وأضافت المصادر أن سعد الدين بات بلا صلاحيات حقيقية خلال دورَي الانعقاد الماضيين للبرلمان، ما دفعه للحديث أكثر من مرة مع رئيس البرلمان للتدخّل بلا جدوى، لافتة إلى أن ناجي أثار حالة من الغضب لديه، حين رسخ لدى النواب أنه الآمر الناهي تحت القبة، الأمر الذي اضطرهم إلى الوجود داخل مكتبه بشكل شبه يومي لإنهاء طلباتهم، سواء من رئيس البرلمان أو الحكومة. وتابعت أن نفوذ ناجي يضاهي حالياً نفوذ المستشار سامي مهران، الذي شغل منصب مدير مكتب البرلمان لأكثر من 20 عاماً، وبرأته محكمة الجنايات في القاهرة من تهمة الكسب غير المشروع، مضيفة أن انتماء الأمين العام الجديد لمجلس النواب إلى الاستخبارات العامة سيقلّص بالضرورة من صلاحيات ناجي، ويُعيد التوازن إلى منظومة العمل داخل البرلمان، بعد التخلص من سعد الدين الذي عاد إلى عمله القضائي، منتدباً في إعارة كقاضٍ إلى دولة الإمارات.
وحسب المصادر، فإن سعد الدين تقدّم باستقالته إلى عبد العال منذ قرابة ثلاثة أشهر من دون أن يبت فيها إلا أمس، على ضوء تعرضه لضغوط كبيرة إزاء ترتيب الدفع بمشاريع القوانين وإقرارها، بناءً على تعليمات من دائرة رئيس جهاز الاستخبارات، والتي تُحرك ائتلاف الأغلبية النيابية المسمى "دعم مصر" من وراء ستار، مبينة أن دور الانعقاد السابق شهد خلافات بين الأمين العام المستقيل ورئيس البرلمان للأسباب ذاتها.
وآثر سعد الدين الابتعاد عن بعض المراسم الاحتفالية في نهاية الدورة البرلمانية الماضية، على الرغم من ظهور أعضاء الأمانة العامة الآخرين، فضلاً عن رفع يديه عن مسؤولية توزيع تأشيرات الحج المهداة من السفارة السعودية في القاهرة سنوياً لأعضاء مجلس النواب، والتي تجاوزت ألفي تأشيرة مجانية لهذا العام، تولى مدير مكتب عبد العال مهمة توزيعها على أعضاء المجلس بعيداً عن الأمانة العامة، في تقليد غير مسبوق.
وتُعد مسألة تعيين لواءات من الجيش من خلفية استخبارية لمنصب الأمين العام لمجلس النواب أمراً غير مألوف لهذا المنصب، الذي كان يشغله دوماً رجل قانون، على غرار سامي مهران في مجلس الشعب السابق، والأمين العام لمجلس الشورى السابق، المستشار فرج الدري. مع أنه تمّ إلغاء منصب مجلس الشورى بموجب دستور 2014، إلا أنه من المقرر أن يعود قريباً باسم جديد "مجلس الشيوخ"، وفق ما أقرته التعديلات الدستورية الأخيرة. وسبق أن نشب خلاف حاد، بين وزير الشؤون النيابية السابق، مجدي العجاتي، وعدد من قيادات ائتلاف الأغلبية في البرلمان نهاية عام 2015، والذين اتهموه بمحاولة فرض وصايته على النواب، في أعقاب قراره بإقالة لواء الجيش السابق، خالد الصدر، من منصب الأمين العام لمجلس النواب، واستبداله بقاضٍ من مجلس الدولة (أحمد سعد الدين)، على الرغم من أن الأول كان مدعوماً من الدوائر والأجهزة الأمنية.
ولم يتناول الإعلام المصري اسم الصدر على مدار عام كامل شغل خلاله منصب الأمين العام، إلا لدى إصداره قراراً بإقالة ونقل عشرات الموظفين، الذين تم تعيينهم في البرلمان من عام 2011 إلى 2013، بدعوى انتمائهم إلى جماعة "الإخوان المسلمين". وكان الصدر قد تولى منصبه بتزكية من مسؤولين عسكريين، فرضوه على وزير الشؤون النيابية السابق، إبراهيم الهنيدي، المعروف بانحيازه لذوي السلطة. وحاول الصدر، وهو لواء استخبارات سابق، فرض نفوذه داخل أروقة مجلس النواب، واتخاذ أدوار أكبر من صلاحياته، إذ انفرد بوضع هيكل جديد للمجلس استُحدثت فيه قطاعات جديدة، في ظل دمج موظفي مجلسي الشعب والشورى السابقين، ما سبّب خلافاً حينها مع العجاتي، الذي رفض اعتماد هذا الهيكل الجديد، واعتبره غير قانوني، لأنه من اختصاص هيئة مكتب مجلس النواب عقب انعقاده.
ويمتلك الأمين العام لمجلس النواب صلاحيات واسعة بموجب القانون والأعراف البرلمانية الراسخة، منها تسلم مشاريع القوانين من أعضاء المجلس، وعرضها على هيئة مكتب البرلمان لاتخاذ قرار بإدراجها على جدول الجلسات العامة، في حالة استيفاء الشروط المحددة لائحياً، وكذا تسلم الأدوات الرقابية النواب من بيانات عاجلة، وطلبات إحاطة، وأسئلة، وإرسالها إلى وزارة الشؤون النيابية لعرضها على الحكومة. وتتلقى الأمانة العامة للبرلمان ردود الوزراء الممثلين للحكومة على طلبات النواب، وإيفادهم بها، فضلاً عن تحديد مواعيد الجلسات العامة، واجتماعات اللجان النوعية، بالتنسيق مع هيئة مكتب مجلس النواب، إضافة إلى التواصل مع مسؤولي الاتصال السياسي للوزارات المختلفة، لتحديد مواعيد ثابتة لمقابلة أعضاء الحكومة في مكاتبهم، لإنهاء الطلبات المتعلقة بدوائر النواب الانتخابية.
وتتكوّن الأمانة العامة لمجلس النواب من الأمانات والإدارات والأقسام الداخلية في الهيكل التنظيمي للجهاز الفني والإداري والمالي، الذي يصدر بقرار من مكتب المجلس، وتتولى الأمانة العامة أداء الأعمال اللازمة لمعاونة المجلس، وأجهزته البرلمانية، في مباشرة اختصاصاتها، ومسؤولياتها. وطبقاً للهيكل الوظيفي في مجلس النواب، فإن الأمانة العامة تتبع رئيس المجلس مباشرة، مثلها مثل الوكيلين، ويتبعها كل من أمانة شؤون الجلسات، وأمانة شؤون الأعضاء، وأمانة البحوث والمعلومات، وأمانة الشؤون المالية والإدارية.