات حقوق الإنسان والقضاء على الحركة الحقوقية المصرية من خلال هجمات مستمرة منهجية واسعة النطاق. وقد طالبت المنظمات الدول الأعضاء بتبني قرار أممي بتشكيل آلية للمراقبة الدولية بشأن مصر.

وبحسب بيان لمنظمات دولية حقوقية، فإن إعلان 12 مارس، والذي جاء في إطار البند الرابع من جدول أعمال المجلس والخاص بإثارة المخاوف بشأن الانتهاكات الجسيمة والمنهجية لحقوق الإنسان، "يُعدّ خطوة مهمة يُفترض أن يتبعها تحرك ملموس يضمن تحقيق هدفها، لا سيما أن آخر إعلان مشترك صدر عن الدول الأعضاء بالأمم المتحدة بشأن مصر كان في مارس 2014، بمبادرة من أيسلندا وتوقيع 26 دولة أخرى، ومنذ ذلك الحين تدهورت حالة حقوق الإنسان في مصر بشكل كبير".

منظمات دولية حقوقية: في ظل حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي، قضت السلطات المصرية فعلياً على مساحات التعبير والتجمع السلمي والحق في تكوين الجمعيات

 

ويقول البيان إنه "في ظل حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي قضت السلطات المصرية فعلياً على مساحات التعبير والتجمع السلمي والحق في تكوين الجمعيات. وارتكبت قوات الأمن بتواطؤ مع المدعين العموم والقضاة جرائم الاعتقال والاحتجاز التعسفي، ومحاكمة الآلاف، بمن في ذلك مئات المدافعين عن حقوق الإنسان وحقوق الأقباط، والمتظاهرين السلميين، والصحافيين والأكاديميين، والفنانين، والسياسيين، والمحامين".

وقد سبق أن أقرّ فريق الأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي بأن الاحتجاز التعسفي أضحى ممارسة ممنهجة في مصر. كذلك تعرّض كثيرون للإخفاء القسري والتعذيب وسوء المعاملة والاحتجاز لأشهر أو لسنوات في ظروف احتجاز غير إنسانية دون محاكمة، على خلفية اتهامات لا أساس لها تتعلق بالإرهاب. وقد أُدين العديد منهم في محاكمات جائرة، منها محاكمات عسكرية وأخرى جماعية، وحُكم على بعضهم بالإعدام، استناداً إلى اعترافات تحت التعذيب. كذلك استخدمت السلطات المصرية قوانين معيبة بدعوى (حماية قيم المجتمع) لاعتقال واحتجاز الناشطات، والناجيات من العنف الجنسي، والشهود، وأعضاء مجتمع الميم.

ويقول ممثل منظمة العفو الدولية لدى الأمم المتحدة بجنيف كيفين ويلان إن "إعلان اليوم يوجّه رسالة واضحة للسلطات المصرية مفادها بأن العالم لن يغض الطرف بعد الآن عن حملتها لسحق المعارضة السلمية. وعلى السلطات المصرية اتخاذ إجراءات عاجلة امتثالاً لالتزاماتها بموجب القانون الدولي، وإطلاق سراح الآلاف من الرجال والنساء المحتجزين بشكل تعسفي، وحماية المحتجزين من التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة، وإنهاء قمع النشاط السلمي".

 

من جانبها، دعت الدول المنضمة للإعلان المشترك إلى "المساءلة والإنهاء الفوري للإفلات من العقاب" وطالبت مصر بوقف "انتهاكات الإجراءات القانونية الواجبة للمحاكمات العادلة"، بما في ذلك الاستخدام المفرط "للاحتجاز المطول السابق للمحاكمة، وضم المحتجزين لقضايا جديدة بتهم مماثلة بعد انتهاء المدة القانونية لحبسهم الاحتياطي".

ويقول مدير مكتب "هيومن رايتس ووتش" بجنيف جون فيشر إنّ "تنبيه المجلس لحالة حقوق الإنسان في مصر ومعالجة الانتهاكات بشكل صحيح يُعدّ أمراً بالغ الأهمية لضمان استقرار مصر على المدى الطويل وصون كرامة شعبها".

وضم إعلان 12 مارس المشترك حكومات كلّ من أستراليا والنمسا وبلجيكا والبوسنة والهرسك وبلغاريا وكندا والتشيك والدنمارك وإستونيا وفرنسا وفنلندا وألمانيا وأيسلندا وأيرلندا وإيطاليا ولاتفيا وليختنشتاين وليتوانيا ولوكسمبورغ وهولندا ونيوزيلندا والنرويج وسلوفينيا وإسبانيا والسويد وسويسرا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية وجمهورية الجبل الأسود (مونتينيغرو) وكوستاريكا. (ويمكن لحكومات أخرى الانضمام لاحقاً إلى هذا الإعلان خلال أسبوعين من تاريخ انتهاء الجلسة الحالية للمجلس في مارس الجاري).