توافد المئات من المتظاهرين إلى ساحة الكرامة وسط مدينة السويداء لليوم الثامن والثلاثين على التوالي، فيما استقبل الشيخ حكمت الهجري، الرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز، مئات المتضامنين معه لتحقيق المطالب التي دعا إليها وأهمها تطبيق القرار الدولي 2254.
ورصد "العربي الجديد" ثلاثة حوادث لافتة متعلقة بالحراك في السويداء حيث فُصل طالب من إحدى مدارس مدينة السويداء بسبب كتابته (يسقط الأسد) على جواله المحمول، كما قامت وزارة التربية التابعة للنظام السوري بإنهاء تكليف مديرة المكتب الصحافي في إحدى مديرياتها بسبب منشورات على صفحتها مساندة لأهل السويداء، كما دهم عدة أشخاص منزل عضو في حزب البعث ببلدة القريا، جنوب غرب السويداء، وجرى احتجازه لساعات بسبب إنشاء حسابات وهمية ضد الحراك.
وقال الناشط الإعلامي، هاني عزام، لـ"العربي الجديد" إن "الحراك الشعبي في ساحة الكرامة بالسويداء مستمر بنفس الزخم والحضور والثبات في الخطاب السياسي ومطالبه في تنفيذ القرار الدولي 2254 بشكل رئيسي والتشديد على وحدة الأرض والشعب السوري. وأصبح من الواضح أن المتظاهرين يردون بشكل يومي على كافة الانتقادات والتهم التي تبثها وسائل الإعلام الرسمية والموالية من خلال الشعارات واللافتات التي يتداولونها بين الأيادي طوال فترة التظاهر".
وأضاف عزام أن "اللافت في الحراك تشذيب الهتافات والأناشيد ومخاطبة النظام الحاكم بوصفه عصابة أو طغمة حاكمة وليس أشخاصا، وكذلك إعادة أناشيد التراث المحلي بعبارات وكلمات تناسب تتطلعات الحراك، وفي هذا الجانب تُبدع النساء وتحضر الأناشيد لأيام الجمعة حيث الحشد الكبير، والجميل في أيام الحراك تواجد أعداد كبيرة من المحامين والأطباء والمثقفين عموماً ومشاركتهم في معظم نشاطات الحراك".
وحول الأثر الذي حققه الحراك على المدى القريب، قالت سما القضماني، اسم مستعار، "من نتائج الحراك هو السقوط الضمني لمنظومة الحزب الواحد المتحكم بمفاصل القرارات الأمنية والخدمية، إضافة إلى وضوح الرأي العام في السويداء بتأييد الحراك وبدا ذلك من خلال خلو الساحة من أي مظاهر أو تجمعات مناهضة للحراك على غرار السنوات السابقة، إذ كان الشارع يتحرك حتى لو بدفع تحريضي من قبل السلطة لمواجهة أي صوت مناهض لها وقمعه".
وأضافت القضماني "لا يمكن أن يتم توقع السيناريو المستقبلي بدقة، ولكن أثر الفراشة قد تحقق بدليل أن النظام حائر ومتخبط في كيفية قمع الحراك، ما يشير إلى أن هناك تغييرا ما سيحصل حتى لو بمستوى أقل من المطالب العالية السقف، ولكن أرى أفقاً لتحقق اللامركزية الإدارية حتماً".
الفنان التشكيلي وأحد فناني الانتفاضة، فادي الحلبي، عبر في حديث لـ"العربي الجديد" عن أمله بأن تتجاوب السلطة مع مطالب السوريين والبدء بخطوات نحو حل سياسي ينهي معاناة الشعب المنكوب "حتى وإن كنا لا نعول كثيراً على ذلك، إذ إن هذه السلطة لا ترى ولا تسمع إلا ذاتها وتصر على أنها منتصرة حتى على نفسها وشعبها، ولا تعرف من خيارات المعرفة الإنسانية والأخلاقية إلا الحلول الدموية، وعلى العكس تزيد الوضع الاقتصادي سوءاً يوماً بعد يوم، وهذا ما يعيه المنتفضون بشكل جيد ويصرون على الخروج يومياً إيماناً منهم أنه لم يعد هناك أي أمل يلوح في الأفق ببقاء الوضع على ما هو عليه".
وحول الأثر الذي حققه الحراك يرى الحلبي أن الحراك حقق أثراً كبيراً سواء على الصعيد المحلي أو الوطني أو العالمي ويعتبر أن "الأنظمة المستبدة تسقط حين تسقط في عقول أبناء الشعب وهذا الأثر المحلي"، مضيفاً: "نحن اليوم أمام صورة أوضح وأكثر وعياً لما حدث في الاثني عشر عاماً الماضية بل ربما في الستين عاماً الماضية، من حيث إدراك الناس أن كل الشعارات التي تبناها النظام لم تكن سوى أكاذيب منمقة عاطفية استأثروا من خلالها بثروات البلاد والسلطة وسخروها لقمع أي فكر حر".